رمضان في المشهد الدولي

ما إن يبدأ شهر رمضان في أنحاء العالم الإسلامي حتى ينصب نوع من الاهتمام على المسلمين في العالم، اهتمام متنوع في غاياته وأدواته، لكنه في محصلة الأمر يبدو ملفتا للنظر.

اضافة اعلان

يبدأ هذا الاهتمام من غير المسلمين، ولاسيما في علاقات الدول مع بعضها. فسفارات الدول غير الإسلامية، في معظمها تبدأ الاستعداد للمناسبة على أكثر من صعيد؛ فعلى الصعيد الرسمي تنقل إلى حكومات بلدانها انطباعا مفاده أن من المحبذ تقليل زيارات الوفود الرسمية لتلك الدول إلا إذا كانت الأمور هامة لا يجب تأخيرها.

على صعيد آخر تسعى السفارات النشطة إلى تنظيم إفطار تجمع فيه طيفا واسعا من النخب السياسية والأكاديميين، وهي خطوة تفسر في إطار سياسة التواصل مع المسلمين، ومحاولة إيصال رسالة تتعلق بأن الآخر يفهم ثقافتهم. وغير بعيد عن ذلك فإن هناك متابعة لنشاطات المجتمعات المسلمة في شهر رمضان، متابعة ربما تحاول فهم أنواع السلوك السائد لدى المسلمين، طبيعة النشاطات التي تقام، وكذلك فهم التغير الذي يطرأ على تلك المجتمعات حتى وإن كان ظاهريا.

المسلمون الذين يعيشون خارج فضاءات العالم الإسلامي الجغرافية، يلمسون نوعا من التواصل معهم من حكومات الآخر، تواصل يسعى إلى إقناع أولئك المسلمين بأن تلك الحكومات تفهم ثقافتهم وتعي طبيعة تدينهم. هذا التواصل ليس بعيدا عن سياق سياسة التواصل العامة التي تتبعها بعض الحكومات خارج تلك البلدان، لكنها تبدو هامة بالنظر إلى أنها تريد أن تعزز من ثقافة التنوع في مجتمعات تعتبر التنوع عاملا لقياس مدى ديمقراطية الدول.

رمضانات المسلمين التي تمر لا تختلف في ظاهرها، فمحورها الأساسي في سياق مشهد السياسات الدولي، وكما يراه كثير من المسلمين، هو تجاهل واضح لحقوق المسلمين وتهميش لهم. في غضون ذلك يتم تقسيمهم إلى مسلمين أخيار وآخرين أشرار، وهكذا يمكن تبرير أي تقدير يمكن أن يراه الأخيار، كما يمكن تبرير أي عنف وإقصاء يمكن أن يراه الأشرار وفق تلك التصنيفات.

أوقفت باكستان حملاتها على من سموا بـ"طالبان باكستان" خلال شهر رمضان، قرار يدخل في إطار احترام الشهر. قابله الطرف الآخر بالرفض، مسألة تبدو –ربما- ليست مهمة، لكنها في الحقيقة تعكس ثقافة خاصة وسائدة تتعلق بهذا الشهر في أنحاء العالم الإسلامي، ثقافة دفعت باتجاه أن يفتح معبر رفح بين مصر وغزة للسماح للعالقين على الجانبين بالمغادرة.

رمضان يبدو فرصة إلى إعادة تقديم صورة للنظام الدولي الذي نعيش فيه قائمة على انه يفهم خصوصية الثقافة لدى الآخر، وانه يحترمها، لكن هذه الصورة التي يحرص الآخر على تقديمها تفتقر إلى أدلة لإثباتها لا سيما مع سير الأمور في أكثر من بقعة في العالم الإسلامي من سيئ إلى أسوأ.

رمضان المسلمين يمر والكثير منهم يعاني أزمة غذاء حادة ابتكرها نظام دولي وسياسة دولية تريد الحياة الأكرم لأقلية، وحياة كفاف لأغلبية، مسألة ربما يعينهم رمضان في التعامل معها والتدرب على أن يكونوا جياعا، تدريب يبدو فيه التفاوت مذهلا إذا ما عرفنا أن غاية الصوم تريد التذكير بأولئك المحرومين لكن أزمة الغذاء العالمي تريد- ربما- تذكير المترفين  أن حل مشكلة المحرومين ربما يكون بالتخلص من المحرومين والفقراء، حل يبدو ليس بعيدا من أن يكون موضع اعتبار!!!

[email protected]