رياح الحرب الباردة

يديعوت احرنوت

رونين بيرغمان

19/2/2015

اليكم طريقة لقياس مدى اهتمام الأسرة الدولية في القضايا المطروحة على المحك: عدد الممثلين الموجودين للبحث في قضية معينة على هامش مؤتمر ميونخ للأمن. رئيس المؤتمر النشط وولفغانغ ايشنغر حوّل المؤتمر إلى المنتدى الأهم في العالم في قضية العلاقات الدولية والأمن، حيث يحتشد في كل عام في شهر شباط حوالي 300 مشترك من أرجاء العالم كله وعدد مماثل من الصحفيين في مبنى فندق بييرشر هوف الحصين. في القاعة المركزية وإلى جانبها قاعات جانبية أخرى وعدد لا ينتهي من الاجنحة والغرف والمطاعم والبارات تجري لقاءات سرية ليست من ضمن المخطط الرسمي للمؤتمر. اضافة اعلان
ليست هناك مسألة مركزية على جدول الأعمال العالمي لا يتم التطرق اليها في برنامج المؤتمر، ولكن عدد القادمين لكل موضوع هو مسألة أخرى مغايرة تماما. وفقا لمقياس الحضور يتبين أن العالم في شباط 2015 مهتم جدا بما يجري في أوكراينا، ويحاول فهم كيفية عمل دماغ وقلب فلاديمير بوتين. وفي المرتبة الثانية نجد أوكراينا، أما في الثالثة فنجد أيضا أوكراينا وليس غيرها. ثلاث جلسات من المؤتمر خصصت لهذه المسألة وهي احتلت أيضا نصيب الأسد في خطابات قادة العالم الغربي. قضية الانحباس الحراري للكرة الارضية وحرية المعلومات والخصوصية والاعلام حظيت باهتمام متوسط. النقاش حول أفريقيا كان حاشدا بالحضور ولكن هذا الامر حدث لأنه جرى في مطعم صغير نسبيا مع طعام فاخر والخطيب المركزي فيه كان كوفي عنان.
اعتادت إسرائيل تجاهل مؤتمر ميونخ. ولكنها في العامين الاخيرين ترسل ثلة مرموقة من الوزراء والمسؤولين الكبار. الا  أن النظرة الان انقلبت والقادمون إلى المؤتمر لم يعودوا يهتمون بنا أو بما يحدث في المنطقة، باستثناء التطرق العابر لمكافحة داعش. وجاء يتسحاق هيرتسوغ منفعلا إلى ميونخ لإلقاء خطاب دولي هو الأول من نوعه باعتباره مرشحا لرئاسة الوزراء، فوجد أمامه قاعة شبه فارغة وجمهور أوروبي وأميركي لا مبالي.
المستشارة الالمانية ميركل جاءت إلى ميونخ من موسكو، وواصلت هناك لقاءاتها مع قادة روسيا وأميركا وفرنسا على طريق التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي وقع بعد ذلك بزمن قصير ودخل حيز المفعول يوم الخميس من الأسبوع الماضي. مع ذلك الرياح التي هبت من فوق سطح مؤتمر ميونخ لم تكن رياح السلام وانما رياحا ساخنة للحرب الباردة. نائب الرئيس الأميركي جون بايدن صعد إلى المنصة والقى خطابا حادا جدا غير مسبوق في عدوانيته ضد روسيا وبوتين واتهمه باستخدام المؤسسات النفسية حتى يقمع معارضي حكمه واسكات امهات الجنود الذين ارسلوا إلى أوكراينا. هذه ليست لغة من يعتقد بإمكانية حل شيء ما مع الطرف الاخر من خلال الدبلوماسية. الولايات المتحدة خلافا لحليفاتها الاوروبيات تسعى لتسليح أوكراينا بصورة معمقة – وهذا الامر بالنسبة لروسيا تدخل أميركي فظ في منطقة نفوذها.
لغة وزير الخارجية لافروف لم تكن أكثر سلاسة. عندما نفى في خطابه وجود قوات روسية خاصة في أوكراينا، انفجر احد الحاضرين في القاعة ضاحكا. وزير الخارجية الروسي رد بصرامة وبدا وكأنه سينزل لضرب هذا الشخص بعد لحظات – اما الصحفيين والمحللين الغربيين فقد صبوا الزيت على النار عندما ادعوا ان روسيا هي نفس الدب السوفييتي الجبار والمنفلت الذي عرفناه في الماضي.
قادة أميركيون والمان تبادلت أطراف الحديث معهم في اواخر الاسبوع قالوا لي ان من الصحيح ان هناك وقف لاطلاق النار الا ان هذا الاتفاق محكوم عليه بالانهيار.
"مثلما خرق بوتين كل اتفاق سابق معه في الماضي". في هذه الوتيرة يبدو أنه ستكون هناك مسألة واحدة فقط ستعني القادمين لمؤتمر ميونخ في العام القادم أيضا – والمسألة الوحيدة التي بقيت مفتوحة هي عدد الأشخاص الذين سيقتلون في اوكريينا بين هذا التاريخ وذاك.