زوجتي "سيداو"!

أتمنى لو أتزوج امرأة اسمها "سيداو"؛ وهو الاسم الذي يختصرُ اتفاقية القضاء على "جميع" أشكال التمييز ضدَّ المرأة. ربَّما تتغيَّرُ فيَّ أشياءٌ كثيرة، سأبدو وديعا كـ "حَمَل"، وهو أمرٌ يُناقضُ تماماً، نصائحَ أصدقائي الشرقيين، بأنْ أكونَ كاسراً مثل "أسد"!

اضافة اعلان

سأخالفُ آراء أصدقائي، التي يلقمونني إياها، بوصفها قناعات مسلّم بها. وبالأصل أسعى دائما للخروج من "جلباب أبي"؛ أو منْ يفترضونَ أنهم آبائي. لذلك قرَّرتُ التنازلَ عن كلِّ امتيازات "سي السيِّد"، فلا أتناول الطعام و"أمينة" تقفُ فوق رأسي، مثل خادمة زنجية بيضاء، تنتظر سعلة مفتعلة مني، لتهرعَ وتقوم بكل ما من شأنه أنْ يثبتَ طاعتها. سأتخلى عن أشياء كثيرة، أتوهمُ أنها تغلظ ذكورتي؛ أقلها غسلُ "أمينة" لقدمي بالماء والملح!

ماذا لو أصير "قاسم أمين"، وبعد شهرين من زواجنا أكتبُ من وحيها كتاباً محاكياً لـ "المرأة الجديدة". كذلك أحبُّ أنْ أتقمَّصَ نزار قباني؛ فأتقلص إلى رجل واحد أمام زوجة، أجِدُها "قبيلة من النساء". أعرفُ أنَّ هذا سيُخفِضُ من كتفي أمام الناس - وأصدقائي تحديداً- وربما يشيرون إليَّ في غيابي بـ "زوج السِتْ"!

وسأكون محتاجا إلى "رجولة" أخرى لأتجاوزَ نقمة الرجال على أفكاري شديدة "التهذيب"، خصوصا أنني أدخلُ مع "سيداو"، خاسرا منذ البداية؛ وكيف لرجل أنْ يربحَ "معركة" أمام امرأة، تنامُ وتحت وسادتها كتابُ "الأنثى هي الأصل" لنوال السعداوي؟!

لستُ اليومَ شرقياً تماماً؛ يمكنني أنْ أبدو مقنعا أكثر من كاظم الساهر، وهو يفرط في تدليل سلاف فواخرجي. ولستُ عنيداً، بدلالة أنني أنحني دائماً لالتقاط "كلماتي" عن الأرض، ومرونتي تتقبلُ طلبَ "سيداو"، اختيارَ مكان "سكن مؤقت"، حين ينتابها الضجر من أعراض حبي، وتحتاجُ للسكنى بسلام، في صفحة من رواية "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي!

سأكونُ "الناشز"، حينَ أخلُّ بشرط من شروط "سيداو" عند قبولها الزواجَ مني؛ فالعقدُ سيكونُ دقيقا للغاية، وهو أمر شديد البداهة، إنْ كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بكلِّ أعضائها، قد صادقت عليه، ودققت بنوده التي تلت الديباجة الشرعية، بينما دوري فيه بالغ التواضع، ويقتصرُ على ترديدي:"قبلتُكِ زوجة"!

لن آخذ بنفسي "مقلب"، وأظنُّ أنَّ عظمتي تحتاجُ إلى امرأة تقفُ وراءها - وفي هذه الحالة من الضروري أن تكون أقل شأناً- وبالتأكيد فإنَّ ذلك لا يمكنُ أن تقبل به "سيداو"، وهذا ما أدركه. وسأكونُ صريحاً أكثر، وأودُّ أن أقولَ لكم، إنني اكتشفتُ أنَّ "الزوجة المقترحة" حاصلة على البكالوريوس والماجستير، وتحضِّرُ للدكتوراه، وكلها في مجالات علمية، بينما شهادتي لا تتعدى بكالوريوس في مجال أدبي بدرجة مقبول!

سأتخذُ جميع التدابير اللازمة، للقضاء على الأدوار النمطية للجنسين، وسأعملُ بكل ما في وسعي لتعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية، لما هو متعارف عليه من سلوك الرجل والمرأة، التي تكرس فكرة دونية أحد الجنسين أو تفوُّقه. حتى مفهوم الأمومة أدركُ -عزيزتي سيداو- أنه يحتاجُ إلى تصحيح، وأعترفُ بمنتهى الشجاعة، أنَّ تنشئة الأطفال، ومجمل الشؤون الأسرية، مسؤولية مشتركة، تنفي عني صفة "الحاكم الإداري" للمنزل!

"سيداو" ليس هذا كلُّ ما لدي لأقنعكِ بالزواج مني. لكنني لن أطرح عرضي بالكامل؛ فقط أردتُ إعطاءك ملمحاً عن نموذجي الذي آملُ لكِ أنْ تجديه بأقرب وقت!

[email protected]