رضوان: "معابر الصحراء" لقندور رواية تكسر التابوهات السياسية والأمنية

مدني قصري

عمان- في احتفالية أدارها الكاتب عبدالله رضوان في منتدى الرواد الكبار مساء أول أمس الاثنين وقّع الكاتب والمخرج السينمائي الأردني العالمي محيي الدين قندور روايته الجديدة "معابر الصحراء" التي يوثق فيها أحداثا حقيقية كان العراق والأردن مسرحا لها خلال الغزو الأميركي للعراق. اضافة اعلان
وقدم رضوان نبذة عن حياة وأعمال الكاتب قندور داخل الوطن وخارجه، لينتقل بعد ذلك إلى التعريف بمضمون هذه الرواية التي وصفها بالعمل الإبداعي النادر فأتقن المؤلف تصوير أبطالها ولم يقصر في رسم أدق تفاصيل أحداثها المتسلسلة وشخصياتها بشتى ألوانها وأطيافها ودوافعها.  
ويلخّص قندور الرواية قائلا: "هي سردٌ للأحداث عما "يمكن أن يكون قد حدث" لاستعادة هذه التحفيات الفنية القيَّمة". وفي هذا القول خلاصة لما حوته الرواية من أحداث وثّقها الكاتب بلغة واضحة وإيقاع متناغم مع إيقاع الأحداث المتسارعة. لقد جاءت هذه الأحداث على خلفية صحفية اطلع عليها الكاتب بالصدفة: "كتبت صحيفة "الجوردان تايمز" الأردنية الناطقة باللغة الإنجليزية في عددها الصادر يوم 23 حزيران 2008 ما يلي: "كانت لحظة من الأمل المتجدد لدى مسؤولي الآثار في العراق حينما أعيدت إليهم 2466 قطعة أثرية قيَّمة يوم الأحد، وكانوا يخشون أنها قد فقدت إلى الأبد. لقد وصف مسؤولو الآثار والخبراء الهجوم على المتحف الوطني العراقي بأنه يحمل مؤشرات عملية سرقة منفذة بدقة أكثر منها عمليات سرقة عشوائية من الرعاع".
 لقد كان إذنْ لهذا الخبر الصادر عن هذه الصحيفة الأردنية صلة بهذه الرواية التي استهلها قندور بكلمات شكر للرجل الذي كان دليله في معرفة خلفيات هذه القصة والوصول إلى دقائقها فنسج من خيوطها روايته الرائعة: "أخص بالشكر الكولونيل المتقاعد هارولد غرانفيل الذي كان يخدم في العراق خلال أحداث هذه الرواية. لقد زوّدني بالمعلومات عن التسلح وأنظمة المراقبة الجوية ووظائف أجهزة الاستشعار المتناهية الصغر. أما الاستخدامات التي استقيتُها من تلك المعلومات فهي من نسيج خيالي".
تعرّف الكاتب قندور على هذا الموظف العسكري الأميركي المتقاعد ذات يوم في عمّان، بالصدفة، وفي اليوم التالي قرأ في الصحيفة المذكورة، وبالصدفة أيضا، خبرَ عودة القطع الأثرية المهربة إلى العراق، فخطر له أن يعاود الاتصال بالكولونيل لكي يتقصى منه حقيقة الأمر، ففعل، فأبدى العسكري الأميركي استعدادا طيبا للتعاون معه، مؤكدا له صلته المباشرة بتلك العملية وتفاصيلها، ومُطَمْئنا إياه بأن الأمر بالنسبة إليه ليس سرا بعد أن صار متقاعدا. وفي إثر هذا اللقاء نزل الكولونيل ضيفا على حساب الدكتور قندور لمدة خمسة أيام كاملة فكانت هذه الضيافة فرصة لكي يطلع قندور على أسرار تلك الأحداث وتفاصيلها، ويوثقها، لكي يرويها لنا اليوم في عمله الروائي المميز الجميل "معابر الصحراء".   
وفي كلمته قدّم الكاتب قندور ملخصا لخلفيات الرواية التي جاءت بوحي الصدفة كما قال، وقص حكاية التقائه بالكولونيل الأميركي المتقاعد الذي لم يبخل عليه بأسرار عملية تهريب القطع الأثرية العراقية التي كان لعيون أجهزة الأمن الأردنية الساهرة دور مهم في العثور عليها وإعادتها إلى أصحابها.  
وفي النهاية قدّم عبد الله رضوان قراءة نقدية للرواية التي وصفها بالملحمة، لِما تميزت به من جودة عالية في تصوير الشخصيات وملامحها الدقيقة، ومن جرأة عالية في كسر التابوهات السياسية والأمنية معا، ومن مهارة فائقة في تسمية الأشياء بأسمائها في صدق وموضوعية، من دون لف أو دوران، ومن إتقان بارع في بناء النموذج الذي يجعل القارئ يقرأ الشخصية وأغوارها وكأنها ماثلة أمامه. لكن الناقد رضوان لم تفته الإشارة إلى جانب سلبي في الرواية وهي لغة الترجمة التي جاءت ركيكة أحيانا فلم تكن لغة المبدع وإنما لغة الترجمة التي لم يكن للمؤلف ذنب فيها على أي حال..  
عمل الدكتور محيي الدين قندور في مجال إدارة الأعمال مع شركات متعددة الجنسيات في نيويورك ولندن ولحوالي خمسة وثلاثين عاما كمدير تنفيذي، ومدير أو مستشار فيها. وقد قضى أربع سنوات من بداية سبعينيات القرن الماضي ككاتب سيناريو ومنتج ومخرج أفلام في هوليود. كتب عدة أعمال غير روائية وثلاث عشرة رواية تاريخية. ونال قندور ميدالية الصليب الذهبي القيمة (فوزرا جدينيني روسي) في موسكو عن إسهاماته في الثقافة في روسيا الفدرالية. وقد تلقى كذلك لقب وميدالية "مؤلف الشعب" (نارودني بيزاتل) في العام 2008 في الفدرالية الروسية. هذا فضلا عن خبرته الطويلة في مجال تربية الخيول العربية والشركسية، وسباقاتها العالمية، وقريبَا سيرأس الدكتور قندور لجنة التحكيم السينمائي في مهرجان السينما الذي سيقام في تركيا.
وكانت رئيسة منتدى الرواد الكبار هيفاء البشير رحبت بالروائي محيي الدين قندور، وبالحضور والإعلاميين الذين جاؤوا للاحتفاء بمبدع أردني وعالمي تميز بإبداعاته المتعددة في مجالات الرواية والسينما والموسيقى، وليشاطروه فرحة توقيع روايته الجديدة التي يوثق فيها أحداثا تاريخية، ويقدّم من خلالها أيضا تفاصيل تاريخية واجتماعية عن شعوب القوقاز وما قدّمته، ومنها الشركس على الخصوص، من دور كبير ومن ولاء عظيم دائم في بناء الأردن.