رواية "سلام من صبا بردى" لخالد بريش تصور ظلمات السجون السورية

الرواية تلقي الضوء على عالم السجون السورية وأجوائها القاسية من وجهة نظر امرأة - (الغد)
الرواية تلقي الضوء على عالم السجون السورية وأجوائها القاسية من وجهة نظر امرأة - (الغد)

باريس  - يقدم الكاتب اللبناني المقيم في باريس خالد بريش في روايته الجديدة "سلام من صبا بردى (مرام)" عالم السجون السورية واجواءها القاسية من وجهة نظر امرأة لم ترتكب أي جرم لكنها دخلت السجن لسنوات طويلة تم خلالها تخريب كل ما له علاقة بالحياة من حولها مع انها لم تنخرط يوما في السياسة او المعارضة او العمل الحزبي.اضافة اعلان
ويقول خالد بريش لوكالة فرانس برس انه استند في كتابه الذي حوله الى رواية الى حكايات وتجارب عشر نساء ذقن قساوة السجن السوري حيث لا يعود الانسان انسانا بل يتم التعامل معه على انه شيء او حيوان "لقد قاطعت ما بين حكايات النساء العشر، وجعلتها تتداخل لاكتب رواية مرام التي تستند في وصف عذاب السجن الى وقائع فعلية تماما".
ويضيف الكاتب "آثار شتى انواع التعذيب نراها في عيون كل امرأة خارجة من براثن معذبيها وهناك اشياء تتعلق بفنون التعذيب لم آت على ذكرها في الرواية لشدة قسوتها".
اما عن تكرار قصص التعذيب الى درجة تدخل نوعا من الرتابة على الرواية فيؤكد الكاتب انها مقصودة و"جاءت لتصور رتابة السجن ويومياته وتكرار التعذيب على مدى اشهر طويلة".
كانت مرام شابة متعلمة ابنة عائلة متدينة وحفيدة رجل دين عرفه الجميع في احياء دمشق القديمة، ارتبطت بزوجها بطريقة تقليدية وكانت تعمل على تربية طفليها، لكنها فجأة ونتيجة وشاية كاذبة اقتلعت من هذا العالم الآمن واتهمتها المخابرات بانها تهرب السلاح لجماعة اسلامية متطرفة، مع اخيها الذي تمكن من الفرار.
ومن هذه اللحظة، تنقلب حياة مرام رأسا على عقب، وتصبح ملكا لاجهزة المخابرات، فتخضع لحلقات تعذيب يومية لا تنتهي، وتسرد الرواية ثلاثة اجزاء من حياتها: قبل السجن وهي المرحلة التي سبقت وصول عائلة الاسد الى السلطة، ومرحلة السجن وفصول التعذيب، ومرحلة العودة الى الحياة.
ويقول الكاتب "مرام هي كل امرأة سورية تمر امام الأمن، بل هي كل النساء العربيات في وطننا العربي... المراة في بيتها احيانا تعاني ما تعانيه المراة في السجن".
ويهدي خالد بريش روايته الى "كل اللواتي انتظرن طويلا اليوم الذي يسمعن فيه الهتاف الضارب بجذوره في اعماق التاريخ والمطرز بنفحات قدسية وهو ينطلق من حناجر المتظاهرين طلاب العزة والكرامة: الموت ولا المذلة".
خلال فترة السجن يبدو عذاب تفكيرها باولادها وزوجها واخيها وامكانية ان يكونوا اعتقلوا اكثر وقعا من التعذيب الجسدي والاغتصاب، كذلك عدم قدرتها على الصلاة في تلك الايام.
ويرى خالد بريش في مقدمة وضعها للكتاب ان الخمسينات والستينات في سورية شهدت الكثير من الانقلابات والصراع السياسي على السلطة ورغم كل شيء فان ذلك كان مؤشر صحة يؤكد على ديناميكية الشعب السوري.
اما حين استلم الاسد السلطة فدخلت سورية في حالة غير طبيعية من كافة النواحي، وعمل النظام على "تجيير كل ما في الوطن من خيرات ومقدرات ومناصب لمصلحة افراد عائلته وزبانيته الذين اخذوا يتصرفون بالوطن ومصيره وشعبه كحاجيات ورثوها"، بحسب تعابير الكاتب.
كانت مرام طوال فترة سجنها تواجه من منطلقاتها واخلاقها العالية عالما تخلى عن مبادئه واخلاقه وقيمه وبات محكوما بالشهوات والنزوات والفوضى وعطش السلطة.
تمضي مرام زهرة عمرها وشبابها في الدهاليز المظلمة، تتذوق الرعب والمهانة والمذلة والاغتصاب، في عالم لا يعرف الرحمة، وفي مكان يسميه الكاتب ساخرا، كما يفعل السجناء السوريون "المضافة الوطنية" او "فندق خمس نجوم" أو "السجون الحضارية" او "المنتجعات الوطنية".
في السجن تلتقي مرام بنساء اخريات كثيرات، منهن اعتقلن بغير ذنب او بهدف الضغط على اخ او ابن او زوج كي يسلم نفسه.
لكنها وبعد سنوات طويلة من النسيان تخرج مجددا الى الحياة بعد ان اصبحت سورية كلها "سورية الاسد" كما يشير الى ذلك بريش في المقدمة. وفي الفصل الاخير الذي يحمل عنوان "الانتقام" وبعد ان عملت مرام لاشهر كممرضة ومشرفة على الخدمات في مستشفى تنطلق الثورة فتتحول الى العمل في مستشفى سري.
صدرت "سلام من صبا بردى - (مرام)" عن مؤسسة الريان في بيروت، وحمل غلافها صورة التقطها شباب مدينة سراقب (ريف ادلب شمال غرب سوريا) لمكان يشبه السجن وخط عليه بالاحمر "اشد اللحظات ظلمة هي اللحظات التي تسبق الصباح".-(ا ف ب)