سورية: لقاء بوتين كيري أعاد إنتاج مواقف سابقة

الرئيس الروسي (يمين) خلال استقباله وزير خارجية أميركا -(ا ف ب)
الرئيس الروسي (يمين) خلال استقباله وزير خارجية أميركا -(ا ف ب)

عمان-الغد- لم يخلص المراقبون الى ان لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الاميركي جون كيري، اول من امس، سيفضي الى خطوات يمكن ان تدفع نحو حل سياسي للازمة السورية، معتبرين أن  اللقاء كان محض اعادة انتاج لمواقف سابقة.اضافة اعلان
 واستعاد المراقبون مرات عديدة كانت التصريحات المتفائلة تطغى على ما سواها، ليتبين لاحقا أن خلافات موسكو واشنطن ما تزال على اشدها حيال الملف السوري المتفجر.
واعتبر المراقبون أن أحد الأهداف الرئيسية لزيارة وزير الخارجية جون كيري الى موسكو كان اجتذابها للمشاركة في اللقاء الثالث لمجموعة "دعم سوريا" في نيويورك غدا الجمعة ، وهو اللقاء الثالث الذي يأتي بعد لقائين تم عقدهما في فيينا الشهر الماضي.
واكدوا ان التقدم الميداني على الارض هو ما سيملي انعكاسه السياسي لاحقا بين المتفاوضين، على كل الصعد السورية الداخلية والاقليمية والدولية، متسائلين عن سبب نقل لقاءات فيينا إلى نيويورك، خصوصا وان موسكو كانت طوال الأسبوعين الأخيرين تدلي بتصريحات مختلفة حول أنها لن تشارك في هذا اللقاء، وأن الأوضاع ليست بحاجة إلى لقاءات جديدة قبل تنفيذ التوصيات التي خرج بها المشاركون في اجتماع فيينا الثاني، وعلى رأسها إعداد قوائم المنظمات الإرهابية.
ولفت المراقبون الى أن "الخلافات تدور حول جملة ضخمة من المشاكل والملفات، ولا تقتصر على قوائم المنظمات الإرهابية. فهناك أصلا خلافات على مفهوم الإرهاب، وأخرى على علاقات بعض الدول بالمنظمات الإرهابية والمتطرفة والمسلحة، وثالثة حول التنسيق بشأن الضربات العسكرية التي يوجهها كل من التحالف الأميركي وروسيا في سوريا، ورابعة حول مصير بشار الأسد، وخامسة حول دور إيران في الأزمة السورية، وسادسة حول دور روسيا نفسها، سواء في سورية أو في الشرق الأوسط."
بعد لقاء كيري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف، أعلن الأخير أنه قد تم الاتفاق بالفعل على عقد لقاء جديد لمجموعة "دعم سوريا" على مستوى وزراء الخارجية بنيويورك غدا ، ومواصلة العمل مع واشنطن لتحديد قائمة المعارضة المعتدلة وقائمة الإرهابيين، الامر الذي دفع مراقبين الى القول ان الطرفين توصلا إلى تفاهمات معينة بهذا الشأن، مستدركين ان "التصريحات شيء، والواقع شيء آخر تماما، لأن لقاء كيري مع بوتين ولافروف الأخير في سوتشي أسفر عن تصريحات متفائلة وصلت إلى ما يشبه الاتفاق التام بين موسكو وواشنطن على كل شيء. واتضح في ما بعد أن ذلك لم يكن صحيحا. وبعدها كانت روسيا مضطرة للتواجد العسكري على الأراضي السورية لمكافحة الإرهاب بالدرجة الأولى، ثم جاءت المغامرة التركية بإسقاط سلاح الجو التركي القاذفة الروسية، وظهور الناتو في المشهد السوري، وأحداث أخرى كثيرة".
واعتبر المراقبون ان "واشنطن نجحت في نقل لقاءات مجموعة "دعم سوريا" من فيينا إلى نيويورك، ما يعني أن واشنطن توفر الساحة "الملائمة" للمفاوضات حول الأزمة السورية. وبالتالي، كان من الضروري مشاركة روسيا في لقاء نيويورك الأول (أو اللقاء الثالث بعد اللقائين اللذين عقدا في فيينا)، خاصة وأن اللقاء على مستوى وزراء الخارجية".
