روبوت في مجلسنا!

الجملة المفيدة الوحيدة في الأردن حتى الآن هي: (تفضلوا على غداكوا)، فلا سياسيين يتحدثون عن انفراج أزمات، ولا اقتصاديين يتحدثون عن تجاوز أزمات، ولا برلمانيين يتحدثون عن رقابة ومحاسبة فعلية.اضافة اعلان
في الأردن، لا نجرؤ حتى على السرحان والتفكير، لأن زوجتك إذا شاهدتك سرحانا، فستعتقد أنك تفكر بالزواج عليها، وإذا ما شاهدك قريب لك وأنت تفكر، سيعتقد أنك موجوع وبتوّدع، أما إذا شاهدك رقيب سير تتأمل ما حولك فسيقوم بمخالفتك لعدم الانتباه، لذلك كان آخر اختراع أردني خدم البشرية، هو استخدام طناجر الألمنيوم في التقاط بث بعض قنوات الدول المجاورة قبل الستالايت.
في اليابان هم عكسنا تماما، فإذا ما سرح الواحد منهم أو فكر، يتركونه وشأنه، فبكل تأكيد سيكون نتاج التفكير إما هاتف يفتح على بصمة العين، أو حقيبة تلحق صاحبها من دون أن يمسكها بيده، أو قلم من دون حبر!
إذا انقطعت رجل أحدهم اخترعوا له رجلا إلكترونية، وإذا ما شعر أحدهم بالقلق اخترعوا له سريرا إلكترونيا، حتى من يشعر بالوحدة والضجر ولا يجد من يطبخ له اخترعوا له زوجة إلكترونية ليس لها أم إلكترونية حتى لا يكون هناك أي مصدر للنكد!
نعم اخترعوا كل شيء يساعدهم على أن يعيشوا حياة كريمة، مع أن مسؤوليهم لم يخصخصوا مقدرات اليابان ولم يبيعوا حتى مصنع معكرونة، ومع أن أكبر قضية فساد في اليابان هي أن أحد المسؤولين الحكوميين نسي أن يغلق سيفون الحمام في مؤسسته وأهدر الماء، ومع أن أحدا من نوابهم لم يعدهم بعد النجاح أن يعين أبناءهم في أمانة طوكيو وفيما بعد أخلف الوعد.
مع كل ذلك النقاء والطهارة والالتزام، إلا أن هناك روبوتا سيترشح لمنصب عمدة في اليابان؛ حيث إن هناك مقترحا باستبدال المسؤولين التقليديين بروبوتات تجمع بيانات المدينة، وذلك لضمان سياسات عادلة ومتوازنة وتنفيذها بسرعة أكبر، وقيادة الجيل المقبل بكفاءة عالية، والأهم أنها أقل عرضة للفساد. تخيل أن ننقل هذه التجربة الرائدة الى الأردن، وحين يأتي الروبوت لطلب الأصوات لن تكون مضطرا لتحضير المناسف بل كل ما سأقوم به هو تحضير وصلة كهرباء إذا ما انطفأ شحنه. لن يكون بإمكاني أن أطلب منه تزبيط الولد أو أي مطالب شخصية مقابل أصوات عائلتي، فعندها قد يلدغني شورت كهرباء وأصبح أمام الحاضرين صورة أشعة!
هذا الروبوت قد يفضحنا إذا ما أخذناه على رأس جاهة عروس، فهو لا يعرف الكذب والنفاق، وبدل أن يشيد بعائلة الفتاة وتضحياتها النبيلة من أجل رفعة الوطن، قد تكون البيانات المخزنة في ذاكرته تعاكس ذلك، وقد يقول أمام الحاضرين إن أبا العروس عليه مراجعة التنفيذ القضائي، وإن تعليم العروس للأسف سابع ابتدائي، وقد لا يسلم العريس نفسه من صراحته، وقد يبين لهم أن بياناته تشير إلى أنه مدخن ومديون وأنه يفكر من الآن ببيع ذهبها بعد الزواج لتسديد التزاماته!
هذا الروبوت، إذا ما حالفه النجاح، لن يسأل تحت القبة عن موسم الملوخية والباميا، ولن يكون مستعدا للرفش ببطن أي أحد، ولن يطلب إعفاءات طبية مقابل منح الثقة، هذا الروبوت سيسأل وسيراقب وسيستوجب الحكومة حتى عن صرف الماء لغسيل السيارات.