سلبية العالم ازاء التحديات الذرية التي تواجهه

سلبية العالم ازاء التحديات الذرية التي تواجهه
سلبية العالم ازاء التحديات الذرية التي تواجهه

افرايم اسكولاي

     

بلغت إيران أمام أنظار دول العالم المترقبة علامة الطريق الجدية، وهي جمع كمية كافية من اليورانيوم المخصب بدرجة منخفضة (أل اي يو) تمكنها من الاستمرار في تخصيبها وانتاج كمية مهمة (أس.كيو) أي 25 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بدرجة عالية. هذه الكمية كافية لانتاج مادة انشطارية لقنبلة ذرية تعتمد على اليورانيوم المخصب بدرجة عالية. وقد بلغ الإيرانيون علامة الطريق هذه في وقت أقل من المتوقع بعدة شهور، وذلك في الأساس بفضل نجوعهم في تركيب واستعمال عدد كبير من آلات الطرد المركزي التي تعمل بالغاز، وهي الآلات التي تخصب اليورانيوم.

اضافة اعلان

يقوم هذا التقدير على معلومات يشتمل عليها التقرير الاخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية في الخامس من حزيران (يونيو) العام 2009. في هذا الوقت لا يوجد ما يدعو إيران الى انتاج يورانيوم مخصب بدرجة عالية، لان ما هو أكثر منطقا هو جمع كمية أكبر من اليورانيوم المخصب بدرجة منخفضة، وتخصيبه في المرحلة المقبلة مرة واحدة ليصبح كمية من اليورانيوم المخصب بدرجة عالية، تكفي لبناء ترسانة صغيرة من السلاح الذري. اذا استقر رأي إيران على تخصيب الـ (ال اي يو) ليصبح (اش اي يو) – فانها تستطيع ان تحول عددا من نظم آلات الطرد المركزي الـ (ال اي يو) – العاملة، وان تستكمل تخصيب الـ (اش اي يو) في غضون اقل من سنة. من شبه المحقق انها ستخلص الى استنتاج انها تحتاج الى قنبلتين لتجارب ذرية تحت الأرض. (تحتاج الى الثانية في حالة فشل التجربة الأولى)، وبعد ذلك قنبلة اخرى او قنبلتان كعامل ردع او للاستعمال بالفعل.

يتبين من المعلومات التي يشتمل عليها تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان أربع كميات كبيرة (اسكيو)" ستنتج حتى نهاية العام 2010 او في موعد أقرب. ومن المؤكد ان هذا السيناريو قد يتحقق اذا استمر العالم على الاعمال المهادنة غير الناجعة التي ترمي في ظاهر الامر الى منع إيران من التوصل الى علامات طريق اخرى.

ينتظر العالم في الامد القصير تغييرات في إيران. لكن الزعيم الاعلى آية الله علي خامينئي هو الزعيم الفعلي في إيران وقراراته هي الحاسمة. كذلك يسيطر الزعيم الاعلى على "الحرس الثوري"، الذي يسيطر على انتاج ونشر سلاح الابادة الجماعية، وفي ضمنه صواريخ إيران.

إن التغيير الذي قد يحدث هو الانتقال الى لغة أكثر مهادنة مع الغرب، قد تطمئنه أكثر فأكثر ليعتقد انه يوجد أمل في وقف تام لخطة تطوير السلاح الذري. بالرغم من أن كثيرين يوافقون على ان إيران تنجح في كسب الوقت في لعبتها، ما تزال ادارة اوباما تتريث وتعلق الآمال على "محادثات" متملصة قد تنجح او تفشل. مع ذلك إيران قريبة الان كثيرا الى هدفها، بحيث أن احتمالات وقفها خطتها الذرية غير قائمة. ان عملا اقوى، مثل فرض عقوبات من النوع الذي فرض على العراق في العام  1991، مع حظر شامل للتجارة والعلاقات الدبلوماسية، ربما يجبر إيران على الخضوع لمطالب مجلس الامن المتعلقة بتعليق العمليات.

في اليوم الذي ارسلت فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرها عن إيران الى الدول الاعضاء، نشرت تقريرا عن سورية ايضا. وبالرغم من أن التقرير عن سورية اقل تفصيلا من التقرير الذي يتناول إيران، حيث توجد فيه نقطة مهمة وحذف مؤسف واحد. تذكر الفقرة 17 من تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان العينات التي اخذتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية من منشأة ذرية معلنة تشتمل على جزيئات يورانيوم طبيعي انتروبوغيني ذات سمات غير محددة. وقد وجدت هذه الجزيئات داخل "افران ساخنة" ومعدات مصاحبة.

إن هذا المعطى مهم جدا، لان جزيئات اليورانيوم الطبيعي الذي وجدت في موقع المفاعل الذي قصف في دير الزور ذكر انها "انتروبوغينية"، اي ان اليورانيوم جرت عليه تهيئة بيد البشر ولم تغيره عمليات الطبيعة. على نحو غير مفسر، لا يعطي تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تفصيلا يتعلق بتركيبة الجزيئات، واهم من ذلك انه لا يجيب سؤال هل تتماثل الجزيئات التي وجدت في الموقعين. اذا كانت متماثلة فهل يشهد الامر بان مصدرها وقود من مفاعل ذري؟ اذا كانت الجزيئات متماثلة فلماذا ما تزال الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشغل نفسها بقضية القصف الإسرائيلي للمفاعل على أنه مصدر ممكن للجزيئات التي وجدت في دير الزور؟ من المحقق ان من قصف موقع دير الزور لم يقصف المختبرات المعلنة ولم يزرع فيها الجزيئات. هذا الامر يدحض كل زعم سوري ان الجزيئات في الموقع المقصوف مصدرها القصف الاسرائيلي. فضلا عن ذلك ما الذي فعلته هذه الجزيئات داخل وحول "الافران الساخنة"؟

القضية الثانية والحذف المهم من التقرير عن سورية هو ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية تمتنع عن القول ان نشاطات سورية تدل على نشاطات ذرية غير قانونية لا تلائم التزامات سورية كدولة عضو في ميثاق منع انتشار السلاح الذري.

يدل هذا الامر للاسف الشديد على خلل في سلوك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعدم استعداد الادارة العامة لتوجيه اصبع اتهام الى دولة عضو والاعلان انها ناقضة محتملة للميثاق. كان يجب عليها فعل ذلك، وان تعطي الدولة المعنية مهلة لدحض التهم الموجهة اليها. مع ذلك، وفي النظام الحالي، لا توجد اي دولة مخلة بالقانون. فما دامت لديها قصص ترويها، وما دامت تضمن مقاربة غامضة، لا تصدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية اي لائحة اتهام، وهذا هو شأن سورية.

ان قضية الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران اخطر، لان الوكالة الدولية كانت عالمة باكاذيب إيران منذ البدء وذكرت ذلك بعد ذلك في تقاريرها، ونشاطاتها الخفية غير المعلنة، ورفضها حتى الان ان تسلم الوكالة الدولية للطاقة الذرية معلومات تستحقها من جهة قانونية. مع النهاية القريبة لولاية د. البرادعي كمدير عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يمكن ان نأمل فقط ان يتخذ المدير العام القادم الذي سينتخب قريبا توجها اكثر واقعية واقل تسامحا مع الدول الموقعة على ميثاق حظر انتشار السلاح الذري، والتي لا تتعاون بشكل تام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.