رسالة الملك.. ثورة على الترهل والفساد

زايد الدخيل

عمان - أجمع مراقبون على ان حديث جلالة الملك عبدالله الثاني، خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس السياسات الوطني اول من امس، جاء ليعيد التركيز والتشديد على المحاسبة والمساءلة والمراجعة لآلية العمل الحكومي والنهج الحكومي، وان المنصب ليس للترضية وإنما للخدمة العامة.اضافة اعلان
واكدوا خلال حديثهم لـ"الغد" أن وقوف جلالة الملك على ادق التفاصيل وإشرافه المباشر ومتابعته المستمرة لتداعيات وتبعات حادثة مستشفى السلط الحكومي وازمة كورونا، ساهم إلى حد كبير في ادارة الازمة بشكل مميز.
ويقول مدير التوجيه المعنوي السابق العميد المتقاعد ممدوح العامري، ان جلالة الملك اكد في حديثه أننا "نريد من يمتلك الخبرة والمعرفة والمقدرة على خدمة الوطن وفوق كل ذلك نريد من يخاف الله في الوطن والمواطن، نريد الرجل المناسب في المكان المناسب وهذه مسؤولية السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الوزراء والوزراء. نريد مسؤولًا همه الأول خدمة الوطن بعيدا عن المحاصصة والجغرافيا والعلاقات الشخصية، فالأردن أكبر من الجميع وخدمته وخدمة مواطنه شرف ما بعده شرف".
واضاف، "لقد وصلنا إلى حالة من الترهل الاداري في مؤسسات الدولة لا يمكن السكوت عليها ولا بد من معالجتها معالجة عاجلة وجذرية فالجرح يحتاج الى تنظيف وتعقيم وهذا مؤلم ولكنه شرط للشفاء".
واشار العامري الى ان غضب وعتب جلالة الملك بدا واضحا، وحديثه كان موجها للمسؤولين الذين حضروا الاجتماع، فضلا عن الرسالة الموجهه الى الجهاز الاداري والتنفيذي في الدولة ايضا، "فمن كان على قدر المسؤولية وعلى استعداد للعمل بكفاءة وإخلاص وتفان فعلى الرحب والسعة والا فليترك المجال لمن يستطيع وهم والحمدلله كثر في وطننا الغالي".
بدوره، يقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية الدكتور خالد شنيكات، ان حديث جلالة الملك عبدالله الثاني، خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس السياسات الوطني، جاء ليعيد التركيز والتشديد على "المحاسبة والمساءلة والمراجعة لآلية العمل الحكومي والنهج الحكومي، وان المنصب ليس لترضية وإنما للخدمة العامة".
واضاف، جلالته اكد ان من لا يستطيع ان يعمل عليه أن يتنحى جانباً لإعطاء الفرصة أمام الكفاءات الوطنية لأخذ مكانه والقيام بواجباتها، وان الاردن "قادر على هزيمة التحديات الصحية التي فرضها وباء كورونا، وقادر على هزيمة التحديات الاقتصادية".
ورأى شنيكات ان الأردن الذي مر بتحديات كثيرة خلال مئويته الاولى، واستطاع تجاوزها سيتجاوز هذه التحديات وذلك بالإيمان بالشعب، وهو امر اكده جلالته.
وتابع، وكان قد سبق هذا الحديث حديث لجلالة الملك عبدالله الثاني بضرورة مراجعة القوانين الناظمة للحياة السياسية أيضاً، الامر الذي يتطلب من الحكومة فهم جوهر وروح هذه الأحاديث، من خلال مراجعة السياسات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وتدشين عصر جديد من المكاشفة والعلانية، وإحداث تغييرات جذرية في الإدارة، وتفعيل سيادة القانون، وتنظيم الجهاز الإداري على أساس الكفاءة، والشروع بإجراء تعديلات على قانون الانتخاب والأحزاب، وتعزيز العمل المؤسسي الحكومي بعيدا عن العشوائية والتخبط، وإنما باستقطاب الكفاءات وإعادة هيكلة القطاع العام وذلك لتجديد الدماء بهدف رفع سوية القطاع العام وتحسين مستوى أدائه.
وأشار ايضا الى أهمية جذب الاستثمارات الخارجية، وتقييم السياسات الحكومية تجاه وباء كورونا بما يضمن الموازنة بين الصحة والاقتصاد بهدف التقليل من الآثار السلبية التي سببها الوباء.
ويقول شنيكات ان المؤسسات الدستورية عليها أن تقوم بواجباتها ووظائفها التي قررها الدستور، "فالقضاء منوط به تطبيق القانون، ومحاسبة المقصرين، والبرلمان منوط به دستورياً المراقبة المستمرة والمحاسبة للحكومة، والحكومة منوط بها تنفيذ السياسة العامة، وتعزيز أدائها، وهكذا، فالكل يجب أن يقوم بما هو مطلوب منه وفقا للدستور والقانون".
من جهته يقول الخبير القانوني رياض الصرايرة، ان حديث جلالته "يعد رسالة موجهة لكل فاسد ومهمل بعمله ورفضه، كون المنصب ليس للترضية أو للمجاملة، بل لخدمة الأردنيين بإخلاص، كما يحمل حديث جلالته في طياته رسائل لكل أصحاب القرار، ورسالة طمأنينة بأن الأردن سيتجاوز جائحة فيروس كورونا المستجد على وجه السرعة".
ويقول الصرايرة، إن جلالته قالها بشكل صريح وصارم بأن "الترهل الإداري الذي نشهده مرفوض جملة وتفصيلا وسيحاسب كل مقصر في عمله"؛ لافتاً إلى الواسطة والمحسوبية التي آلت لهذه النتيجة سواء في القطاع العام أو الخاص، فيما المملكة التي تعبر المئوية الثانية كانت معروفة بتصدير العقول والكفاءات لبناء المنظومات في كافة العالم العربي والعالم.
وشدد الصرايرة على ان حديث جلالته بضرورة أن يكون كل مسؤول أو موظف، كبيرا أم صغيرا، على قدر المسؤولية، وإلا فليترك المجال لمن يريد أن يخدم الأردن والأردنيين، هي رسالة لكل أردني يسابق الزمن والعمل بإدارة جديدة بأسلوب مختلف من أجل بناء وتنمية ومستقبل للأردن يبهر الداخل قبل الخارج.