زيادة عدد الطلبة بالصفوف يؤثر سلبا على التحصيل الدراسي

يشكو أولياء أمور من ازدحام الصفوف بالطلبة - (أرشيفية)
يشكو أولياء أمور من ازدحام الصفوف بالطلبة - (أرشيفية)

منى أبوحمور

عمان- اكتظاظ الغرف الصفية بالطلبة يثير استياء كثير من أولياء الأمور الذين لا يخفون قلقهم من تأثير ذلك سلبا على تحصيل أبنائهم الدراسي، فضلا عن اعتبار الصف المزدحم "بيئة خصبة لانتشار الأمراض".

اضافة اعلان

الخمسيني عماد الدباس الذي ذهب ليتفقد ابنه بالمدرسة تفاجأ باحتواء الصف على 48 طالبا "تفاجأت عندما دخلت إلى الصف ورأيت هذا العدد الكبير من الطلاب".
ازدحام الصف بالطلبة لم يمكن الدبس من رؤية ابنه "طرقت الباب مرارا حتى تمكن المعلم من سماع الصوت"، إذ إن الفوضى وكثرة الطلاب داخل الصف لم تمكن المعلم من سماع صوت الباب او حتى الترحيب به كما يجب".
الازدحام الصفي يزداد سوءا وفق الأربعينية مريم عبيد عندما يتعلق الأمر بالمشاركة داخل الصف أو قدرة الطالبات على فهم المواد، خصوصا العلمية منها.
وتتساءل عبيد على سبيل المثال "كيف يمكن لخمس واربعين طالبة فهم مسألة درس رياضيات خلال 45 دقيقة"، منوهة إلى أن الطالب من حقه أن يأخذ حقه من الوقت ليفهم الدرس بالصورة الصحيحة.
وتشير عبيد إلى أن "ازدياد عدد الطالبات وعدم قدرة المعلم على ضبط الصف تدفع بنا إلى الدروس الخصوصية"، لافتة إلى أن كثيرا من المعلمين يبررون تقصيرهم بزيادة عدد الطلاب.
وبين ازدياد عدد الطلاب من جهة وصعوبة الفهم من جهة أخرى تظهر مشكلة أكبر عند الأربعينية هدى الرمحي التي تجد الصف المزدحم بالطلاب "بيئة مناسبة لانتشار الأمراض التي تعد هاجسا يقلق الكثير من الأهالي مع بداية المدارس".
وتلفت الرمحي إلى أن وجود أربعين طالبة في الصف "أمر لا يمكن للعقل تقبله"، علما وأن هناك بعض المدارس تفوق هذا العدد، مبينة أنه لابد من ايجاد حلول لهذه المشكلة التي قد توقع الأهالي بمشكلة أكبر من مجرد عدم قدرة الأبناء على الفهم والمشاركة.
تقول الرمحي "لا يمكننا معرفة مدى اهتمام جميع الطلاب بصحتهم ونظافتهم الشخصية"، وهو ما يجعل جميع الأهالي يخشون انتقال الأمراض بين الطلاب خصوصا وان كل طالب يكاد يبعد سنتيمترات عن الآخر.
هنادي إحدى طالبات الصف العاشر تشكو ازدحام الصف بالطالبات، حيث يحتوي الصف على 50 طالبة، مشيرة إلى فشل المعلمة في كثير من الأحيان في ضبط الطالبات للبدء في الحصة.
وتجد هنادي أن وقت الحصة مقارنة بعدد الطالبات "غير كاف" حتى تتمكن الطالبات من فهم المادة الدراسية، خصوصا وأن أول ربع ساعة من الحصة "تضيع" في محاولة المعلمة ضبط الصف.
بدورها تشير اختصاصية التربية ومديرة إحدى المدارس الثانوية الدكتورة أمل العلمي بورشيك أن انخفاض عدد الطلاب في الصف يجعل التعليم ممتعا أكثر، وبالتالي يمكن المعلم من استخدام استراتيجية رائعة في التعليم.
في حين أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية في المنطقة جعلت الوضع في المدارس الحكومية صعبا نوعا ما، مؤكدة أن المدارس الحكومية تقدم أدنى مستوى جيد من الخدمة، كما توفر معلمين متمرسين في الميدان.
وتعزو بورشيك الاكتظاظ الزائد في المدارس الحكومية، إلى الظروف المحيطة في الوطن العربي التي تسببت بزيادة في السكان، لافتة إلى الجهد الكبير الذي يبذله المعلم الأردني ليتمكن من الاستمرارية في العطاء من جهة ومقاومته للاضطهاد الفكري من جهة أخرى.
وتلفت بورشيك إلى أن تذمر بعض المعلمين من زيادة الأعداد هو ما يزيد تفاقم المشكلة، منوهة إلى القانون العالمي الذي يمنح كل طالب في الصف مترا مربعا وهو ما يجعل معظم الصفوف في المدارس الحكومية ضمن المقاييس المطلوبة، مؤكدة أن المعلم المتميز والرائد قادر على أن يتقبل ما يتواجد في الصف من طلاب وإدارتهم.
