"رسالة إنسان" الجزائرية: عندما يبحث الإنسان عن حقيقته بضمير حيّ

مشهد من مسرحية "رسالة إنسان" الجزائرية التي عرضت في المركز الثقافي الملكي
مشهد من مسرحية "رسالة إنسان" الجزائرية التي عرضت في المركز الثقافي الملكي

سوسن مكحل

عمان- عرضت ضمن فعاليات مهرجان فيلادلفيا الحادي عشر للمسرح الجامعي العربي أول من أمس المسرحية الجزائرية "رسالة إنسان" لفرقة "مرايا" من جامعة قسنطينة، وذلك على خشبة مسرح محمو ابو غريب بالمركز الثقافي الملكي.اضافة اعلان
وباحت المسرحية التي ألف نصها الكاتب العراقي هادي المهدي وأخرجها ميلاد صلاح الدين على الخشبة عبر شخصياتها بما يكنه الإنسان وما يريد الوصول إليه، متطرقة الى كافة الجوانب السياسية والاجتماعية والعربية التي يعايشها المواطن العربي والجزائري على وجه الخصوص.
وفي الوقت الذي تأخذك فيه أجواء المسرحية التي تبدو فلسفية الطرح إلى موضوع الوجودية بطرق عديدة وجدوى الحياة في ظل كل ما يمر به الإنسان، إلا أنها توقعك مباشرة بالتفاصيل التي تود البوح بها.
في البداية تتوحد الشخصيات بصلة صداقة وقرابة ثم يختلفون وينفجرون ويظهر جليا ما وظفه المخرج في طريقة ارتداء اللونين (الأبيض والأسود)، قاصدا الموت والحياة، وربما الحقيقة والظلام وكثيرا من اللفتات التي رأى المخرج بمسرحيته التجريبية أن يقدمها على الخشبة.
تظل تلك الشخصيات تعيش في ظل الظلام محاولة فهم تلك الظروف المحيطة، وترتبط بشخصيات أخرى هربا من الوحدة، لتعود كما جاءت منعزلة عن الآخر في بحثها عن تفسير حقيقي لما يحدث وما سيحدث.
وتطرقت المسرحية بشكل مباشر إلى ما آلت إليه الظروف حاليا في الجزائر، وهي تبدو تطويع من قبل المخرج جرى بوقت قصير في تصوير مسؤول يعاني مشاكل صحية وله جنوده الموظفين لخدمته.
حتى المعارض جرى احتواءه مقابل الصمت والتصفيق، ولربما حجم الصمت مدفوع الثمن، ويكون أكثر عندما تكون معارضا بارزا، وهي تنصيص واضح لما يحدث في الجزائر حاليا.
وتستعرض المسرحية حالات نفسية متشعبة بالحديث عن الأسرة؛ الزوجة والإبنة والمتشردة في مكان واحد يجمعهم عند منصة "الموت"، وهي الملجأ الوحيد للخلاص كما يتضح، والذي أصبح في نظر البعض مجرد تمثيلية تصوّر على أجهزة الهاتف النقال لإثراء المشهد.
أسباب الموت كثيرة، فلماذا يستعجل الإنسان موته؟ هذا ما قدمه أحد المشاهد حين تحاول الشخصيات الانتحار ومن ثم التراجع ربما بالوقت الحالي فقط.
وتتواصل المشاهد بعرض لشخصية مصيرية لرجل يسأل ويجوب الطرقات بحثا عن إجابة توحد العمل بطريقة ما وتفسّر تلك الظروف التي تعيشها الشخصيات الأخرى على الخشبة، ويقف منتظرا الأجوبة ويكتب الرسائل.
الرسائل التي يطالب بها المسلوب الإرداة قد يعتقد البعض أنها مادية بالوقت التي حملت فيه العمل اسم  "رسالة إنسان"، فكانت الرسائل إنسانية بحته موجهة بالدعوة إلى "الله" في أن يزيل الحروب والعنف والدمار ويشيع المحبة والوفاء والخير.
وتتواصل الأحداث بأن يصرّ الرجل على حمل رسالته للرب فينتحر، وتظل الشخصيات الأخرى تنتظر الإجابة ولا إجابة ولا حلول، ويعودون محملين بأسباب موت أخرى ينتظرون نهاية أو خاتمة في ظل تسابقهم على الكرسي وعلى المنصب.
مسرحية "رسالة إنسان" الجزائرية مباشرة في طرحها برغم عمق الدلالات والرمزيات التي تحمل تفسيرات بفضاء كبير تتسع لأن تكون مشابهة لكل حالات الأوطان العربية وحتى الأفراد والشعوب.
هذا الفضاء المحكي والممسرح الذي وضعه المخرج في محاولة لمعالجة نفسية الإنسان، ترك بالتأكيد الأثر الأكبر في أهمية الغوص بالحياة والعيش فيها أينما حلّ وأينما كان وبسلام.
سينوغرافيا العمل كانت متناسقة من إضاءة وديكور بسيط طوّع لخدمة العمل، فيما جاء أداء الممثلين متفاوتا إلا أنه لم يؤثر على الصيغة الكاملة للعمل المسرحي.
العمل من تمثيل؛ بودربالة أيوب، بودماغ محمد الصديق، عباسي ياسمين، نجاعي عبد الجليل، سيراوي هاجر، ميلاط صلاح الدين، يوسفي سوسن. تقني الصوتيات زيات أبو بكر الصديق، تقني إضاءة قلقولة وليد، سينوغرافيا بودربالة أيوب واخراج ميلاط صلاح الدين.
وتتنافس عروض الجامعات المحلية والعربية على جوائز مهرجان فيلادلفيا للمسرح الجامعي العربي في دورته 11، الذي يستمر حتى الخامس والعشرين من الشهر الحالي.
والجوائز هي؛ أفضل ممثل دور أول، وممثلة دور أول، وممثل دور ثاني، وممثلة دور ثاني، وأفضل إضاءة، وأفضل نص مسرحي، وأزياء، ومكياج، وموسيقى، وعرض متكامل، وإخراج، وتمثيل جماعي، وتقنيات، وأداء حركي، وسينغرافيا، والتحكيم الخاصة، والمهرجان الخاصة.