زبون مفضل

معاريف

يوسي ملمان 14/4/2017

1 - أعلنت الصناعات الجوية الإسرائيلية في الأسبوع الماضي عن صفقة سلاح بمبلغ 2 مليار دولار مع الجيش الهندي. وهذه تعتبر الصفقة الاكبر، ليس فقط في تاريخ الصناعات الجوية، بل في تاريخ الصناعات الامنية في إسرائيل. وحسب المعايير الدولية تعتبر هذه صفقة كبيرة. لقد باعت إسرائيل لجيش الهند اجهزة دفاع جوية من نوع "ام.آر.سام"، واضافة إلى ذلك ستزود سلاح البحرية الهندي اجهزة دفاع جوية من نوع "ال.آر.سام"، والتي سيتم وضعها على حاملة الطائرات الاولى في الهند. هذه الاجهزة هي من تطوير عائلة صواريخ "براك".اضافة اعلان
في السنوات الـ25 الاخيرة يوجد تعاون عسكري وثيق بين الدولتين. وقد تحولت الهند إلى السوق الوحيدة الهامة للصناعات الامنية الإسرائيلية، بالنسبة للشركات الكبيرة ايضا ومنها رفائيل والصناعات الجوية والصناعات العسكرية والبيت، وبالنسبة لمصانع صغيرة ومتوسطة ايضا. هذا التعاون مر بأزمات عندما تم اتهام رفائيل والصناعات الجوية بدفع الرشوة لوزراء وموظفين رفيعي المستوى في الحكومة الهندية.
وزارة الأمن لا تعطي تفاصيل حول حجم بيع السلاح الإسرائيلي للهند أو أي دولة، لكن حسب التقديرات فإنه منذ بدء العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين في التسعينيات وصلت المبيعات إلى مبلغ 20 مليار دولار تقريبا. وقد شملت الصفقات بيع الرادارات والصواريخ والاجهزة الاستخبارية واجهزة الرقابة ضد إطلاق النار ومراكز رقابة وسيطرة وما أشبه. وتعتمد بعض الصفقات على منح الترخيص لانتاج بعض الاسلحة أو مكوناتها في الهند. والبعض الآخر من الصفقات يختص بالتعاون والبحث المشترك، وهذه هي الحال بالنسبة للصفقة الحالية.
لقد تم تطوير جهاز "باراك" في نهاية السبعينيات في الصناعات الجوية ورفائيل للدفاع عن السفن ضد الصواريخ. وهو معقد أكثر من رادار الرقابة على اطلاق النار. وقد اعتبر في حينه تطور نوعي، حيث أن الصاروخ الذي يتحرك بشكل عمودي يحمل رأس متفجر كبير نسبيا يزن حوالي 20 في المئة من وزن الصاروخ. ومنذ ذلك الحين تم ادخال تعديلات وتحسينات اخرى كي يتم استخدام الصاروخ في سلاح البر وضد الطائرات.
الصاروخ الاخير الذي تم بيعه للهند هو "باراك 8"، وجميع سفن سلاح البحرية في إسرائيل تمتلكه. وفي حرب لبنان الثانية اصيبت سفينة سلاح البحرية "حنيت" بصاروخ ايراني أطلقه حزب الله من الشاطئ. وقد حدثت الاصابة لأن قادة "حنيت" قرروا وقف جهاز الدفاع اثناء الابحار قرب الشاطئ اللبناني.
لقد استخلص سلاح البحرية الدروس في حينه، وغير الاوامر والاجراءات. وفي تشرين الاول 2014 تحدث سلاح البحرية عن تجربة ناجحة أخرى لصاروخ "باراك 8" في الدفاع امام صواريخ "يحونت" الروسية. وتمت التجربة في اطار تحسين اجهزة الدفاع التي تهدف إلى حماية السفن من الصواريخ، وكذلك حقول التنقيب عن الغاز في إسرائيل. أحد سيناريوهات الجيش الإسرائيلي هو أنه عند نشوب الحرب مع حزب الله أو حماس ستحاول صواريخ العدو الاضرار بالسفن وحقول الغاز.
سلاح البحرية قلق جدا من صواريخ "يحونت" الفتاكة والاكثر تطورا في العالم. هذا هو صاروخ روسي يحلق أمتار محدودة فوق سطح البحر. وقد زودت روسيا سورية بهذه الصواريخ، وحسب تقدير الاستخبارات الإسرائيلية لدى حزب الله عشرات من هذه الصواريخ التي تم تهريبها أو سرقتها أو اعطائها للمنظمة الشيعية. القصف في سورية، الذي ينسب في السنوات الاربعة الاخيرة لسلاح الجو الإسرائيلي يهدف إلى منع وصول صواريخ "يحونت" من سورية إلى لبنان.
