سلامة الدرعاوي يكتب: حتى نحمي البورصة من الانهيار

يوم الأحد سيكون اول ايام التداول لبورصة عمّان بعد توقف دام خمسين يوماً تقريباً، والقرار الحكوميّ يأتي انسجاماً مع قرارها بعودة القطاعات الاقتصاديّة المختلفة للعمل، رغم استمرار العطلة الرسميّة للقطاع العام بموجب امر الدفاع بآخر شهر ايار. مبررات الحكومة في اعادة فتح البورصة تستند على مجموعة من المعطيات ابرزها: ان مؤشر البورصة سجل تراجعا بنسبة 8.2 بالمائة منذ بداية العام الحالي، بينما أسواق مثل السعوديّ تراجع بنسبة 20 بالمائة منذ بداية العام، وسوق دبي تراجع بنسبة 30 بالمائة منذ بداية العام، و مؤشر الداو جونز تراجع بنسبة 20 بالمائة رغم أنه سجل 40 بالمائة في وقت سابق، مما يعني رقميّاً ان بورصة عمان هي الأقل تضرراً لغاية الآن، ولا ننسى ان مسألة ارتفاع أو تراجع الأسواق طموح مشروع لكل طبيعة استثمارية، ونتذكر أن في الأسواق المالية دائما هناك كاسب، وبنفس الوقت دائما هناك خاسر. لكن هناك من يرى ان معطيات ارض الواقع الراهنة تشير الى انه في حال فتح البورصة للتداول من جديد يعني ان سوق رأس المال باتجاه سلبيّ اقرب للانهيار خاصة وان معالم التعافي او الخروج من ازمة الكورونا لم تتضح لغاية الآن وهو ما دفع شركات الوساطة المالية وخبراء الاسواق الى مناشدة الحكومة الى تحديد نسبة الانخفاض من 2.5 بالمائة الى 1 بالمائة مستندين في ذلك على واقع التعرفة في البورصة وسلوكيات المستثمرين المعروفة. فالمعطيات تشير الى ان الغالبية من المستثمرين سيتوجهون لبيع أسهمهم لعدم وضوح الرؤيا الاقتصاديّة بشكل عام، فالحكومة لم تقدم أي دعم يذكر لتداولات السوق الماليّ سواء على صعيد إلغاء أو تعليق الضريبة ولو مؤقتا لحين التعافي ولا يوجد في الافق ما يشير الى وجود امكانية رسميّة او من قبل صناديق استثماريّة برفد السوق بالسيولة اللازمة لتحريك السوق، ناهيك عن الضعف الذي سيكون في قوى الشراء. الحكومة عليها ان تدرك ان حجب الأرباح تحت مسمى حفظها وهي فعليا محجوزة، حيث لا فرق بين الحفظ والحجز إن لم نملك حرية التصرف بها، وهذا ما سيدفع بالعديد من حاملي الاسهم لبيع محافظهم من اجل تلبية احتياجاتهم التمويليّة المختلفة، وهنا سيسود التوجه البيعي لدى المستثمرين الأجانب والمحليين على حد سواء بسبب حجب أرباح البنوك إذ لا جدوى من أي استثمار بدون عائد، ناهيك عن نقص السيولة لدى المستثمرين بسبب تعطل مصادر الدخل سواء كانت على الصعيد الفرديّ أو المؤسسيّ، مصحوبا بتراجع الثقة بالسوق بسبب غياب التدخل الحكوميّ المزمن. حيث إن السوق لم يكن يوما ما على أجندة الحكومة الاقتصادية. هنا يتطلب من الجهات الحكوميّة تقييم فعلي للحالة الواقعية لليوم الأول لحركة التداول والتوقعات المستقبليّة، فالحكومة لا تمتلك السيولة او أيّ امكانية للدعم المباشر، وفي ظل إحجام المستثمرين سواء المحليين او الاجانب، فالموازنة عصفت بالجميع، وهناك جمود حتى في استقطاب الصناديق الاستثمارية، وهذا امر طبيعي يكفي الاقتصاد الاردني، ذلك الاقتصاد المحاصر بأزمات المنطقة والمعتمد بشكل متزايد على المساعدات الخارجية، وهنا قد يكون الحل المنطقي الاسرع والاحوط هو تخفيض نسب التراجع الى 1 بالمائة لحين ادراك واستيعاب صدمة الكورونا واتضاح المشهد الاقتصاديّ وكيفية اعداد الحكومة لخطة وطنيّة لمواجهة تداعياتها ومن ثم تحفيز الاقتصاد وقطاعاته المختلفة بشكل تدريجيّ، والخروج بأقل الخسائر لحين عودة الثقة التدريجيّة لسوق رأس المال الوطنيّ.اضافة اعلان