ومن جهة أخرى تلفت بورشيك إلى أن زيادة عدد الطلاب في الصف تحمل جانبا سلبيا يتمحور في إعاقة عملية التنفس بشكل سليم وصحي في الصف، إضافة إلى تأثيرها على حركة الطلاب ولياقتهم داخل الغرفة الصفية.
"الكثافة في الطلاب تخلق ضيقا في الشعور لدى الطلاب، كما تسبب المشاكل بينهم"، كما يصبح الصف مكانا لتعلم بعض الأخلاقيات السلبية نظرا لاختلاف اساليب التربية بين الطلاب.
وما يزيد الطين بلة، بحسب بورشيك، هو "تدني مستوى المعلمين المتوفرين في الميدان وقلة حرفيتهم"، حيث لا يحظى بعض الطلاب بفرصة بالمشاركة والفهم داخل الحصة الصفية خلال زمن الحصة 45 دقيقة، الأمر الذي يؤدي إلى إهمال مجموعة كبيرة من الطلاب.
وتردف أن دور المدرسة لايقتصر على التحصيل العلمي فقط وانما تكسب الطالب مهاراته الاجتماعية وتعزز المنظومة القيمية عنده.
من جانبه يشير مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي محمد أبو غزالة في تصريحه لـ"الغد" إلى أن العدد الطبيعي للطلاب داخل الغرفة الصفية (20-26) طالبا، يتفاوت تبعا لمساحة الغرفة الصفية.
ويتمتع كل طالب داخل الصف وفق الدول الأوروبية بمساحة 1.20 م، لافتا ابوغزالة إلى وجود بعض الغرف الصفية كبيرة المساحة في المدارس والتي تستوعب من 45-46 طالبا.
ويلفت إلى أن مشكلة الزيادة في عدد الطلاب "محصورة في بعض المناطق"، بحيث تم توجيه كتاب الى مديريات التربية المختلفة، والتي بدورها عممتها على المدارس كافة بعدم رفض أي طالب، وفي حال عدم توافر متسع له، وضعه على القوائم الاحتياطية، وإن لم يتوافر له مقعد في تلك المدرسة، يتم توجيهه لأقرب مدرسة في المنطقة نفسها.
ويشير إلى أن الوزارة اتخذت إجراءات عدة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة المنقولين إليها، سواء نتيجة النمو السكاني المتزايد، أو المنقولين من التعليم الخاص، أو القادمين من دول عربية، بسبب الظروف التي تشهدها المنطقة حاليا.
ويبين أبو غزالة أن الوزارة اتخذت عدة إجراءات لمواجهة الضغط على البنية المدرسية، منها استئجار مبان جديدة، والاستعانة بنظام الفترتين الصباحية والمسائية، وإنشاء مدارس جديدة في الأماكن التي تشهد نزوحا متزايدا للاجئين السوريين، فضلا عن إعادة تأهيل المدارس.
وقال إن الوزارة فتحت 900 غرفة صفية إضافية هذا العام في كافة أنحاء المملكة، فضلا عن تأمين 130 كرفانا لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة في مناطق تعاني من اكتظاظ في مدارسها، مبينا أن الوزارة عممت على مديري التربية بتشعيب الغرف الصفية في حال اكتظاظها.
وأوضح أن الوزارة قامت بتحويل 40 مدرسة الى الفترة المسائية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة السوريين، حيث تتم الاستعانة بمعلمي التعليم الإضافي والذين تغطى نفقاتهم من قبل المنظمات الدولية.
وفي المضمار النفسي يشير اختصاصي علم النفس الدكتور عماد الزغول إلى الأثر السلبي الكبير لزيادة عدد الطلاب داخل الغرفة الصفية على الطالب من جهة والمعلم من جهة أخرى.
ويبين أن اكتظاظ الطلاب في مكان ضيق يؤدي إلى ضجة كبيرة لا تمكن المعلم من أداء مهمته بالشكل الصحيح، إضافة إلى عدم مراعاة الفروق الفردية، كما تقلل من فرصة الطالب في المشاركة والمبادرة وتحوله من طالب مشارك إلى متلق، إضافة إلى جعل الصف بيئة ملائمة للشللية والمشاكل.
وينوه الزغول الى أن زيادة عدد الطلاب يزيد العبء النفسي على المعلم، فيبذل جهدا كبيرا داخل الحصة سواء على المستوى التعليمي أو التنظيمي وتجعله يسعى إلى إنهاء الحصة بأي شكل كان بغض النظر عن النتيجة.
ويؤكد أن تراوح عدد الطلاب بين 20-25 طالبا في الصف يعطي الطالب فرصته الحقيقية في المشاركة والاستجابة، كما تمنح المعلم الفرصة لإعطاء الطالب حقه ومراعاة الفروق الفردية.

[email protected]