روسيا في سورية وتغير قواعد اللعبة

عززت روسيا وجودها العسكري في سورية في الأسابيع الماضية، ما يجعلها لاعباً مهما جداً في الأزمة السورية. إذ يُجمع المراقبون على أنه لولا هذه الخطوة النوعية من جانب روسيا، فإن النظام السوري كان سينهار خلال أشهر معدودة، بالرغم من الدعم الإيراني ودعم حزب الله اللذين لم يعودا قادرين على تمكين النظام من المحافظة على المناطق التي يسيطر عليها.اضافة اعلان
الدعم الروسي للنظام السوري منسجم مع موقفه من الأزمة السورية منذ البداية، والذي لم يقتصر على الدعم العسكري، وإنما السياسي أيضاً. والمقاربة الروسية لحل الأزمة السورية كانت مبنية على التمسك بالنظام والأسد معاً، بتبني موقف سورية المتمثل في عدم وجود معارضة بل إرهاب مدعوم دولياً وإقليمياً.
والتدخل الروسي أيضاً يأتي على خلفية فشل روسيا في إقناع بعض الدول الإقليمية، وبخاصة السعودية، بضرورة إشراك الأسد في أي تسوية سياسية مقبلة، وعدم فرض شروط مسبقة قبل الدخول في عملية مفاوضات مع النظام. كذلك، لم تفلح روسيا في إقناع المجتمع الدولي بضرورة تشكيل تحالف دولي وإقليمي جديد لمحاربة الإرهاب باعتباره الخطر الأهم، ليس فقط على سورية وإنما على المستويين الدولي والإقليمي أيضاً.
المفارقة في الأزمة السورية هي أن الموقف الأميركي والأوروبي، وإن بدرجات متفاوتة، بدأ يقترب من المقاربة الروسية؛ إذ لم يعد رحيل الأسد مطلباً غربياً لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية، كما أن الخطر الذي يمثله الإرهاب والذي ترعرع على الأزمة السورية، بات يشكل تهديداً فعلياً لأوروبا والولايات المتحدة. هناك فقط بعض الدول العربية التي ما تزال مصرة على موقفها بضرورة رحيل الأسد، لكن دورها وموقفها سيفقدان أهميتهما مع مرور الوقت، وفي ضوء الانخراط في أزمات أخرى.
إن تعزيز الوجود العسكري الروسي في سورية لا يسعى إلى حسم الأزمة عسكرياً، بقدر ما سيتم توظيفه في تعزيز موقف النظام السوري سياسياً، وتعظيم فرص حل الأزمة السورية سياسياً. فليس من المتوقع أن تورط روسيا نفسها بشيء مماثل للتجربة السوفيتية في أفغانستان. وعليه، فإن المحافظة على مصالحها الحيوية، وتغيير موازين القوى، والدفع باتجاه حل الأزمة السورية، هي الأهداف التي تسعى روسيا إلى تحقيقها من خلال هذا التدخل.
لم تكن المقاربة الروسية والغربية، وبخاصة الولايات المتحدة، متقاربة كما هي الآن، ولاسيما بالنسبة للموقف من بقاء الأسد، ومن الإرهاب في سورية والعراق. هذا بالطبع لا يعني أن الأزمة السورية قد شارفت على الحل السياسي، لكن يعني أن فرص هذا الحل يمكن أن تتعاظم مع هذا التحول الاستراتيجي في الأزمة السورية.
الطريق إلى الحل السياسي ما تزال شائكة، وهناك حاجة لإشراك الأطراف الإقليمية في هذه الجهود، حتى تكون فرصة الحل أكبر من استمرار النزاع.