رمضان كريم

ليس مثل كل رمضان.. من المؤكد أن النفوس مكتئبة والمعنويات منخفضة، لكن الإيمان بالله لا يتزعزع مطلقا، والأردنيون يدعوون الله ليل نهار، بأن يزيل الكرب والغمة ويحفظ البشرية، وتعود الحياة إلى وضعها الطبيعي، فما من أحد كان يتصور أن يأتي شهر رمضان المبارك، في ظل هذه الظروف الاستثنائية، التي حرمت الناس من ممارسة شعائرهم الدينية في المساجد كما كان يحدث في كل عام، ومن ممارسة طقوس أخرى مرتبطة بالشهر الفضيل، من زيارة الأرحام وإقامة الولائم والسهرات، والسحور قبل بزوغ الفجر في المنازل او المطاعم الشعبية.اضافة اعلان
عمان.. حبيبة القلب والوجدان، كسائر المدن الأردنية الغالية، تعيش لحظات حزينة.. لا لون او طعم لها، بعد أن فرض فيروس كورونا كلمته على معظم دول العالم، وجعلها حبيسة الخوف من المرض والموت، والخشية لاحقا من خسائر اقتصادية تضاف إلى الخسائر البشرية الكارثية.
لا أمسيات رياضية ولا بطولات رمضانية تنشيطية، اعتاد عليها الأردنيون كل رمضان.. الصمت مطبق حتى على الشوارع.. ترى وجوه الناس مكفهرة وأجسادهم منهكة من ثقل الاكياس البلاستيكية التي يحملونها، ومن ثقل همومهم المعيشية.
كيف لرمضان أن يأتي ويمضي بدون صلاة التراويح في المسجد الحسيني، و»جمعة العيلة» و»تمر وخروب أبو علي»، والقطايف التي تسكبها يد البائع، وصحون الحمص والفول والفلافل، التي تفرض حضورها قبل دقائق من موعد الافطار، ومن دون تناول السحور في مطعم هاشم وسط البلد، والسهر في المقاهي وسط أجواء بهيجة؟.
هذه ليست عمان.. حبيبتي التي أعرفها منذ خمسة عقود.. عمان التي أعرفها كانت تتدفق حيوية وشبابا ومرحا، تعلوا فيها أصوات مآذن المساجد، وأبواق السيارات التي تقف في أزمة سير خانقة، وتلك الطوابير الطويلة من المواطنين الذين ينتظرون «الباصات» لنقلهم إلى بيوتهم قبل آذان الافطار.
نسأل الله العفو والعافية، وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، وأن يزيل هذا الكرب والوباء في أسرع وقت، لأن النفوس اشتاقت للمساجد وصلاة التراويح فيها، واشتاقت لممارسة حياتها الطبيعية من دون تصاريح وحواجز تفتيش، لا شك أنها وضعت لتنظيم حياة المواطنين وحفاظا على صحتهم في ظل هذا الظرف الصحي.
رمضان كريم.. ونسأل الله أن يأتي عيد الفطر السعيد، وقد ساد الفرح والسعادة قلوب الأردنيين والعالم بأسره.