ركود الصفراء عند الحامل حالة مرضية يمكن علاجها بالراحة النفسية والجسدية

ركود الصفراء عند الحامل حالة مرضية يمكن علاجها بالراحة النفسية والجسدية
ركود الصفراء عند الحامل حالة مرضية يمكن علاجها بالراحة النفسية والجسدية

 

عمّان - ركود الصفراء حالة مرضية وراثية عائلية حميدة تعاني منها بعض النساء خلال الحمل، وأهم أعراضها الحكة التي تزداد تدريجيا من دون أي مرض جلدي، وقد تنتهي الحالة بيرقان، أي اصفرار في العينين وفي الجلد  في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل، وتختفي بعد الولادة بساعات او أيام وفي معظم الحالات لا تؤثر سلباً على الأم ولا على الجنين.

اضافة اعلان

هذه الحكة عادة ما تبدأ في راحة اليدين والقدمين لتمتد الى الذراعين والرقبة والوجه، وفي حوالي 70% من حالات هذا المرض تظهر الحكة فقط خلال الأشهر الأخيرة من الحمل، ويكون البول غامقا والبراز شاحب اللون.

ورغم أن مرض ركود الصفراء عند الحامل حالة حميدة، إذ تبقى صحتها جيدة ولا تعاني من آلام ولا يوجد تضخم في الكبد ولا في الطحال، إلا أن الجنين أحيانا يعاني بسبب دخول الأملاح الصفراوية الى المشيمة، وكذلك قد تعاني الحامل في بعض الحالات من نزيف شديد بعد الولادة بسبب نقص فيتامين K.

ويقوم الكبد بإفراز دائم للإفرازات والأملاح الصفراوية التي تصل عن طريق القنوات الصفراوية الى الأمعاء الدقيقة، وهذه الأملاح الصفراوية لها أهمية كبيرة في امتصاص الفيتامين K، وهنالك عدة عوامل تخـثر تعتمد في تكوينها على الفيتامين K وهي عوامل التخثر الثاني والسابع والتاسع والعاشر.

لذلك في حالة وجود مرض الركود الصفراوي تقل كمية الإفرازات الصفراوية التي تصل الى الأمعاء، وهذا يؤدي الى نقص في كمية امتصاص الفيتامين K، مما يؤثر سلباً على إنتاج عوامل التخثر التي تعتمد عليه، وقد يؤدي الى ظهور فرفريه وكدمات Ecchymoses، اما عفوية او نتيجة تحريض وقد يظهر دمه او ورم دموي   Haematomas في أماكن بزل Puncture  الشرايين او الأوردة (في أماكن غز الإبر) او بعد حدوث أي رضة عارضة او جرح مهما كان صغيراً، وقد تعاني الحامل من نزيف شديد بعد الولادة.

ومن المعروف لدى الأطباء ان قياس (اختبار) زمن البروترمبين   Prothrombin time هو أفضل اختبار وطريقة لمعرفة مدى نقص عوامل التخثر.

ولا يوجد سبب معروف لمرض ركود الصفراء عند بعض الحوامل، وهناك أكثر من عامل يلعب دوراً في حدوث هذا المرض الوراثي العائلي.

وقد تظهر الأعراض نتيجة حساسية خاصة لخلايا الكبد على الاستروجين او لأن الحامل قد تناولت حبوب منع الحمل الاسترويدية ( Steroids  Contraceptives)، ومن المعروف أن مرض ركود الصفراء عند الحامل له قابلية للظهور مرة أخرى عند كل حمل.

تشخيص "ركود الصفراء" عند الحامل

الاشتباه بوجود هذه الحالة يتم عندما تعاني الحامل من حكة في جسمها ونجد عند تحليل الدم علامات ركود صفراوي متمثلة بزيادة البيليروبيين وارتفاع نسبة الفوسفاتيز القلوية والكوليسترول ودهون الدم الأخرى، وعند فحص المريضة سريرياً نجد أن حالتها الصحية العامة جيدة، ولا تعاني من سخونة أو مغص مراري.

ان تشخيص هذه الحالة عند الحامل لأول مرة قد يكون صعباً لهذا يجب استثناء التهابات الكبد الفيروسية والأمراض الأخرى التي تسبب الأعراض المشابهة، ويجب إجراء أشعة تلفزيونية "الالتراساوند"، لاستـثـناء وجود حصوات في كيس المرارة او في القنوات الصفراوية الأخرى في الكبد.

ان استمرار الحكة لأسابيع بعد الولادة مع استمرار ارتفاع الفوسفاتيز القلوية في الدم، يجعل عمل خزعة في الكبد إجباريا لاستثناء مرض تشمع الكبد الصفراوي الأولي، بالإضافة الى إجراء فحوصات دم أخرى مثل البحث عن الأجسام المضادة للميتـوكندريـا Mitocondrial  Antibody Serum، وفي حالة وجود هذا المرض فإن خزعة الكبد تبين وجود ركود صفراوي معتدل ولكن من دون علامات التهابية أو تغيير في هندسة الكبد.

علاج مرض ركود الصفراء عند الحامل

• الراحة النفسية والجسدية وتناول وجبات طعام قليلة الدهنيات.

• إعطاء فيتامين "K" في العضل لعلاج نقص هذا الفيتامين.

• استعمال دواء الكولستيرامين (Cholestiramine) عن طريق الفم من 6- 12 غراما يومياً والذي يعتبر دواء فعالا ضد الحكة ولكن من دون اختفاء علامات المرض في الدم.

• استعمال دواء (Ursodeoxicolic Acid) بجرعة غرام واحد يومياً عن طريق الفم، ويؤدي خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع الى تخفيض شديد للحكة، وكذلك يُحَسن علامات المرض في الدم، واستعمـال الدواء يسمح بالاستمرار في الحمل حتى نهايته من دون أية آثار جانبية على الأُم والجنين، والعلاج الأخير يعتبر حالياً أفضل علاج للركود الصفراوي أثناء الحمل، وبخاصة اذا ظهر المرض قبل الأسبوع الثاني والثلاثين من الحمل.

ويُستحسن أن تبقى الحامل التي تعاني من هذه الحالة المرضية تحت المراقبة لها ولجنينها واذا ظهرت علامات معاناة للجنين فقد يقرر اذا كان عمر الجنين يسمح بذلك، الإسراع بالولادة لإنهاء الحمل وإنقاذ حياة الجنين، اما بالولادة الطبيعية او باستعمال أدوية تعجل الولادة او بعملية قيصرية، رغم ان حياة الجنين بعد الولادة تعتمد على عمـره أثناء الحمل وعلى العناية الحثيثة بعد الولادة، ولا تتعارض حالـة الأم المصابة بهذا المرض مع الرضاعة الطبيعية.

                                                                      اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي والكبد

د. نعيـم أبـو نبعـة