رسائل لم يسمعها الرئيس ترامب

 قبل أن يجف الحبر الذي كتبت به بيانات واتفاقيات القمم الثلاث؛ السعودية الأميركية، ودول مجلس التعاون الخليجي مع أميركا، واخيراً القمة العربية الإسلامية الأميركية كانت أزمة غير متوقعة وغير مسبوقة تندلع بين دول الخليج وقطر بسبب حديث منسوب لأميرها الشيخ تميم، والشيء المؤكد أيضاً أن القمة العربية الأميركية أشعلت أزمات مكتومة ظلت بعيدة عن الإعلام، وربما يعود السبب لهذا التململ أجندة القمة وأولوياتها التي ربما لم تحظ بالتوافق، ونقل أن بعض الدول لم تطلع على البيان الختامي قبل إعلانه.اضافة اعلان
بالنتيجة السعودية كرست وجودها كزعيم للعالم العربي والإسلامي من خلال الشراكة والتحالف مع الرئيس الأميركي ترامب، وفي الغالب لا ينازعها وينافسها على الزعامة أي من البلدان العربية بعد الواقع الصعب الذي تعيشه مصر، والحروب والصراعات التي تنهش العراق وسورية.
لا يعرف إلى أين ستنتهي الأزمة المتصاعدة بين قطر ودول الخليج، والواضح أن الإعلام يضرم النار ويؤججها، والظاهر للعيان أن قطر تتلقى الضربات بصبر وصمت، وما تزال حتى الآن تتنصل من الحديث المنسوب للأمير وتشير إلى أن ما يجري مؤامرة ضدها دبرت بليل؟!
الأزمة الخليجية باعتقادي تهدف إلى تقليم اظافر قطر بشكل نهائي، بحيث تنتهي هوامشها في المناورة، خصوصا في الملفات الإقليمية، ومعروف أن قطر خضعت في السنوات الثلاث الماضية للرؤية السعودية في إدارة الملف السوري وتركت لها القيادة، لكنها ما تزال "تشاغب" في علاقاتها مع مصر، وتحتفظ بعلاقات وثيقة مع الاخوان المسلمين وحركة حماس، وتتناغم مع تركيا وتغازلها كثيراً، ولها قنوات اتصال مع إيران، وقبل ذلك وبعد ذلك استمرار قناة الجزيرة بتمردها ورفضها أن تتماهى مع الإعلام السائد. 
القمة العربية الإسلامية الأميركية أسمعت إيران رفضها لمحاولات التدخل وإشعال الفتن والصراعات الطائفية في العراق وسورية واليمن ولبنان، وعززت الموقف والقوة السعودية والخليجية بمواجهتها وهذا ربما يكون مطلوباً، ولكنها بالغت واختزلت كل الأزمات والملفات العربية بالخطر الإيراني، في وقت كان الشعب الإيراني يعيد انتخاب روحاني رئيساً له في إشارة يجب أن تلتقط للبناء عليها لعلها تنتج مصالحة وتسوية أقليمية.
كثيرة هي الرسائل التي كان يجب على القمة العربية الإسلامية الأميركية أن تسمعها للرئيس الأميركي الجديد ترامب، وأولها أن يتوقف عن معاداته للعرب والمسلمين، وأن يتخلى عن سياساته وأوامره بحظر السفر لأميركا، وأن يعتذر عن احاديثه السابقة حول الدول الإسلامية.
باستثناء الملك عبدالله الثاني الذي ذَكّر بالقضية الفلسطينية وعدالتها وضرورة حلها، فلقد غاب عن القمة إبلاغ ترامب بأن إسرائيل دولة محتلة تمارس أبشع الجرائم بحق شعب أعزل، وبأنها تمارس إرهاب الدولة بقتلها للفلسطينيين وحصارهم وتشريدهم.
تجاهلت القمة الحديث عن أهمية التنمية في العالم الثالث، وبأن حل مشكلات الفقر والبطالة أهم بكثير من صناعة الأسلحة والطائرات، فمحاربة الجوع أكثر نجاعة في تجفيف منابع الإرهاب من قصف الصواريخ والطائرات.
لم تبعث القمة في السعودية بكثير من الرسائل إلى الرئيس الأميركي وأهمها أن الصفقات التي تبرم معه لها ثمن، وتقايضها بمواقف تتوقعها، وأولها عدم نقل السفارة الأميركية للقدس، والقبول بحل الدولتين، وإنهاء الاستيطان.
انتهت القمة العربية الإسلامية الأميركية وأول نـُذرها الأزمة مع قطر، فيما المستفيد الرئيس ترامب الذي يواجه حصاراً داخلياً للإطاحة به دستورياً.
فهل ستحصد السعودية ثمار قمتها أم يذهب ترامب ولا يحصد العرب غير رهانات وأوهام على من يخلصهم من مخاوفهم وأزماتهم؟