سؤال المشاركة والمقاطعة على طاولة "الإخوان"

مع اقتراب موعد الاستحقاق الدستوري بإجراء الانتخابات النيابية لمجلس النواب التاسع عشر المقبل، المتوقعة قبل نهاية العام الحالي، يتجدد السؤال والترقب لموقف أبرز قوة سياسية معارضة من هذه الانتخابات وإن كانت ستذهب باتجاه المشاركة فيها أم ستعود إلى مربع المقاطعة الذي اعتمد في أكثر من محطة انتخابية منذ عودة الحياة الديمقراطية العام 1989.اضافة اعلان
على السطح لا يبدو سؤال الانتخابات ساخنا بعد على أجندة جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية جبهة العمل الإسلامي، لكن أنباء راشحة من داخل أروقة الحركة الإسلامية تشير إلى أن سؤال المشاركة والمقاطعة بات يأخذ مساحات أوسع داخلها مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي، وقرب إسدال الستار على المجلس النيابي الحالي الذي يستعد للوداع بانتهاء آخر دورة عادية له خلال أسابيع قليلة. وفي الأنباء أن مجلس شورى الإخوان يستعد لبلورة سيناريوهات قابلة للنقاش مؤسسيا حول موقف الحركة من الانتخابات المقبلة.
حسب معطيات موضوعية وذاتية عديدة لا يبدو خيار مقاطعة الانتخابات المقبلة مرجحا لدى الحركة الإسلامية، بالرغم من ارتفاع سقف النقد للسياسات الحكومية الداخلية والخارجية، واتفاق "الإسلاميين" مع طيف واسع من المعارضة والنخب السياسية على الاعتراض على بقاء جوهر قانون الانتخاب دون تعديل وتطوير وهو الأمر الذي بات شبه محسوم رسميا حيث إن المرجح أن يحافظ أي تعديل مرتقب على قانون الانتخاب على النظام المعتمد في القانون الحالي وهو "القائمة النسبية المفتوحة على مستوى الدائرة"، الذي جرت بموجبه الانتخابات الأخيرة وفاز فيها للإخوان المسلمين وحلفائهم ضمن كتلة الإصلاح 15 مقعدا من أصل 130 مقعدا.
فرغم ارتفاع سقف المعارضة للسياسات الرسمية فإن جماعة الإخوان لا تبدو في وارد البحث عن المزيد من التأزيم في العلاقة مع المؤسسة الرسمية، والتي شهدت خلال السنوات القليلة الماضية شدا وجذبا كبيرا ومحاصرة رسمية شديدة للجماعة أفرزت الإعتراف قانونيا بجماعة بديلة، ناهيك عما تعرضت له الجماعة والحركة من خلافات داخلية بين تياراتها انعكست في خروج مجموعات قيادية وازنة بمشاريع سياسية وحزبية سعت لمنافسة الجماعة الأم على شرعية تمثيل تيار الإسلام السياسي في الشارع الأردني.
كذلك فإن خيار المقاطعة للانتخابات يمكن له أن يفاقم أزمة الإخوان المسلمين في ظل الانتكاسات التي لحقت بتجارب تيارات الإسلام السياسي في مصر وسورية وغيرها في مرحلة الربيع العربي، وارتداد الجماعة الأم لمربع الدفاع عن البقاء والوجود.
التقييم الداخلي للجوء لخيار مقاطعة الانتخابات النيابية كان سلبيا ومشككا بجدواه على الحركة الاسلامية، رغم وجود تيار بقي متمسكا دائما بجدوى هذا الخيار لكنه تيار لم يتمكن من فرض أجندته ورؤيته إلا في ثلاث محطات انتخابية منذ العام 1989، حيث قاطع "الإسلاميون" الانتخابات في الأعوام 1997 و2010 و2013، وكانت مقاطعة 2010 لافتة حيث دفع إليها بقوة التيار المعتدل الذي أيد دائما المشاركة وذلك احتجاجا يومها على التزوير الواسع والفاضح لانتخابات البلديات والنواب في العام 2007، فيما جاءت مقاطعة 2013 قفزة في الهواء بتأثيرات الحماسة لما تحقق من مكاسب أولية لتيار "الإسلام السياسي" بغير بلد عربي إثر هبوب رياح الربيع العربي العاصفة قبل أن تخفت وترتد انتكاسات واسعة على هذا التيار.
قد يبدو الموقف الشعبي السلبي تجاه مجلس النواب الحالي الذي يشارك به "الإسلاميون" داعما لموقف المؤيدين داخل الحركة لخيار المقاطعة للانتخابات المقبلة، لكن ذلك تقابله وجهة نظر قوية لتيار المشاركة ترى أن حضور الحركة في البرلمان وفّر بيئة حامية لها في وجه تيار داخل المؤسسة الرسمية يدفع لكسر عظم مع الحركة وتغيير قواعد اللعبة معها، كما أنه وفر لها منبرا مهما وحيويا لمخاطبة الرأي العام يمكن البناء عليه.
الراهن؛ أن خيار المشاركة بالانتخابات وضمن قاعدة "المشاركة لا المغالبة" هو الأرجح لدى جماعة الإخوان وجبهة العمل الإسلامي.