وقالوا ان "هذا الأمر مهم مرحليا بالنسبة للولايات المتحدة من حيث الشكل لا المضمون، لأن الإدارة الأميركية قادرة دوما على التراجع عن تصريحاتها وإعادة تفسيرها. كما أن لقاء نيويورك مهم أيضا بالنسبة لروسيا التي ليس في مصلحتها أن تنعقد لقاءات حول سورية دون مشاركتها بصرف النظر عن مستوى المشاركة، ولكي لا يتم تهميشها في ما بعد، وهي الدولة التي لها وجود عسكري على الأرض في سورية".
ولفتوا الى انه "في نهاية المطاف حققت واشنطن هدفها بإقناع موسكو بالحضور، بينما أكدت الأخيرة أن كل شيء على ما يرام وقد تم الاتفاق على تقديم مشروع قرار بشأن سورية إلى مجلس الأمن بناء على بنود اتفاق فيينا".
وكان وزير الخارجية سيرغي لافروف اعرب عن "الأمل بأن ينتج عن لقاء نيويورك التوصل لمشروع قرار يقدم لاحقا إلى مجلس الأمن"، وهو ما اعتبره المراقبون إحدى النقاط الخلافية المهمة، نظرا لتاريخ علاقات الولايات المتحدة وحلفائها بالعديد من المنظمات الإرهابية الناشطة في سورية والعراق وغيرهما من الدول الأخرى التي تعاني ويلات الإرهاب.
وتوقف المراقبون حيال تصريح الوزير سيرغي لافروف من أن لقاء المعارضين السوريين في الرياض ما هو إلا خطوة في عملية تشكيل قائمة موحدة للمعارضة للمشاركة في المفاوضات مع الحكومة السورية.
واعتبروا ان "من الواضح أن كيري قدم توضحات معينة مرفقة، ربما، بتبريرات أو باتفاقات خاصة مع لافروف بشأن لقاء المعارضة السورية في الرياض، لأن موسكو كانت غير راضية عن هذا اللقاء واعتبرته شكلا من أشكال الالتفاف على عملية التسوية الجماعية، خاصة وأن من التقوا في الرياض لا يمثلون كل أطياف المعارضة السورية."
أما وزير الخارجية الأميركي جون كيري فقد قال إن موسكو وواشنطن "تقاربتا" في المواقف حول القضايا المعقدة في سورية وكيفية التعامل معها. وأوضح: "فعلا، توصلنا إلى بعض الاتفاقات وتحدثنا عن صعوبة تصنيف الجماعات الإرهابية، لكنني لا أستطيع الآن التحدث عما اتفقنا عليه على أساس ثنائي لأنه، وكما قال سيرغي لافروف، على مجموعة دعم سورية بأكملها المشاركة في هذا النقاش. ومن المهم مساهمة الجميع في الحلول والنتائج. لكننا قربنا المواقف حول تلك الصعوبات وكيفية التعامل معها".
كيري قال أيضا إن الطرفين تبادلا المعلومات حول مواقع إجراء العمليات ضد الإرهابيين في سوريا. ولكنه أعقب ذلك بالموقف الواضح لواشنطن بأنه "وضَّح الموقف الأميركي حول عدم إمكانية المحافظة على بشار الأسد، ولكن الولايات المتحدة والشركاء لا يسعون في الوقت نفسه إلى تغيير النظام في سوريا حاليا".
وشدد كيري على ضرورة تفعيل التسوية السياسية في سورية، إذ قال "لم نركز خلال المباحثات على خلافاتنا، وخاصة مصير الأسد، بل ركزنا على طرق التقدم في التسوية السياسية بسورية". وقال المراقبون "ان كل ذلك يمكن فهمه في إطار المساعي "لتفعيل التسوية" و"عدم التركيز على الخلافات" على الرغم من وجودها". وتساءلوا :"إلى أي مدى يمكن أن تعوق هذه الخلافات كافة التقاربات الأخرى؟! خصوصا وان كيري أظهر إصرار بلاده في ما يتعلق بمصير الأسد، حيث قال موضحا "لقد أعلنا أننا لا نعتبر أن الأسد يملك إمكانية ليكون زعيما لسورية في المستقبل. لكن اليوم ركزنا اهتمامنا ليس على الاختلافات في وجهات نظرنا، وليس على ما يجب فعله فوريا بحق الأسد، بل ركزنا على العملية السياسية التي سيقوم السوريون بأنفسهم في إطارها باتخاذ قرار حول مصير بلادهم". وتساءل المراقبون اخيرا: "ما هو فهم كل من موسكو وواشنطن لعبارة "سيقوم السوريون بأنفسهم باتخاذ قرار حول مصير بلادهم"؟!