لقد اشتكت إسرائيل في السابق لروسيا بسبب نقل هذا السلاح، وقدمت معلومات استخبارية تؤكد ادعاءها. وكان الرد الروسي أنه اذا كان هذا الامر صحيحا فإن هذا تم بدون علم روسيا. ولكن إسرائيل تجد صعوبة في تصديق التبرير الروسي.
عودة إلى الهند. هذه الدولة الكبيرة تحولت ليس فقط إلى سوق للسلاح الإسرائيلي، في السر يوجد تعاون في مجالات عسكرية مختلفة وفي الموضوع النووي ايضا، كما نشر مؤخرا مراسل من الهند، قبل الزيارة المتوقعة لرئيس الهند في إسرائيل.
إن الصفقة الكبيرة ليست ذات أهمية مالية فقط، فمن ورائها قصة لافتة لها أهمية استراتيجية لإسرائيل.
2- ما الذي حدث بالفعل في الساعة 2:40 من صباح يوم الجمعة في 17 آذار؟ في الاعلان الرسمي لمتحدث الجيش بعد بضع ساعات، جاء أن اجهزة الدفاع الجوي في إسرائيل اسقطت صاروخ سوري من انتاج روسي مضاد للطائرات. وبعد ذلك تبين أن صاروخ "حيتس 2" أطلق باتجاه صاروخ سوري متجه إلى الضفة الغربية والمناطق الإسرائيلية في شمال القدس ومنطقة غور الاردن.
يبدو أن الاعلان المختصر لمتحدث الجيش لا يروي القصة كاملة. وبكلمات اخرى، الجيش الإسرائيلي لا يكشف الحقيقة حول هذه الحادثة بشكل كامل.
في تلك الليلة استمر سلاح الجو الإسرائيلي بالقصف في سورية، وهو القصف الذي استهدف مخازن وقوافل السلاح المتقدم لحزب الله، والذي كان موجها ضد المواقع العسكرية في إسرائيل. وتم اطلاق الصواريخ الروسية من بطارية سورية على الطائرات الإسرائيلية. وكانت وجهة أحد الصواريخ السورية هي جنوب – جنوب غرب. نظريا كان من المفروض أن يسقط في الاراضي الإسرائيلية. ولكن عندما يخطئ هذا الصاروخ هدفه، فمن المفروض أن يعمل الجهاز الذي يجب أن يدمره في الجو ويسقط بقاياه على الارض.
وبسبب أن هوية الصاروخ لم تكن معروفة، كان هناك تخوف من سقوطه في الضفة الغربية أو في إسرائيل، ويبدو أن بطارية حيتس اطلقت عليه صاروخ أو صاروخين. وقبل الاطلاق تم تشغيل صفارات الإنذار في بعض مناطق غور الاردن التي كان يحتمل اعتراض الصاروخ فوقها.
بعد ذلك ببضعة ايام قال قائد الدفاع الجوي، العقيد تسفي حايموفيتش "التهديد كان بالستيا، وحول هذا الامر لا يوجد تساؤل أو مفارقات". وحسب حايموفيتش تم اتخاذ قرار اسقاط الصاروخ من قبل قائد بطارية الحيتس خلال اجزاء من الثانية، وبسبب سرعة الرد المطلوب لم تتم استشارة قائد سلاح الجو ورئيس الاركان، اللذان صادقا على القرار فيما بعد.
لصاروخ حيتس 2 رأس متفجر من المفروض أن يصيب مقدمة الصاروخ البالستي الذي يقوم باعتراضه. والمقدمة هي الجزء الوحيد الذي يصل إلى الهدف عند الحديث عن صواريخ سكاد أو شهاب التي بحوزة ايران وحزب الله. ويتم ملء المقدمة بالمواد المتفجرة. ولكن مقدمة صاروخ "سام 5" القديم ليس فيها مواد متفجرة، بل فيها "مواد حديدية" فقط وهي كابل رادار وأدوات اخرى. وكذلك جهاز التدمير الذاتي، اضافة إلى القاطع الحديدي.
باختصار، لا يمكن أن تكون شظايا الحيتس قد اصابت الصاروخ من سورية. وبكلمات اخرى لم يكن هناك اعتراض بكل معنى الكلمة. وأنا أحاول منذ اسبوعين الحصول على ردود من متحدث الجيش. وقد طلبت معرفة اذا كانت أجزاء من الصاروخ السوري قد سقطت في إسرائيل، واذا كانت الصور التي نشرت حول الاجزاء التي سقطت في الاردن هي لصاروخ حيتس. وقد رفض متحدث الجيش الاجابة، واكتفى بالقول إن الحادثة قيد الفحص من اجل استخلاص الدروس. هذا التملص يثير التساؤل، وقد يكون للجيش الإسرائيلي ما يخفيه وعدم كشف الحقيقة للجمهور.