سعر الفائدة غال والثمن أغلى

 صرّح وزير المالية الدكتور حمد الكساسبة قبل أيام بأن الحكومة لا تنوي تخفيض أسعار الفائدة في الفترة الحالية وأن الدول الكبرى قد وجهت قرابة تريليون دولار من أموالها لحماية اقتصاداتها من تداعيات الأزمة، ما يصب بالتالي في مصلحة الاقتصاد الوطني، حسب قوله.

اضافة اعلان

الدكتور الكساسبة قال أيضاً إن اقتصادنا لن يعاني على المدى القصير والمتوسط من الأزمة العالمية لأسباب عديدة استعرضها. ثم جاءت كذلك تصريحات وزيرة التخطيط سهير العلي لتشد من أزرنا وتهدئ من روعنا مطمئنةً إيانا بأن الضمانات كثيرة من هنا وهناك.

وأول من أمس، راح رئيس الوزراء نادر الذهبي يبدد المخاوف من خلال إعلانه عن ضمان جميع الودائع في البنوك المحلية والأجنبية العاملة في المملكة حتى نهاية العام المقبل.

وأكد أن أموال المودعين "في أمان تام" وهي مضمونة ومحمية ولم يحدث يوما أن خسر مودع ولو جزءا بسيطا من وديعته في الأردن.

جميل أن يحدث هذا الأمر، والأجمل أن تشيع الحكومة مناخات الطمأنينة والارتياح. بيد أن الملفت في غمرة ذلك كله غياب البنك المركزي الذي كان من باب أولى تصدره قائمة المتحدثين والمصرّحين في مثل هذه الحالات. والملفت أيضاً أن الحديث عن اقتصادنا يتم وكأنه يعيش في "قرية نائية بعيدة" لا علاقة لها بالزلازل التي تهز "المدن" الكبرى، وكأننا نفهم من ذلك أن اقتصادنا بقي على حاله وكأن شيئاً لم يحدث.

إذا كان هذا فعلاً هو الوضع القائم بالنسبة لنا، فما يحدث ليس إلا حالة خوف لا أكثر كما هو معروف لدى كثيرين، وهذا الخوف أدى إلى عزوف المستثمرين عن اتخاذ خطوات استثمارية جريئة كما كان الأمر قبل اندلاع الأزمة، وهو ما يعني تجميداً لاستثمارات مهمة كثيرة وارتفاع حجم "تكلفة الفرصة الضائعة".

أما بخصوص التضخم، فإن سؤالاً يتبادر إلى الذهن بأنه لو لم تحدث هذه الأزمة، فما الإجراء الذي كانت الحكومة ستتبعه للحد من التضخم الذي "وصل إلى مستويات قياسية في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي" بحسب تصريح الكساسبة؟

مادام اقتصادنا"على المدى القصير والمتوسط" في منأىً عن مخاطر الأزمة، فلنبقِ على دوران عجلة الاستثمار، ولنفرد أسواقنا في الشمس عل الجمود يذوب عن قطاعاتها، ولنخفض سعر الفائدة لنؤكد للناس أن لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون.. ولنشجعهم على خوض غمار الاستثمار من جديد قبل أن ندفع ثمن "الفائدة الغالية".. "غالياً".

ولعلّنا نسأل هنا عن حجم اقتراض الحكومة من المصارف الأردنية والعاملة في الأردن، فمهما كان حجم هذا الاقتراض، ولا أظنه هيّناً، فإن الحكومة هي المستفيدة "أيضا" في حال خفّضت سعر الفائدة!

نحن لا ندعي أن لا وجود للتضخم، لكن التضخم ظاهرة طبيعية، والحلول لمعالجتها كثيرة ومختلفة، ومن واجبنا وواجب البنك المركزي والجهات المعنية رفع مستوى الوعي لدى المستثمرين والناس حول أساليب استعمالهم مواردهم النقدية بأسلوب متّزن، ولو كان التطبيق على أرض الواقع والسرد النظري متضادين متنافرين.

علينا أن نكون استباقيين، أو على الأقل.. علينا أن نحاول اتخاذ تدابير وقائية لردع الأزمات قبل حدوثها من أجل أن نحمي أنفسنا ومستقبلنا.

 من أجمل ما قرأنا وسمعنا في الصحف حول اقتصادنا الوطني كان إعلان جلالة الملك أن العام المقبل سيكون "عام الزراعة"، فقد حان الوقت فعلاً لكي نلتفت إلى قطاعات أخرى عديدة نامت في سبات عميق.. حتى طواها النسيان.

[email protected]

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا