زيارة تيلرسون ومحورية الأردن

تشكّل مضامين زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون للمملكة ولقائه اليوم الأربعاء جلالة الملك، والخطوة المتوقعة بتجديد مذكرة التفاهم المشترك ما بين الأردن والولايات المتحدة الأميركية، خطوةً تعكس إدراك المؤسسات الوازنة في الإدارة الأميركية وكبار مسؤوليها للأهمية الاستراتيجية التي يوفرها دعم الأردن وتمكينه، في سياق اعتراف بمكانته المحورية ودوره الإقليمي وعلى المستوى الدولي.اضافة اعلان
هذه الشراكة والدعم الاقتصادي للأردن يتجاوز مدى تجديد مذكرات التفاهم كبرتوكول إلى تأكيد واضح على ما يمثله الأردن كشريك حقيقي وفاعل في أجندة منظومة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، عبر دور سياسي متوازن وذي ركيزة في القضايا التي تشغل وتشعل المنطقة، وجهود أمنية استخباراتية لا يمكن دونها مكافحة الخطر المقوض لمنظومة الأمن، التي أصبح تصليبها ممراً رئيساً لتسوية القضايا السياسية، والآثار الديموغرافية لتلك الأزمات.
المعلومات الراشحة، حتى لحظة كتابة المقال، تضيف مؤشراً آخر حول التفهم في المؤسسات الأميركية الراسخة، خصوصا الكونغرس الذي أسهمت لجانه بوضوح في الاستمرار بدعم المملكة. المؤشر يكمن في تجديد قيمة المساعدات الاقتصادية والدفاعية والأمنية الأميركية للأردن والبالغة 1.275 مليار دولار سنويًا، ولمدة خمسة أعوام مقبلة، مع الاشارة الى ان اول مذكرة تفاهم مماثلة توقع عليها ادارة الرئيس ترامب.
الدور الأردني، الذي عززته عوامل في مقدمتها حكمة قيادة جلالة الملك وتأثيره إلى جانب الارتباط المباشر بقضايا إقليمية مصيرية كالقضية الفلسطينية والأزمة السورية وتحقيق الاستقرار في العراق، يمثل ركيزة أساسية من دونها يبقى التقدم محدوداً في مسارات هذه القضايا، وهو ما يعني ضمناً ضرورة بقاء الأردن ثابتاً وقادراً على مواجهة التحديات التي تواجهه، وخصوصا الاقتصادية.
هذه النظرة الداعمة للموقف الأردني تتبناها شخصيات وازنة في الإدارة الأميركية، رغم ما يصدر عنها من مواقف قد لا يتفق الأردن معها من منطلق مصالحه الوطنية العليا ومواقفه العروبية المبدئية والثابتة وآخرها قضية القدس، كما تدعمها شخصيات مؤثرة في الأوساط الأميركية، وآخرها ما نشرته صحيفة الواشنطن بوست من مقال للكاتب الشهير ديفيد أغناتيوس.
أغناتيوس أعاد في المقال التأكيد على أن الأردن يبقى الشريك الاستراتيجي الموثوق، ولا يمكن التخلي عنه، نظراً للدور الحيوي الذي يلعبه في قضايا عديدة، في مقدمتها مكافحة الإرهاب، الذي يشكل الخطر الأبرز المهدد للسلم والأمن العالميين، مدللاً أن جهاز المخابرات العامة أحبط خلال العام الماضي عشرات المخططات الإرهابية.
لا بد من التأكيد أن مذكرة التفاهم هذه وتجديد الدعم الأميركي لا يمس المواقف السياسية الثابتة للأردن تجاه قضايا محورية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والموقف الرافض لقرار ترامب حول القدس، وحيث إن جلالة الملك أعاد بوضوح خلال الفترة الماضية وفي أكثر من مناسبة بأن الأردن لن يساوم بموضوع القدس وتحت أي ضغط سواء كان اقتصاديا أو ماديا أو أمنيا.
الدول الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا، تؤمن بأن الأردن رقم صعب في منظومة الأمن في المنطقة، فهو ورغم إحاطته بأزمات من جهات ثلاث، استطاع المحافظة على وضعه واستقراره وأمنه داخليًا، وخارجيًا من خلال حماية حدوده من خطر التنظيمات الإرهابية وخصوصًا أن دولا مجاورة تجتاحها فوضى عارمة.