زينب البدول تكتب: كيف نؤسس للنشاط الحزبي في المحافظات؟

زينب البدول
زينب البدول
منذ عودة الحياة الديمقراطية في الأردن عام 1989 ؛ نشطت الحراكات والأحزاب السياسية بكافة أطيافها، وعززت مشاركاتها في مختلف المحافل السياسية والاجتماعية، سواء من خلال الترشح للبرلمان أو من خلال الفعاليات السياسية المختلفة، وعلى الرغم من تحفظنا على واقع تلك الأحزاب وبرامجها وأجنداتها ومستويات مشاركتها في الحياة السياسية وأولويات القضايا التي تطرحها هل هي وطنية أم خارجية؟؛ إلا أن حضور غالبيتها تركز في العاصمة عمان بالدرجة الأولى، ولم تتمكن تلك الأحزاب من التمدد نحو المحافظات بشكل فعلي؛ وهذا إشكال يشير إلى إما إلى عدم قدرتها على تعميم برامجها من ناحية، أو عدم صلاحية خطاباتها التي باتت لا تتلاءم مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الوطني وأولوياته، أو إلى سيطرة بعض الشخصيات داخلها واحتكارها للمواقع المتقدمة في تلك الأحزاب منذ عقود باعتبارهم أهل الحكمة والخبرة والوصاية؛ ما يقود في النهاية الى وضع مصداقيتها على المحك، وقد تكون هناك أسباب أخرى تتعلق بطبيعة قانون الأحزاب الحالي الذي ينتج تجمعات سياسية تستفيد من المخصصات الحكومية ولا تؤدي أدوارها الحقيقية، وعلى أي حال فإن وجود أحزاب وثقافة حزبية في المحافظات يعد ضرورة في المرحلة الراهنة، وذلك لتعزيز مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية، وقد أشار جلالة الملك في خطاب العرش إلى تلك النقطة، والتي تتمثل بوجود روافع اجتماعية تدعم تلك المخرجات وتوسع نطاق المشاركة الشعبية. في الحوارات البرلمانية المقبلة؛ يجب علينا أن نفرق بين مجموعة مواطنين يرغبون في تأسيس حزب سياسي وممارسة حقهم الدستوري في تلك الممارسة مهما كان عددهم، وبين الأحزاب التي ستتلقى دعما ماليا من الحكومات، والتي يجب أن توضع لها شروط تلزمها بمستويات من الأداء وحجم معين على الخريطة السياسية والتي تتمثل من خلال حصتها في مقاعد البرلمان أو من خلال حجم الأصوات الانتخابية التي تحوز عليها، ولذا فإن قانون الأحزاب يجب أن يضمن انخراط أبناء المحافظات في مختلف مواقعهم في الأحزاب السياسية وبشروط مقنعة وميسرة، ونحن لا نعلم كيف ستصير الأمور أثناء عرض مشروع تعديل قانون الأحزاب الجديد، لكننا سنضع بعض التوصيات العامة والمقترحات أمام الحكومة الرشيدة من أجل إدماجها في خططها التنفيذية الرامية الى تعزيز المشاركة السياسية لقطاعي الشباب والمرأة، تمهيدا للتحول نحو حكومات برلمانية في المستقبل. ساتحدث هنا عن قطاعي الشباب و المرأة باعتبارها الأضعف في نسب المشاركة السياسية في الأردن، وسأركز على محافظات الأطراف التي تكاد تخلو من النشاط الحزبي باستثناء حزب واحد هو حزب جبهة العمل الاسلامي، ولا أريد الخوض في تحليل أسباب هذا الضعف، بقدر ما أرغب بتقديم مقترحات واقعية وسهلة التطبيق، أولها: الاشتراط على الأحزاب المرخصة والمدعومة ماليا من قبل الحكومة بإنشاء فروع لها في المحافظات، وربط الدعم المالي بهذا الشرط، وتحديد نسب لعدد الأعضاء في كل فرع من كلا الجنسين كحد أدنى، تخصيص برامج مدعومة سواء من موازنة الدولة أو من المنح الدولية لتدريب وتثقيف الشباب والنساء على العمل السياسي والحزبي، تعميق التشبيك مع مؤسسات المجتمع المدني في مجال التدريب على المشاركة السياسية، تسهيل اجراءات الحصول على رخص تأسيس جمعيات سياسية في المحافظات والتي يتم حاليا التشدد في قبول تأسيسها فمحافظة معان على سبيل المثال لا توجد بها اية جمعية سياسية، اما باقي محافظات الاطراف فلا يتجاوز عدد اصابع اليد بحسب الاحصاءات الرسمية التي أوردها تقرير المركز الوطني لحقوق الانسان بنسخته الأخيرة، اعادة تأهيل الاتحاد النسائي ولجان المرأة في محافظات الأطراف والتي أصبحت شكلا بلا مضمون، وتغيير شروط عملها لتغدو حواضن فاعلة تستقطب الفئات النشيطة اجتماعيا. إن تركز النشاط السياسي الحزبي في العاصمة وبعض المدن الكبرى؛ يحيل الى النخبوية التي تحتكر صياغة الخطاب ولا تخدم الصالح العام، وأن هذا التركز اثبت على مدار عدة عقود فشل العمل الحزبي وانطوائيته، وأدى الى انتشار ظاهرة الحراكات السياسية المنفلتة هنا وهناك، والتي انعكست آثارها بشكل واضح على مستقبل الشباب وواقعهم، وأدت الى تشويه العمل السياسي الناضج الذي يقوم على البرامجية وخدمة الوطن أولا وآخرا، ما يستدعي الحكومة والبرلمان لإعادة النقاش مجددا حول الشروط التي تحكم العمل الحزبي وتقود الى تعميمه في مختلف مناطق المملكة؛ ليغدو الجميع مشاركين في العملية السياسية بشكل فاعل وحقيقي.اضافة اعلان