رحيل الشاعر الألباني علي بودريميا يخيم على أجواء ختام مهرجان أصوات المتوسط

لوديف- اختتم مهرجان أصوات المتوسط في لوديف الفرنسية فعالياته في جو تراجيدي لم يحسب له المنظمون حسابا، بعد أن عثر على الشاعر الألباني علي بودريميا المشارك بالمهرجان ميتا في الأحراش المحيطة بالبلدة، وهو الذي اختفى منذ اليوم الأول للمهرجان بعد قراءته الشعرية بجوار النهر دون أن يترك خبرا.اضافة اعلان
 استمرار غياب بودريميا، وعدم رده على اتصالات إدارة المهرجان جعلتها تقرر الاتصال بالشرطة المحلية التي بدأت مع سكان المنطقة البحث عن الشاعر، مع توزيع صوره في كافة أرجاء المدينة، وخيمت بذلك أجواء اختفاء الشاعر الألباني المعروف على المدينة الفرنسية الهادئة وعلى أجواء المهرجان الدولي في دورته الخامسة عشرة.
اليوم قبل الأخير من المهرجان حمل خبرا وقع وقوع الكارثة خاصة على المقربين من الشاعر، بعد أن وجدت الشرطة المحلية جثة الشاعر في الأحراش على تخوم البلدة.
وكان الشاعر الذي أتم السبعين من العمر يعاني من مشاكل في الذاكرة، الأمر الذي جعله يمشي في المكان ناسيا طريق العودة، حيث وجدت الشرطة جثته دون أي آثار لمقاومة أو اعتداء من أحد مما يدل على أنه مات ميتة طبيعية.
فنّد القضاء الفرنسي وجود أي شبهة جنائية في مقتل الشاعر، وأقام المنظمون حفلا تأبينيا للشاعر الراحل حضره مدير الشرطة المحلية وابن الفقيد الذي جاء من كوسوفو والقنصل الألباني في لوديف. وقدم الشاعر مارك تولوز منظم المهرجان كلمة تأبينية باسم المهرجان، كما تحدث ابنه عن مكانة والده وقيمته الأدبية والأسرية، وأتبع ذلك كلمات تأبينية من عدد من الشعراء المشاركين عبروا فيها عن ألمهم لهذا الفقد المفاجئ خاصة أن الشاعر يعتبر من أهم الشعراء الألبانيين المعاصرين.
الشاعر السبعيني الراحل، مثل كوسوفو في العديد من المحافل الثقافية الدولية، واستطاع أن يكون لسانها المعبر عن واقعها وأوضاعها. واعتبرت إدارة المهرجان الفرنسي أن بودريميا يعتبر من أهم شخصيات الشعر الألباني المعاصر ومن مؤلفاته "ظل الأرض" (1971) و"ابتسامات داخل القفص" (1994).
وقالت أكاديمية كوسوفو للعلوم والفنون إنه على مدار أكثر من نصف قرن عكست أشعار بودريميا ألم وآمال كوسوفو، كما قال الرئيس الألباني إن بودريميا قدم البلاد للعالم، ووفاته تعد خسارة لكل كوسوفو.
ورغم الأجواء الحزينة التي خيمت على المهرجان الدولي، إلا أن الفعاليات المميزة والمختلفة لم تتوقف خلال أسبوع المهرجان، حيث قدم الفنان الفلسطيني عبد المنعم عدوان حفلا موسيقيا لفرقة كورال كونها من أهالي البلدة، وهو مشروع أطلقه قبل ما يقارب العام وصار له فرق كورال في عدة مدن فرنسية. والملفت أن المشاركين في الكورال غالبيتهم من الفرنسيين أو من ذوي الأصول العربية، وكلهم لا يتكلمون العربية إلا أنهم يغنون التراث العربي بطلاقة وانسيابية.
كما تجمع عدد من الشعراء وأصحاب دور النشر لمناقشة علاقة الثورات والديمقراطية مع الكتابة الشعرية في العالم العربي، وتحدثت في هذا الإطار الشاعرة المصرية جيهان عمر عن أن الأوان ما زال مبكرا على رؤية تغيير حقيقي على الأدب، وأوضحت أن السبب الرئيسي لنزولها الميدان كان صرخة أحد المتظاهرين تحت شرفة بيتها الكائن في التحرير التي زلزلتها، حينما قال "يا أهالينا انضموا لينا".
وتحدث فرانسوا زابال رئيس تحرير مجلة "قنطرة" الصادرة عن معهد العالم العربي في باريس عن علاقة المبدع بالسلطة، مشيرا إلى الشعراء الذين كانوا يُدعون من قبل رؤساء ديكتاتوريين للمشاركة في مهرجانات أدبية في دولهم، وتحدث الشاعر المالطي كارل شكمبري عن واقع الشعراء في غزة من خلال مشاهداته والضغوط التي يعانونها جراء مصادرة حرية التعبير والإبداع، موضحا أن حلم الكثير من المثقفين في غزة الآن هو حضور أمسية موسيقية أو شعرية دون أن يتم إيقافها.
يذكر أن الدورة الخامسة عشرة من مهرجان أصوات المتوسطي قلصت هذا العام عدد المشاركين الذين يصلون عادة لنحو ثمانين مشاركا إلى نحو خمسين، نظرا للمشاكل الاقتصادية التي تمر بها المنطقة كما أوضح الشاعر مارك تولوز، الذي ذكر أن رحيل الشاعر الألباني صادر الفرحة باختتام دورة من أجمل الدورات على حد وصفه.-(وكالات)