سنة وشيعة.. سيمفونية مشروخة!

مُنع الأذان في القدس فصمت المسلمون. قُتل الأطفال والآمنون في دمشق عبر تفجيرات إرهابية متلاحقة، فصمت العالمان العربي والاسلامي، والدولي ايضا. خُربت اليمن فعمّ الصمت. تنتهك الطائرات الصهيونية الأجواء السورية، فتلتزم جامعة العرب الصمت، ولا تخرج أصوات تؤيد حق سورية في الدفاع عن نفسها والرد على الغارات الصهيونية!اضافة اعلان
وبعد كل ذلك، يخرج علينا من جديد علماء (سنة) حينا، وحينا (شيعة) لإذكاء الفتن الطائفية وزيادة الاحتقانات الطائفية. مؤخرا خرج علينا من يعرفون بـ"علماء المسلمين"، عبر بيان أصدروه مؤخرا، يطالبون فيه -بحسبهم- بنصرة الموصل باعتبارها تتعرض للإبادة!
وهنا يتوجب التنويه إلى أن الموصل التي يطالب البيان بنصرتها هي "عاصمة" ما يعرف بتنظيم "داعش" الإرهابي الذي هجر أهلها واستباح حرمات سكانها وقتلهم وسبى نساءهم، دون أن يفرق بين سنة وشيعة وكرد ويزيديين. وقت ذاك، لم يصدر أولئك بيانات مماثلة حول ما تعرضت له المدينة من قبل خوارج العصر، ولم نسمع بيانات تستنهض الهمم وتوضح اللبس وتخرج أولئك القتلة من الملة وتكفرهم مثلا.
فـ"داعش" الذي تشن القوات العراقية عليه حربا منذ أشهر لاستعادة الموصل العراقية من براثنه، عاث فسادا في هذه المدينة وغيرها، وسبى النساء اليزيديات والعراقيات سنة وشيعة وأكرادا، وغير شكل المدينة وشوه صورة الدين، ورغم ذلك صمت أولئك عن الكلام المباح!!.
البيان الذي صدر عن رابطة علماء المسلمين، لم يتطرق مصدروه لمنع الأذان في القدس، ولم يتحدثوا عن الجرائم الصهيونية في المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، أو عما يحصل في اليمن وليبيا وغيرها، وإنما عاد البيان بنا للمعزوفة المشروخة ذاتها "شيعة وسنة"، وهي معزوفة تعودنا عليها عبر السنوات الست الماضية، والتي بات هدفها واضحا وضوح الشمس، وهو إدامة النزاع والخلاف بين المذاهب لتغذية الفرقة وإدامتها.
تناسى البيان أن القاتل، سواء أكان شيعيا أم سنيا، هو إرهابي بغض النظر عن مذهبه ولونه ودينه، وأن غضّ الطرف عن كل من يقتل الآمنين والعزل ويعتدي على جيش بلاده إرهابي يحمل فكرا منحرفا خارجيا، يتوجب مقاومته وحشد الطاقات لإخراجه من ثنايا وطننا.
أيعقل أن يصل التقسيم المذهبي، بحسب البيان، للمدن؟ فتوصف الموصل بالمدينة السنية وتوصف البصرة مثلا بالمدينة الشيعية، أيعقل بعد كل تلك السنوات أن تبقى المعزوفة ذاتها هي التي تتحكم فينا وتسيرنا وتبعدنا عن رؤية الحقيقة التي غابت عن مصدري البيان، عندما تعلق الامر بالأقصى، وقتل الأبرياء والعزل في قصر العدل بدمشق.
يستنهض البيان همم شعوب العالم للتبرع والجود بما يتيسر لهم والقيام بالواجب الإنساني نحو إخوانهم في الإنسانية!!، منوها إلى أن مدينة "الموصل" مدينة إسلامية سنية! توالت عليها الدول دون أن تغير من تركيبتها السكانية.
ماذا يريد مصدرو البيان؟ هل يريدون أن تبقى الموصل في قبضة "داعش" ولا تعود لحضن العراق؟ هل يريدون منا أن ندافع عن "داعش" ومن لف لفه من قتلة وخوارج؟
"داعش" أحضرت للموصل جميع شذاذ آفاق العالم، كل القتلة والسفاحين والسوداويين، فيما يطالبنا البيان بعدم التخاذل عن نصرة (أهل الموصل)، ويعتبر أن التخاذل بـ"مثابة مشاركة في جريمة العدوان على أهلها"، ترى من يقصد البيان بأهل الموصل، هل هم "داعش" ومن استحضرهم من جميع أصقاع الأرض؟!.
لأولئك الذين استمرأوا العزف على اللحن الطائفي والضخ فيه، نقول كفاكم لعبا بالدين ومفرداته، كفاكم إبعادا لشعوبنا عن الحقيقة، كفاكم عزفا على نغمات نشاز مشروخة لإبعاد شبابنا وشعوبنا عما يجري في فلسطين، وما يقوم به الصهاينة من مخططات فاشية، وبناء مستعمرات واستحضار مستعمرين لتغيير الواقع الديمغرافي في القدس ومدن أخرى.