رد روسيا على الهجمات بدمشق يضع إسرائيل محل اختبار

هآرتس بقلم: عاموس هرئيل 20/6/2022 الهجمتان اللتان نسبتا إلى إسرائيل، والتي أصيب فيها هذا الشهر المطار الدولي في دمشق، لم تمر بدون ضرر دبلوماسي معين. الأحد الماضي اتضح ان روسيا تبلور مشروع قرار في مجلس الأمن بحيث يتضمن ادانة للهجومين وتحذيرا من زعزعة الاستقرار الاقليمي ومسا بالسيادة السورية. هذه خطوة روسية ثانية، بعد محادثة توبيخ لسفير إسرائيل في موسكو في الأسبوع الماضي. وحسب تقرير جيلي كوهين من هيئة البث كان، فإن احتمالات نجاح روسيا في تجنيد أغلبية لهذا القرار ليست مرتفعة. الولايات المتحدة وأعضاء دائمين آخرين في المجلس من شأنهم أن يعارضوا مشروع القرار الروسي، والذي بالتأكيد يكسر رقما قياسيا ما في النفاق، في الوقت الذي تخرب فيه بنى تحتية وتقتل آلاف المواطنين في الحرب التي فرضتها على أوكراينا. وحتى الآن الخطوة الروسية تدلل على أن موسكو تواصل معارضتها للهجمات الإسرائيلية في أراض سورية وانها لن تمر مر الكرام على الهجمات المتعمدة لمركز حكم بشار الأسد. حقيقة أن الأسد بنفسه يقف رأس النظام السوري لا تهم الروس. إسرائيل لا تستطيع أن تتجاهل تماما الاحتجاج الروسي حتى ولو بسبب وجود طائرات لسلاح الجو الروسي في شمال غرب سورية وأيضا بسبب العدوانية التي يظهرها الكرملين في خطواته في الساحة الدولية. من المرجح أن الرد الروسي الشديد مرتبط أيضا بخيبة أمل موسكو من أن إسرائيل تحاول السير بين النقاط وعدم اتخاذ موقف صريح بخصوص الحرب في أوكراينا. للمفارقة، إسرائيل تتعرض أيضا لنقد من الولايات المتحدة لأنها لا تسوي خطها مع الغرب وتدين بصورة صريحة العدوان الروسي ضد أوكراينا. الحذر الإسرائيلي هو كبير جدا. إلى درجة انه أرسل إلى اللقاء الشهري الذي تجريه وزارة الدفاع الأميركية في أوروبا، لتنسيق المساعدة الأمنية لاوكراينا، في الأسبوع الماضي، موظف بمستوى متوسط في وزارة الدفاع. إسرائيل أوهمت نفسها طوال سنين بأن الهجمات في سورية ستنجح في نهاية الأمر في دق اسفين في الحلف الثلاثي ما بين روسيا وإيران ونظام بشار الأسد. من الواضح تماما أن هنالك التقاء في المصالح وأن الرئيس الروسي بوتين لا يذرف دمة عندما تقيد إسرائيل خطوات إيران في سورية. ولكن رغم الفوارق بين موسكو وطهران فإن لكلتيهما مصلحة واضحة في استمرار وجود النظام. في المكان الذي فيه تتحدى الخطوات الإسرائيلية مباشرة الأسد، أو تعرض للخطر حسب رأي بوتين، الاستقرار النسبي في سورية، فإن روسيا ستدخل. الاحتجاج الروسي الرسمي يطرح ثانية علامات تساؤل بخصوص درجة المخاطرة والفائدة الكامنة في استمرار سياسة ( المعركة بين حربين ) الإسرائيلية. الهجمات المتكررة على المطار أضرت بمسارات الاقلاع واخرجتها من العمل طوال عدة أسابيع. يبدو انه كان هنا إشارات واضحة للأسد، على خلفية محاولات متكررة لإيران لتهريب "منظومات دقيقة" لتطوير الصواريخ الموجودة بأيدي حزب الله في لبنان. عن طريق حقائب اليد للمسافرين المتجهين من أوروبا الى سورية. ولكن " المعركة بين حربين " مستمرة منذ عقد تقريبا، وربما ان نتيجتها ليست عالية مثلما كانت في الماضي. المستوى السياسي وجهاز الامن سيضطران إلى دراسة هل استمرار الهجمات لم يتم من خلال ميل إلى البقاء ومواصلة وضع ثابت دون تغيير (يهاجمون لأنهم يستطيعون) وإذا تطلب الأمر إعادة فحص للسياسة وللتعقيدات المحتملة النابعة منها. فعليا، لقد سبق مررنا بهذه التجربة عدة مرات. حماس وضعت هذه المواقع قبل سنين والجيش الإسرائيلي غير منزعج منها بشكل خاص. عندما يريد هذا التنظيم الفلسطيني إطلاق قذيفة هاون أو استخدام قناصة، فإنه يختار لرجاله نقاط اختباء أفضل. هناك يكمن الخطر الأمني الحقيقي. الخطر الذي يتعرض له سكان المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للحدود تقريبا لا يتأثر من وجود برج أمامهم. السؤال ليس درجة المخاطرة (القليلة) الذي يشكلها برج كهذا أو ذاك، بل ما هو الوضع الأمني الحالي في مستوطنات غلاف غزة (حاليا معقول جدا، إذا اخذنا بالاعتبار البدائل). هذا لم يزعج قنوات التلفزة في أن تملأ دقائق في نشرات منتهى السبت الطويلة والمنهكة، بمساعدة مادة اخرى مهندسة ليس فيها قيمة كبيرة. حماس كعادتها استغلت الوضع. في نفس ذلك اليوم اعيد اقامة البرج من جديد وفي اليوم التالي علق عليه يافطة كبيرة وفيها تهديدات بعبرية مكسرة. اليافطة ترى ايضا من الجانب الإسرائيلي – وبالتأكيد ستثير الآن بعض المخاوف الزائدة في القطاع أو على الالق في وسائل الاعلام. باختصار، النقاش كله هامشي، ولكن اذا اصبح مطلوبا من الجيش الإسرائيلي الانشغال بهذا الأمر فمن المفضل ان يقوم بعمله كاملا وليس بنصفه فقط.اضافة اعلان