سلمان خان يقتل "البغدادي"!

لماذا لم يجرّب مخرج سينمائي ولو مرّة أن يموت البطل في بداية الفيلم؟
ما الذي يجعل البطل كائناً لا يُهزم، ولماذا تصرّ السينما الأميركية والهندية أن بطل الفيلم شخصية خارقة يجب أن يحتفل مع المشاهدين دائماً بانتصار الخير.. قبل أن يوصل الجمهور إلى باب السينما مودّعاً!اضافة اعلان
في فيلم " تايجر ما زال على قيد الحياة"، يحتاج سلمان خان، النجم الهندي المعروف، إلى ساعات قليلة فقط، وبندقية اتوماتيكية واحدة، للقضاء على تنظيم داعش، ثم يقوم بقتل "البغدادي" زعيم التنظيم بيديه بعد أن يقتل جنوده وأتباعه جميعاً!
الفيلم الذي تكلَّف ميزانية إنتاج ضخمة، وصوّر في عدّة دول، يستخف بعقل المشاهد بطريقة مبالغ فيها، وأكثر مما يحدث في أفلام الآكشن المعتادة، فيبدأ بمشهد لسلمان خان مع طفله في جبال الألب حيث يعيش ثم يهاجمه قطيع ذئاب، فيتخلص من الذئاب المسعورة قتلاً وخنقاً بيديه، دون أن يبدو على طفله أي علامات خوف! ثم يظهر في المنزل لنعرف أنه عميل سري للمخابرات الهندية وأنه في إجازة مع زوجته الباكستانية التي نفهم أنها أيضا عميلة سرية لمخابرات بلادها!
بعد ذلك تستعين به حكومته لإنقاذ 25 ممرضة اختطفهن التنظيم الإرهابي في العراق كرهائن، فيسافر إلى هناك مع 3 تقنيين فقط، ويفاجأ بزوجته سبقته إلى هناك، دون تنسيق، لتنقذ 15 رهينة باكستانية، ثم يقررا تجاوز الخلافات بين بلديهما وتنفيذ عملية مشتركة لانقاذ الفتيات الـ 40 !
برصاصة واحدة في أحد المشاهد يقتل خان رجلين معا، فيما زوجته بسيارتها الميني الصغيرة تقفز من فوق سيارات مدرعة وبنايات عالية، وبسكين فاكهة صغيرة تذبح أحد قيادات التنظيم!
كان يمكن للفيلم أن يكون مقنعاً، وأن يساهم في الحرب على الإرهاب فعلاً، وأن يصوّر هذه الوحوش على أنه يمكن الانتصار عليها في آخر الأمر.. لكنه بدلاً من ذلك أفسد الفكرة كلها، وأفسد الفيلم، حين ظهر سلمان خان ببندقيته الأوتوماتيكية يحصد حوالي مائة من مقاتلي التنظيم مرة واحدة كأنه يستخدم مبيدا للحشرات الهزيلة!
تلعب السينما دوراً أخطر من الصحافة في صناعة الوعي، أو تضليله، كونها غير تقريرية وغير مباشرة، ويتقبلها المشاهد بودّ أكثر مما يفعل مع الصحافة، وهنا تكمن خطورتها في تثقيف أو تجهيل المشاهد، لذلك حين نرى سلمان خان موثقا بسلاسل حديدية غليظة ثم فجأة لا نعرف كيف نهض من مكانه وانقض على حراسه بدون أي تبرير أو مسوغ تقني.. ولو خدعة إخراجية صغيرة، فإن إحترام السينما للمشاهد هنا يصبح مشكوكا فيه.. وتصير مسألة الثقة بين المشاهد والشاشة صعبة جداً.
وفي المشهد الأخير، ينقذ خان الفتيات الهنديات والباكستانيات مع عدد من الرهائن الأميركيين، حيث كان الجمع كله قد ارتدى الزيّ البرتقالي وتم تجهيزهم للإعدام.. لكن زوجته كانت قد أسرت وتم تقييدها في محرقة حديدية، فيُخرج الجميع من المبنى ويعود لإنقاذها، في اللحظة التي يسقط صاروخ أميركي يحرق المبنى والأرض ويخلع المكان من مكانه.. لكنه وهو البطل الخارق يظهر فجأة في اليونان مع زوجته وطفله بملابس البحر يأكلون الآيس كريم في نهاية سعيدة للفيلم! دون أن يكلّف المخرج نفسه أن يشرح لنا: كيف تمّ ذلك! وكيف نجا هو وأنقذها من فرن الصهر الحديدي ومن تحت صاروخ أميركي!
للسينما وظيفة مهمة في الحياة.. لا أقصد ان تكون صاحبة رسالة وموعظة فجّة، فلا بأس طبعا بقليل من الآكشن، والمتعة.. ولكن مع قليل أيضاً من احترام العقل!