سلوك النخب الأردنية مفترضا الأبدية

عندما تسعى النخب الأردنية في عرقلة مكافحة الفساد ومنع إصدار تشريعات ملائمة لذلك، فهي تعني أنها بفريقها المغلق المحدد بالذات والأبناء والأصهار باقية في موضع النفوذ والتأثير وإلى الأبد، وأنها تفكر في تشريعات تحميها وإلى الأبد، وأنها لا تفترض أبدا احتمالات التغيير والتداول في السلطة والتأثير، وأنها لن ترحل أبدا حتى لو فشلت، وحتى لو كان أبناؤها فاشلين وراسبين في الثانوية العامة.اضافة اعلان
النخب الأردنية تتحدث عن الإصلاح وتنتقد الحراك السياسي والاجتماعي ببداهة الوصاية وحقها في امتلاك وتوظيف القرار والتشريع والتأثير والفرص والموارد والإعلام والثقافة والمساجد والغابات والموسيقى والفنون، وأنها تعز من تشاء وتذل من تشاء، وترزق من تشاء بغير حساب. ما معنى بيع أراض بأسعار رمزية لشركات وشخصيات (من الشلة إياها المسماة نخبة) وبعضها غير مسجلة، ثم تباع هذه الأراضي التي منحت لمستثمرين بأسعار مضاعفة أضعافا خيالية؟! ما معنى مواصلة الاستخفاف بالمواطنين وعدم الجدية في الإجراءات والسياسات..؟ الجدية الوحيدة هي البلطجة والاعتداء على المواطنين وإرهابهم وابتزاز المجتمعات والشعب بأكمله!
لسان حال النخب الأردنية، كما يراد أن نفهم من تصريحات الوزراء والمسؤولين والحواشي والأنصار والبلطجية، أنه إذا لم يتوقف الحراك الإصلاحي فلا غاز ولا دعم للسلع ولا كهرباء ولا ماء ولا مواصلات ولا طرق سالكة ولا إنترنت ولا أمن ولا استقرار.. ما الفرق بين هذا الخطاب وخطاب سيف الإسلام القذافي؟
بوضوح وبساطة، فإن النخب الأردنية تريد بالفعل ديمقراطية جميلة وحقيقية، وتريد بالفعل إصلاحا لا يؤدي إلى ولاية الشعب على الموارد والميزانيات والإنفاق والتوزيع والفرص، ولكنها ديمقراطية كما درج الإعلام الصديق على وصفها بالعرس الديمقراطي، شيء من قبيل حماية السلاحف الزرقاء من الانقراض، وجمع الزهور البرية، وأغاني السامر في عز الظهيرة. وتريد بالفعل انتخابات نيابية وبلدية نزيهة وحقيقية، ولكنها لا تؤثر بشيء في الاختيار والتعيين في الوظائف والأعمال إلا في الفئة الرابعة، ولا تؤثر شيئا في سياسة التوريدات والعطاءات والإنفاق العام، ولا تفصح شيئا عن مصير المنح والمساعدات والميزانيات إلا على نحو يضج بالاستغباء والتهديد وعدم الاحترام. وتريد إعلاما حرا وديمقراطيا، ولكنه لا يصل أبدا إلى المشاركة في المعلومات. وتريد تنافسية عادلة، ولكنها تنافسية لا تشمل سوى فرص لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تختلف عن عدمها.. أو على رأي المثل "لا تقسم صحيح، ولا تأكل مقسوم.. وكل حتى تشبع"!