رغم 18 عملية جراحية.. الطفلة ليلى ما تزال بانتظار الحياة

figuur-i
figuur-i

مزن السفاريني

عمان- ليلى، وكان نصيبها من اسمها قاسيا. بين ليلة وضحاها تحوّل مصيرها إلى كارثة. طفلةٌ في ربيع العمر لم تتجاوز الرابعةَ عشرَ من عمرها. تعاني منذ عام 2015 مشكلةً صحيّة. أخضعت لسلسلة عمليات جراحية في المستشفى. استسلم الجسد الصغير الغضّ اللين لمقصّ الأطباء، طلباً للنجاة والحياة.اضافة اعلان
في البداية، امتنعت ليلى عن الحديث، بدت طفلة صغيرة فاقدة لرغبة البوح. جلّ رغبتها الاستسلام للنوم. ألم الجسد الواهن يفوق قدرة أيّ شخص على الاحتمال. جسدها منهك وممّزق كأشلاء فوق السرير.
خضعت ليلى لعمليات جراحية، وعلاج دام عامين. ومن رحلة علاج لأخرى خيط الأمل يتقطّع شيئا فشيئا. سؤالٌ واحدٌ تصدّر المشهد الأليم: كيف حدث ما حدث لطفلة تعاني من حصر البول؟ من المسؤول؟!
ليلى ابنة الأربعة عشر ربيعا، دخلت المستشفى برفقة والدتها. طفلة تعاني عجزاً في التبوّل، أدى لتفاقم حالتها سوءاً. أجريت لها تحاليل كان مفادها؛ تعطّل في الكلية اليمنى. تلقّت على إثره علاجاً مستمّراً وتشخيصاً من الأطباء متواصلا. آراء الأطباء المتناقضة، زادت حالتها الصحيّة حرجاً وأدت لتفاقم وضعها، وتعطّل الكلية اليسرى جزئيا بنسبة 40 % على قدرتها على أداء وظائفها.
هذا اليوم؛ انتقلت بعد معاناة طويلة لتبحث عن علاج في مستشفى (المقاصد) في فلسطين برفقة والدها. فقدَ والداها القدرة على توفير مصاريف علاجها في المستشفى برغم محاولاتهم الحثيثة؛ فالأب عامل بسيط، باع منزله في الزرقاء لتغطية تكاليف العلاج التي كانت أكبر بكثير من تضحياته، بل أكبر حتى من ثمن منزله، وأكبر من الأمل في حياة طبيعية لـ"ليلى".
أصبح الأمل في أعينهم جميعا ترفاً بعيداً، فليلى تعاني من ألياف على المثانة بين الشرايين والأوردة، يصعب استئصالها. تقنية الإشعاع النووي أدت لتفاقم حالتها سوءا. غيبوبة تلو أخرى أصابت المريضة مرارا وتكرارا، وتشخيص طبيّ تلو آخر متناقض ومتضارب، جعل والديها على مفترق الحيرة واليأس والخوف وفقدان الأمل. "أنا لا أخاف الموت. مات بقربي أطفال كثيرون؛" تقول ليلى. "أين تريدين الذهاب بعد مغادرة المستشفى؟ تردّ بحماس طفولي: أريد العودة إلى المدرسة".
خلال العامين؛ خضعت ليلى لثماني عشرة عملية جراحيّة، تسببت بتشوّه في الشقّ الأسفل من جسدها، والآن تعيش على أربطة داخل جسدها، كي تتمكّن من العيش فقط. في آخر تطور، تعرّضت لجلطة في رجلها اليمنى لانسداد في الشرايين، وشخّص الأطباء حالتها مجدّدا بأنها تعاني من كيس على المعدة يستدعي تدخلا جراحيا عاجلا.
أخيرا؛ فقدت ليلى ابنة الأردن كلّ سبيل للعلاج، فغادر أهلها متجّهين إلى فلسطين، لا مال، ولا منزل، ولا شفاء. ذهبوا بلا أمل بعد استنادهم على كل الطرق الممكنة. ذهبوا باحثين عن مساندة نفسيّة ومادية بين أهلهم في الضفة الأخرى.
هذه ليست قصة ليلى والذئب. هذه ليلى؛ الطفلة طريحة السرير في المستشفى، بسبب عارض مرضيّ تحوّل بتشخيص الأطباء، إلى معاناة تلو أخرى أقرب للموت منها إلى الحياة. فمن الجاني في هذه الحادثة؟! وهل يمكن أن تعود ليلى للمربع الأول حين بدأت العلاج وهي تعاني من حصر للبول؟! قد يكون نصيبها أطباء آخرين قادرين على منحها الابتسامة مجدّدا.