"سوق التين" بوادي السير.. موسم للرزق واحتفاء بالخيرات

جانب من بيع التين في السوق القديم بمدينة وادي السير - (الغد)
جانب من بيع التين في السوق القديم بمدينة وادي السير - (الغد)

تغريد السعايدة

عمان- ما إن يدخل الشخص السوق القديم في مدينة وادي السير في العاصمة عمان، حتى تسمع النداءات بأعلى الأصوات لبيع ثمار التين، يتنافسون بالأسعار بما يشبه المزاد العلني، للحد الذي أصبح الكثيرون يطلقون عليه اسم “بورصة التين”، كونه شبيها بالبورصات العالمية التي تشهد المزاودات المالية.اضافة اعلان
ولأن موسم التين هو المنتشر حالياً في سوق المنتجات الزراعية، فقد دأبت الكثير من العائلات التي تعيش في الأماكن التي يكثر فيها التين إلى استغلال هذا الموسم وتحويله إلى عائد مادي على الأسرة، كما في مناطق وادي السير على مختلف قراها، حتى ان هناك سوقاً في المنطقة معروف باسم “سوق التين”.
“والتين والزيتون”، هما الشجرتان اللتان ذكرتا في القرآن الكريم، وأكثر الأشجار المباركة والمزروعة في الأردن بشكل عام، وفي المناطق الجبلية والشفاغورية على وجه التحديد، وكثيرة هي البيوت القروية التي يوجد أمامها شجرة التين المباركة.
ومن بين التجار في سوق التين، وقف عصام صندوقة ليشتري مجموعة من صناديق “بكس” التين ليبيعها هو للزبائن؛ إذ إن السوق عادةً ما يشتري منه التجار ليبيعوها في محالهم التجارية والبقالات وأسواق الخضار.
ويقول صندوقة إن موسم التين لهذا العام يعد “ممتازا”؛ إذ إن الكميات المنتجة كبيرة و”غلال”، على حد تعبيره، بالإضافة إلى أن الأسعار كذلك مناسبة لهم كتجار وبائعين للتين. ويبين أن البيع يتم عن طريق المزاودة بين البائعين، ومن يشتري الصندوق بسعر أعلى هو من يحصل على المنتوج لهذا اليوم، من البائع الذي يعرض التين للبيع.
وعادةً ما يكون الأشخاص الذين يبيعون التين هم من المزارعين أنفسهم، والذين يأتون من مختلف مناطق وادي السير، وما يميز هذه المنتجات، بحسب الزبون أبو ريان، أن تلك المنتجات يحرص زارعوها على أن تكون خالية من الهرمونات وغير معدلة وراثياً، كونها تعد من الأشجار الموجودة بين شجيرات البيت، لذلك يحرص على الشراء منها بشكل دائم من خلال البسطات التي يتم فيها عرض المنتجات على الطرقات بالقرب من طريق وادي السير ودابوق.
وأضاف صندوقة أن صندوق التين يباع بالعادة بين دينارين وأربعة دنانير للتجار، بينما يبيعها تجار بأسعار متفاوتة للكيلو، تتراوح كذلك بين أربعة وستة دنانير في بعض الأحيان، ويؤكد أنها تعد مصدر رزق للكثير من العائلات التي تنتظر هذا الموسم.
تلك الشجرة المباركة يحرص الجميع على زراعتها، وموسمها يعطي الكثير من المنتج، لذلك يحرص التاجر رائد كذلك على أن يبيع المحصول المعبأ في ذلك اليوم كله حتى وإن اضطر بيعه بأسعار رخيصة في آخر النهار، كما يقول.
ويبرر رائد ذلك بأن التين من الثمار التي تتعرض  للذبول في اليوم التالي، لذلك لا يفضل أن “يبيت التين إلى اليوم التالي”، لذلك يباع أحيانا بأسعار رخيصة مع نهاية نهار السوق الذي يتوافد إليه التجار من كل حدبٍ وصوب، بالإضافة إلى الزبائن من السيدات والرجال لشراء تين طازج يتناولونه في البيت، بسعر أرخص من أسعار محلات الخضار والفواكه.
ابراهيم القيسي هو أحد أكبر التجار الذين تواجدوا في المكان لبيع ثمار التين “الطازجة”، والشهية كما يبدو عليها، كونها كبيرة الحجم وغير معرضة لأي نوع من أنواع التعديل الوراثي، أو الأسمدة الكثيرة، ويقول القيسي إنه يبيع للكثير من التجار من مختلف المحافظات، والذين يأتون كل يوم في ساعات الصباح الباكر لشراء التين، خاصة من محافظات جرش وعجلون والزرقاء والبلقاء بالإضافة إلى العاصمة عمان.
ويعرض القيسي منتجاته في السوق، الذي تصطف فيه الكثير من السيارات الصغيرة والبكبات المعبأة بالتين؛ إذ إن أصحاب السيارات الصغيرة هم عبارة عن مواطنين لديهم في جانب البيت بضع من أشجار التين المحملة بالثمار، لذلك يحرصون على توريدها لسوق التين بدلاً من أن تذهب بدون فائدة بعد أن تنضج أكثر من اللازم وتتساقط أرضاً.
ويتحدث منذر سلامة عن صديقه الذي كان يتأخر عن عمله أحياناً في موسم التين، كونه يقطف ثمار التين في الصباح الباكر، ليبيعها في سوق التين، ليعود عليه بفائدة مالية له شخصياً، ويؤكد أن البعض يجني من الأشجار الكبيرة والمعمرة آلاف الدنانير، خاصة في بداية الموسم عندما يكون سعر كيلو التين مرتفعا نوعاً ما.
وعلى طريق وادي السير كذلك، وضع أبو إسحق المصري “البسطة” الكبيرة والتي وضع عليها عدة أصناف من الفواكه، من ضمنها ثمار التين؛ إذ قال إن معظم هذه الأصناف الغذائية هي من مزارعهم، ويتم قطفها يومياً وتباع طازجة على الطريق، ويقول إن الأشجار تعطي الكثير من الفواكه في حال تم الاعتناء بها.
ويجد أبو إسحق الكثير من الزبائن الذين يأتون له بشكل يومي لابتياع الفواكه، خاصة من سكان المنطقة التي يبيع فيها على طريق دابوق، كونها منطقة زراعية وتنمو فيها الأشجار بشكل كبير، وهي منطقة تهطل فيها الأمطار بشكل جيد، ما يساعد على أن تروى “بعل” كما يقال، لذلك تكون ثمارها ذات ميزة إنتاجية عالية وطعم مميز.
وتقول الستينية أم هيثم إن أجدادها ووالدها كانوا يزرعون أشجار التين حتى تكون ظلالها على منازلهم المتواضعة، عدا عن أنه في السابق لم يكن يتوفر الكثير من أصناف الفواكه التي يتناولونها باستثناء ما يزرعونه في مزارعهم وفي محيط البيت.
وكغيره من المواسم، يعود موسم التين في كل عام ليكون سوقاً للرزق والسعي، لتكون الشجرة المباركة قد ألقت بظلالها وكرمها على زارعيها وكل من يتناول من ثمرها.