رسالة من الكرملين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينت.-(وكالات)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينت.-(وكالات)

معاريف

دانييل راكوف 25/7/2022

اضافة اعلان

في نهاية الاسبوع نشر أن وزارة العدل الروسية توجهت بطلب لوقف عمل الوكالة اليهودية في روسيا. في الاسابيع الاخيرة نفت الوكالة المنشورات عن طلب اغلاق نشاطها في روسيا واتخذت خطا إعلاميا غامضا بموجبه تعمل على تسوية الخلافات مع السلطات الروسية. النشر الروسي الآن يوضح عمق الازمة.
في العقد الأخير يوجد نشاط لمنظمات غير حكومية في روسيا تحت رقابة متشددة، خوفا من التدخل السياسي في الشؤون الداخلية. وزارة العدل تتبع مباشرة الرئيس الروسي ومعقول التقدير بانها ما كانت ستطلب وقف نشاط الوكالة دون علم الكرملين. ونظرا لمركزية الموضوع اليهودي على جدول الاعمال الإسرائيلي – الروسي، ينبغي أن نرى في ذلك رسالة سياسية الى القدس. صحيح أن الوكالة اليهودية ليست مؤسسة حكومية رسمية لكنها منظمة شبه رسمية. وبصفتها هذه، فانها هدف مريح للضغط. رسميا، المحكمة في موسكو تعنى بمسألة روسية داخلية، ودولة اسرائيل ليست طرفا فيها. هذا يشبه قضية نوعاما يسسخار التي عرضت في روسيا كحالة خاصة لمواطنة تجاوزت التشريعات المحلية في مجال المخدرات. ينخرض الضغط على الوكالة في صيد الساحرات واغلاق وسائل اعلامية مستقلة، منظمات وجميعات من الخارج تعمل في روسيا. ومؤخرا وقع بوتين على مئة قانون جديد بينها قانون يقلص المعاير للتعريف كـ "عميل اجنبي" وقانون يوسع سبب الاتهام بالخيانة. منظمات اسرائيلية ويهودية في روسيا تمتعت في السنوات الاخيرة بحصانة جزئية من ملاحقة كهذه بفضل علاقات موسكو والقدس، والصورة التي طورها الرئيس الروسي وتفيد بان "بوتين جيد لليهود".
بخلفية الضغط على الوكالة يوجد الابتعاد التدريجي لاسرائيل عن روسيا. وفي الايام الاخيرة اقتبس عن السفير الروسي في اسرائيل قوله ان دخول لبيد الى مكتب رئيس الوزراء "يخلق مصاعب"، عقب تصريحاته الحادة كوزير الخارجية ضد الغزو الروسي لاوكرانيا. لا يوجد سبب يجعلنا نصدق النفي الذي نشر فورا لاقواله. نقد داخلي متزايد لوزارة الخارجية على اسرائيل في الموضوع السوري ، الفلسطيني بل وفي مواضيع الممتلكات المسيحية في القدس في الاشهر الاخيرة – يجسد ان جدول الاعمال الثنائي مفعم بتضاربات المصالح، وعلى رأسها قرب اسرائيل من الغرب وصراعها ضد ايران، حيث زار بوتين في الايام الاخيرة.
ومع ذلك، لا تريد روسيا شرخا مع إسرائيل، الدولة المؤيدة للغرب، التي خرجت عن طورها كي تواصل خوض حوار مع موسكو وامتنعت عن العقوبات. ان التقارب الروسي – الايراني مقلق، لكنه حذر. مثلما في عهد نتنياهو، يدمج بوتين البادرات والضغوط في علاقاته مع اسرائيل. وفتح الاجراء يؤشر الى رغبة روسية في رافعة ضغط متواصلة. المحاكم في روسيا مستقلة على الورق، وستفعل ما توجه لعمله. وقرارها لن يكون نهاية تامة – قابل للنقض، وحتى اذا ارادت وزارة العدل، فهذه ليست ضمانة لعدم فتح اجراء قضائي في المستقبل.
بضغط بوتين على الوكالة فانه يؤشر لاسرائيل الا تبتعد جدا عن موسكو، وهو غير مستعد بالضرورة لمقابل ملموس. الخطوة تجسد لماذا هي اسرائيل مطالبة باشهر الحرب في اوكرانيا باتخاذ خط سياسي حذر، ويجب مواصلة التمسك به. وفي نفس الوقت، ليس مجديا لاسرائيل السعي الى حوار على مستوى عالي مع الكرملين في المسألة بل خوض حديث من خلف الكواليس، ليس بشكل علني، خشية أن يعتبر الامر كضعف فيزيد قوة المساومة الروسية.

*مقدم احتياط باحث مختص بروسيا في معهد القدس للاستراتيجية والامن (JISS)