زيارة الملك لواشنطن

تكتسب زيارة الملك عبدالله الثاني للولايات المتحدة، أهمية استثنائية من حيث التوقيت والأطراف التي قابلها، والموضوعات التي تم التطرق إليها. التوقيت حاسم، إذ إنه يأتي قبل أقل من شهر من الانتخابات الإسرائيلية، التي ستحدد الحزب أو الائتلاف الذي سوف يقود الحكومة الإسرائيلية في المرحلة المقبلة، وبعدها سوف يبدأ العد التنازلي للإعلان عن "صفقة القرن"، التي قد تكون بعد شهر أو أكثر من هذه الانتخابات. هذا يعني أن الإدارة الأميركية تضع اللمسات الأخيرة عليها، وهو ما يشكل فرصة أخيرة عربياً للتأثير في مجريات هذه الصفقة، أو على الأقل المحاولة في ذلك. أما بالنسبة للأطراف التي التقاها جلالة الملك، فهي أركان الإدارة الأميركية كاملة، باستثناء الرئيس الأميركي ترامب. فقد التقى الملك وزير الخارجية؛ ومستشار الأمن القومي؛ وممثلي الرئيس ترامب للشرق الأوسط؛ إضافةً الى نائب الرئيس الأميركي بنس. علاوة على ذلك، فقد التقى قيادة الكونغرس من الحزبين: الجمهوري والديمقراطي. وهذا يعني أنه تم عرض وجهة النظر الأردنية للمؤسسات التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة. إنه من النادر أن يتمكن رئيس دولة من أن ينسج علاقات متينة مع كافة الأطراف مجتمعة، ولكن هذا يدل على المكانة التي يتمتع بها الملك عبدالله الثاني لدى الإدارة الأميركية، والعمق الذي يتمتع به في قراءة الأهداف والمشكلات التي تعاني منها المنطقة. القضية الفلسطينية وارتباطها بـ"صفقة القرن "على رأس أولويات جلالة الملك. القائد العربي الوحيد الذي يستمر بحمل رؤية متكاملة لحل القضية الفلسطينية، التي تركز على أهمية وضرورة إقامة الدولة الفلسطينية، والتحذير من تبعات الحلول الأخرى، التي تم تداولها ليس فقط على الفلسطينيين والعرب، وإنما أيضاً على الولايات المتحدة، مثل: قضية "الأونروا" واللاجئين والمخاطر السياسية والإنسانية الناجمة عن اللجوء، وكذلك القدس، والانتهاكات الإسرائيلية للاتفاقيات المتعلقة بحقوق المصلين، والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وآثارها على مستقبل الحل النهائي للقضية الفلسطينية. سورية قد تكون غائبة عن هذه المحادثات، فهناك اشتراطات أميركية على إعادة إعمار سورية، والصعوبات الداخلية السورية والخارجية لإعادة الإعمار. على رأس أولويات السياسة الخارجية الأردنية، هي الاعتبارات السلبية المترتبة على الاقتصاد الأردني في حال إقرار الكونغرس الأميركي للعقوبات الاقتصادية على سورية، والمخاطر التي تنطوي على هذا القانون. لقد استطاع الملك في هذه اللقاءات من نقل وجهة النظر العربية حول مجمل القضايا الإقليمية في هذه اللقاءات، ولكن العلاقة الأردنية الأميركية لم تكن غائبة عن اللقاءات التي عقدها الملك مع الإدارة الأميركية، والمعاناة الاقتصادية للشعب الأردني على رأس هذه الأولويات. يمكن اعتبار زيارة الملك للولايات المتحدة في هذا الوقت، زيارة تاريخية بكل المقاييس، ودليلا آخر على المكانة التي يتمتع بها الملك عبدالله الثاني لدى أركان الإدارة الأميركية، وللمكانة التي يحظى بها وبدوره المتزن والمتوازن في القضايا الإقليمية. المرحلة المقبلة سوف تكون صعبة على المنطقة، ومن الضروري الإدراك بأن تلك المرحلة تتطلب حوارات ونقاشات عريضة حول المخاطر السياسية الداخلية والخارجية، التي يمكن أن تعترض الأردن، ما يتطلب حواراً واسعاً لهذه المخاطر، وكيفية معالجتها.اضافة اعلان