ساعة الحقيقة تقترب

تتسارع المؤشرات على اقتراب دفع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بما تسميها "صفقة القرن"، التي ما تزال تفاصيلها وحيثياتها قيد الكتمان والأسرار، إلى العلن، حيث إن المعلن حتى اليوم أن طرح الخطة الأميركية لتسوية القضية الفلسطينية سيتم بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية المقررة خلال أيام. ورغم عدم الاعلان رسميا عن تفاصيل هذه الصفقة الاميركية، إلا أنها عمليا دخلت حيز التنفيذ مبكرا جدا، ومنذ وصول ترامب الى سدة الرئاسة بواشنطن، عبر سلسلة سياسات وقرارات عدائية للحقوق العربية والفلسطينية ومخالفة للشرعية الدولية المستقرة، من اعتراف غير قانوني بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال، ولاحقا منح الاحتلال صك السيادة على الجولان العربي السوري المحتل، وبين ذلك وقبله الحرب الاقتصادية والسياسية الشاملة التي شنتها إدارة ترامب على الشعب الفلسطيني وسلطته وعلى "الأونروا". ملامح هذه الصفقة الأميركية، أو بالأحرى ما تبقى منها ليكتمل مشهدها، لم يعد خافيا رغم التكتم على التفاصيل، فهي تستهدف أساسا دمج كيان الاحتلال بالمنطقة والتطبيع الواسع معه، مع بقاء الأرض والسيادة والأمن والمستوطنات معه، ووأد أي آمال بإقامة دولة فلسطينية وانهاء ملف اللاجئين والقدس، مع وعود هلامية بضخ أموال واستثمارات تمول بصورة أساسية من المنطقة ذاتها! نتيجة الانتخابات الاسرائيلية المقتربة باتت شبه محسومة، وتحديدا عودة نتنياهو، الطفل المدلل لترامب، إلى تشكيل الحكومة الاسرائيلية المقبلة، بعد ان منحته سياسات وقرارات ترامب مهربا من حبل الفساد الذي التف حول رقبته واعطته دفعة قوية للفوز بالانتخابات. منسوب القلق والغضب يرتفع فلسطينيا وأردنيا وعربيا مما ستحمله المرحلة المقبلة من اخطار على القضية المركزية وعلى حقوق الشعب الفلسطيني، في ظل توقع قدوم اعصار من الضغوط الأميركية والاسرائيلية لمحاولة تمرير الصفقة وفرضها، وينبئ بأن المنطقة والقضية مقبلتان على سنوات عجاف صعبة، تفرض حجما هائلا من التحديات، خاصة على الأردن والشعب الفلسطيني وقيادته. ثمة عوامل ونقاط ضعف محبطة في تحليل المشهد، ترفع من منسوب القلق والخشية على الحقوق العربية، تقابلها نقاط قوة عديدة وعوامل مبشرة تبعث بالمحصلة على الاطمئنان بعدم قدرة الولايات المتحدة وكيان الاحتلال على فرض شروط الهزيمة الصفقة على هذا الصعيد. نقاط الضعف الأساسية لها علاقة بالهوج الذي تتسم به ادارة ترامب بتعاطيها مع العلاقات الدولية والشرعية الدولية، والانحياز الاعمى للعدو الاسرائيلي، وايضا لها علاقة بالانقسام الفلسطيني القاتل الذي يضرب باساسات القدرة الفلسطينية على الصمود والتصدي لما يخطط له من نكبة جديدة، ناهيك عن العامل العربي الخطر في هذا السياق، حيث تتراجع اولوية القضية الفلسطينية امام اخطار مفترضة اخرى في ثوابت السياسة الرسمية لعديد من الدول العربية، والتي تبدو قابلة للانسياق في مشاريع ترامب وصفقاته. أمام نقاط الضعف هذه؛ ثمة العديد من نقاط القوة والاسلحة التي يمكن بها مواجهة الصفقة الاميركية؛ أولها وجود شبه اجماع دولي على التمسك بالشرعية الدولية وقرارات الامم المتحدة في القضية الفلسطينية، ورفض الخطوات الاميركية الاحادية تجاه القدس والجولان، وتمسك هذا المجتمع بحل الدولتين. هذا الموقف الدولي يمكن البناء عليه لمواجهة ورفض ما ستطرحه الادارة الاميركية. العامل الثاني والأساس في نقاط القوة؛ هو موقف الشعب الفلسطيني الثابت، الذي لا يمكن له ان يقبل بالتوقيع على صفقة او تسوية لا تعيد له الحقوق وتمنح الاحتلال شرعية فلسطينية وعربية. هذا الموقف يسانده بصورة اساسية موقف أردني ثابت وحازم لا يمكن له القبول بمصادرة الحقوق الفلسطينية وانهاء الامل بالدولة الفلسطينية وفتح الباب لاخطار استراتيجية تمس المصالح الأردنية العليا. وهذان الموقفان يساندهما موقف شعبي عربي واسع لا يفرط بالحقوق الفلسطينية والعربية. الراهن؛ أن قرارات الولايات المتحدة، حتى لو وافق عليها كل العالم، لا يمكن ان تصبح حقيقة وواقعا إن لم يوقع عليها الشعب الفلسطيني، وهذا مجرد حلم لرجل مأفون وغبي قابع في البيت الابيض ولا يعرف بحقوق الشعوب شيئا!اضافة اعلان