سلامة الدرعاوي يكتب: تأجيل توزيع أرباح البنوك بين مؤيد ومعارض

أثار قرار البنك المركزيّ الأخير بتأجيل توزيع أرباح البنوك للعام 2020 والسماح بتوزيع أسهم مجانيّة جدلاً واسعاً بين الفئات ذات العلاقة بالموضوع، خاصة المساهمين وإدارات البنوك.اضافة اعلان
منهم من يرى أن قرار البنك المركزيّ سليم من الناحية الاقتصاديّة، وآخرون يرون فيه ضرراً كبيراً على المساهمين الذين ينتظرون توزيعات الأرباح بفارغ الصبر ليستكملوا من خلالها دفع التزاماتهم المختلفة.
المؤيدون لقرار المركزيّ يرون أن هناك جملة من الأسباب الموضوعيّة التي دفعت لاتخاذ مثل هذا القرار في هذا الوقت تحديداً، منها أن غالبية البنوك المركزيّة الأوروبيّة، وفي إطار مواجهتها الأزمة الاقتصاديّة التي خلفتها أزمة كورونا على بلدانهم، اتخذت قرارات بتأجيل توزيع أرباحها هذا العام.
وآخرون من المؤيدين لقرار المركزيّ يرون أن القرار جاء لتحقيق مجموعة من الأهداف من أهمها: تدعيم المراكز الماليّة للبنوك ورفع قواعدها الرأسماليّة بشكل أكبر، علماً أن المؤسسات المصرفيّة الأردنيّة تتمتع بمؤشرات سيولة وملاءة ماليّة عالية، وهي في متوسطها أعلى من المُعدّلات المتعارف عليها عالميّاً.
لا شك أن القرار سيمكّن البنوك من تقديم التمويل للمؤسسات والقطاعات الاقتصاديّة المختلفة في المملكة بشروط أفضل ويحسّن أيضا من احتياطات السيولة لدى البنوك؛ إذ إن المؤسسات المصرفيّة الأردنيّة تلعب دوراً محوريّاً في تدعيم الاقتصاد الوطنيّ والمحافظة على استمرارية عمل المؤسسات المختلفة من خلال إمدادها بالسيولة اللازمة سواءً من خلال التمويلات القائمة أو تلك المتوقع منحها في الأجل القريب لتمكين المؤسسات من تجاوز آثار جائحة كورونا.
المعارضون لقرار البنك المركزيّ بعدم توزيع أرباح للمساهمين عن العام 2019 يرون أنه يرسل إشارات خطيرة قد تطيح بسمعة شركات البلد الكبرى وتدفع المساهمين الأردنيين والأجانب للاستثمار في بلدان أكثر أماناً واستقرار؛ حيث تسود التشريعات الدوليّة وتحترم الهيئات العامة صاحبة الولاية على الشركات.
وآخرون معارضون يرون في قرار المركزيّ أنه تغوّل في استخدام قانون الدفاع وأنه يجب أن يكون هناك مرونة في التعامل مع القضايا الاقتصاديّة بشكل متوازن وليس على حساب جهات ما، خاصة وأن البنوك لا تعاني أبداً من أي أوضاع ماليّة صعبة، بالعكس هي تتمتع بقدرات ماليّة سليمة وقويّة تؤهلها للتعاطي الرشيد مع تحديات المرحلة كافة.
أمام هذه التساؤلات وما بين مؤيد ومعارض، أجد نفسي مؤيداً للتصريح الصحفيّ الذي أطلقه رئيس مجلس إدارة البنك الأردنيّ الكويتي رئيس الوزراء السابق عبد الكريم الكباريتي الذي وصف قرار المركزيّ بأنه ضرورة استدعتها خطورة الأوضاع وتداعياتها في خطوة نحو تدعيم القاعدة الرأسماليّة للبنوك، حتى تتمكّن من القيام بدورها كرافعة للاقتصاد في مرحلة ما بعد كورونا.
الأعوام الأخيرة أثبتت أن البنك المركزيّ لعب دوراً رئيسيّاً مهماً في حماية الاقتصاد الوطنيّ وتعزيز استقراره في أصعب الظروف الاقتصاديّة وتحت وطأة تحديات كبيرة، والتاريخ أثبت نجاعة قراراته في النهاية، ولولاه لكان الاقتصاد في خبر كان والكُلّ يعلم ذلك، لذلك قد يكون قرار المركزيّ بتأجيل توزيع الأرباح مؤلما للمساهمين، لكنه في النهاية سيمكّن الجهاز المصرفيّ ليكون أكثر قوة ومنعة في مواجهة أي تجهيزات مستقبليّة، خاصة وأن تداعيات كورونا لن تنتهي في المديين القريب والمتوسط، وستكون هناك سلسلة متواصلة ومستمرة من التحديات، الأمر الذي يتطلب مزيدا من التحوط والحذر.