سلاح المعرفة

0000
0000

عمان - الغد - عند اختيار أروى كعضوة أساسية في فريق برنامج "تطوير المساحات والممارسات المعزّزة لحماية الأردنيين والسوريين في المجتمعات المستضيفة، تملّكها شعورٌ بالحماس الممزوج بالقلق، لأن مهمة تدريب زملائها الأكبر سنّاً من وزارة الشباب شكّلت تحديّاً مخيفاً في نظر تلك الشابة، رغم خبراتها المتراكمة كمدرّبة في العديد من البرامج السابقة. لذلك، وجدت صاحبة الـ28 عاماً في هذه المهمة فرصةً لخوض تجربة جديدة تتيح لها استكشاف قدراتها الكامنة، وتمنحها فرصةً لتطوير أدواتها بغض النظر عن شعورها بالرهبة.اضافة اعلان
لم يكن لدى أروى أي معرفة سابقة بقضايا الحماية، ولم تتصوّر حتى أهمية هذه المسألة كضرورة ملحّة ينبغي معالجتها، رغم إدراكها التام بأن البيئة التي نعيش فيها لا تشبه المدن الفاضلة في عوالم الأحلام، وإنما تحفل بالممارسات الوحشية.
تناول البرنامج مفاهيم الحماية على مدى 5 أيام من التدريب المكثّف، كما تعمّق في تحليل المجالات الخاصة بحماية الطفل، بما في ذلك عمالة الأطفال واستغلالهم، وإساءة معاملتهم، والقوانين والتشريعات ذات الصلة، وإجراءات الإحالة، وتطرّق أيضاً إلى قضية العنف المبني على النوع الاجتماعي. وتقول أروى في هذا الصدد: "لم أستوعب معنى الحماية في البداية، حيث اعتقدت بأن ثقافتنا تتميز بالأمان، ولكني أدركت قيمة الاطلاع على قضايا الحماية وأبعادها المختلفة. وشيئاً فشيئاً، تولّد لديّ اهتمامٌ أكبر بالموضوع وحرصت على معرفة المزيد". وهذا ما أبدته فعلاً من خلال التركيز خلال التدريبات التي لم تفوّت أي لحظة منها.
وتتابع أروى: "أدركتُ بأن مفهوم حماية الطفل لا يقتصر على الآباء والأسر وإنما يشمل الكيان المجتمعي ككل". وقد ساهمت هذه العقلية في تعزيز الشعور بالمسؤولية لدى المدربة اليافعة تجاه زيادة الوعي بحماية الطفل والعنف المبني على النوع الاجتماعي: "جاءت تلك التجربة في المكان والزمان المناسبين، حيث تم تزويدي بالمعرفة التي أردتُ مشاركتها مع الجميع، بدءاً من زملائي". وهكذا شعرت أروى بأنها مستعدة للانتقال إلى المرحلة الثانية من البرنامج والشروع في تدريب زملائها من وزارة الشباب.
لم تكن بداية التدريب سهلةً على الإطلاق، حيث أظهر المشاركون عدم انسجام مع المحتوى الذي تم طرحه ولم يجد الكثير منهم أي معنى للتعرّف على قضايا الحماية، حيث بدت أعين الكثيرين وكأنها تسأل بسخرية: "هل تريدين تعليمنا كيفية الاعتناء بأطفالنا؟". ولكن أروى تحلّت بالكثير من الصبر لأنها تدرك بأن الجهل بماهية الحماية ومعناها الجوهري هو السبب وراء هذا التفاعل السلبي مع الموضوع.
استغرق التدريب 8 أيام بحضور 35 مشاركاً، وقد لاحظت أروى تغييراً ملحوظاً في مواقف الحضور منذ اليوم الثاني والثالث، حيث تحوّل المشاركون من حالة التشكيك بجدوى الطرح إلى حالة الاندماج معه، فبدأوا بمناقشة افتراضات مختلفة حول هذه القضية وكيفية التعامل مع كل منها، كما ذكر آخرون أمثلةً شهدوها عن حالات تندرج تحت إساءة معاملة الأطفال.
وهكذا، ومن خلال شغفها وتصميمها، تمكّنت أروى من إتمام التدريب وشجعّت المشاركين على الإبلاغ عن حالات إساءة معاملة الأطفال وفق الإجراءات الصحيحة. وقد دفع نجاح هذه التجربة وزارة الشباب إلى العمل من أجل تطوير برنامج حماية الطفل وتعميمه في مراكز الشباب على امتداد المملكة الأردنية.
وتختصر أروى أبرز النقاط المكتسبة من التجربة بالقول: "تعلّمتُ أنا والمشاركون بأن القانون الأردني يحمي الأطفال وكل من يبلغ عن حالات إساءة المعاملة التي قد يتعرّضون لها. فمن المهم أن يدرك أفراد المجتمع هذه القوانين وأن يتم تثقيف الأطفال حول حقوقهم".
أمّا على الصعيد الشخصي، فقد اكتسبت أروى خبرةً عميقةً في قضايا الحماية وطوّرت مهاراتها كمدرّبة: "أدرك الآن مدى أهمية حماية الطفل كقضية ملحّة ينبغي زيادة الوعي بها".
وكانت أروى قد تلقّت الكثير من الدعوات لتنظيم ورش عمل وجلسات توعية خاصة بالسيدات من المجتمعات المضيفة في العديد من مراكز الشباب بمدينة المفرق.
وتعتقد أروى أن تزويد الفرد بالمعرفة من شأنه أن يأتي بفوائد مضاعفة تصل في النهاية إلى مجتمع مثقّف لا يتسامح مع قضايا الإساءة أو العنف بأي شكل من الأشكال.