سوق السيارات المستعملة هل بتنا نستورد "نفايات متحركة" من العالم؟

مركبات في المنطقة الحرة
مركبات في المنطقة الحرة

اسماعيل الكركي *

عمان- أصبح أمراً مألوفاً في الآونة الأخيرة ان تشاهد سيارة لا يتجاوز عمرها سنتين أو ثلاث متوقفة على جنبات أحدى طرق المملكة وغطاء محركها مرفوعاً طلباً للمساعدة مع انتشار السيارات المستعملة المستوردة التي لا تتحقق فيها الشروط اللازمة المتعلقة بالمواصفات المطلوب توافرها في سيارات تستورد للمنطقة ومطابقة لاشتراطات هيئات المواصفات والتقييس في دولها.

اضافة اعلان


تعتبر السيارات التي تعرضت لحوادث وتم تصليحها وتحمل تسمية Salvage ظاهرة عالمية تنتشر في الكثير من دول العالم وتعتبر الولايات المتحدة الامريكية من أكثر الدول تصديراً لهذه الفئة من السيارات كون عدد السيارات المصنفة تحت هذا المسمى يصل الى ما يقرب من 12 مليون سيارة سنوياً وبحسب تقرير للأمم المتحدة فان عدد السيارات التي تم تصديرها الى دول العالم الأخرى وصل الى 2.6 مليون سيارة خلال الأعوام 2015-2018 وهي تتفاوت في حالتها بين سيارات ذات حالة جيدة من الناحية الميكانيكية وسيارات لا تلبي ادنى مستويات السلامة والمتطلبات البيئية.


وفي الأردن، برزت خلال السنوات الماضية ظاهرة استيراد السيارات المستعملة حتى وصلت قيمة المستوردات من الولايات المتحدة الى 448 مليون دولار في عام 2018 ويشكل حجم السيارات المستعملة المستوردة 70 % من مجمل مستوردات السيارات.


هذا العدد الكبير من السيارات المستعملة يضم نسبة لا يمكن الاستهانة بها من السيارات التي لا تلبي أدنى متطلبات السير على الطرقات وما يتبعها من عوامل السلامة التي يجب توافرها في أي سيارة يتم استيرادها حيث تصل كثير منها الى المنطقة الحرة عبر حاويات تخفي حوادثها بعد ان يتم التلاعب بتقارير فحص السيارة التي تبين تاريخها الكامل وحالتها الفنية والصادر من الإدارات الامريكية المختصة بالنقل وتراخيص السيارات، ثم يتم بعد ذلك إصلاحها بشكل سطحي في مراكز تصليح داخل المنطقة الحرة حتى تجتاز الفحص الفني.


الأمم المتحدة تنتقد قصور التشريعات الناظمة لاستيراد السيارات في الأردن


حسب تقرير لبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة صنف الأردن من اقل الدول اهتماماً بالتشريعات الناظمة لاستيراد السيارات المستعملة مع عدم وجود قوانين تنظم تطبيق معايير الانبعاثات الضارة المتبعة في كثير من دول العالم كما ان مجمل العوامل (معايير الانبعاثات، العمر المسموح للسيارات المستوردة، العمر المسموح للشاحنات الخفيفة المستوردة) التي اعتمدها التقرير اعطى الأردن تصنيفاً متدنياً “ضعيف جداً”.


وعلى الرغم من ان التقرير انتقد التشريعات والقوانين في الدول المجاورة الا ان العديد منها تطبق إجراءات تساهم في الحد من استيراد هذه السيارات مع تشديد الإجراءات المتعلقة بدخولها أو حتى قبل مغادرتها بلد التصدير، فالمملكة العربية السعودية مثلاً تمنع استيراد أي سيارة مصنفة (Salvage)، كما لا يسمح ان يتجاوز عمر السيارة 5 سنوات وان تكون مطابقة للمواصفات الخليجية وان يتم اصدار بطاقة كفاءة الطاقة لها والتي تختص بنسب استهلاكها للوقود.


السيارات الهجينة والكهربائية المستعملة ومخاطرها


المشكلة الرئيسية في السماح باستيراد السيارات الهجينة والكهربائية المستعملة تتمثل بالأثر السلبي اقتصادياً وبيئياً حيث يبلغ متوسط عمر هذه السيارات 4-5 سنوات وبالتالي فإنها كما يقال تعيش ربع الساعة الأخير من عمرها وهو ما يترتب عليه انتهاء العمر الافتراضي للبطارية وبالتالي تكلفة استبدالها العالية وكذلك الأهم كيفية تخزين ومعالجة هذه المكونات التي تعتبر الأشد ضررا على البيئة في ظل عدم وجود ثقافة إعادة التدوير في المملكة وما تتطلبه من تقنيات عالية لا تتوفر في كثير من دول العالم.


حلول وإجراءات مقترحة


بالرغم من الجهود الحكومية المبذولة لتنظيم استيراد السيارات المستعملة ومن ضمنها تحديد حد اعلى لعمر السيارة لا يتجاوز 5 سنوات الا ان هناك العديد من الحلول والإجراءات التي يمكن اتباعها لضبط هذا القطاع ومنها إعادة النظر بدور المنطقة الحرة التي ابتعدت عن الهدف الأساسي من انشائها وأصبحت مركزاً للتوزيع في السوق المحلي فقط ومنافساً للوكلاء والموزعين بدلاً من كونها مركزاً لإعادة التصدير.


كذلك تفعيل دور مؤسسة المواصفات والمقاييس والاستفادة من تجربة هيئات المواصفات والتقييس في الدول المجاورة وخصوصا دول الخليج العربي حيث تتمتع هذه الهيئات بصلاحية منع ادخال أي سيارة غير مطابقة للمواصفات وبالتعاون مع دوائر الجمارك في تلك الدول اذ ان متطلبات ادخال السيارات الى هذه الدول تشترط مواصفات خاصة قد لا تتوافر في السيارات المستعملة المخصصة اصلاً لبلدان أخرى ومنها على سبيل المثال الاشتراطات الخاصة بالمحرك ونظام تبريده ليوائم ظروف واجواء هذه الدول.


كما يمكن تقديم حزم تشجيعية لمالكي السيارات القديمة لاستبدال سياراتهم من خلال شطبها وتقديم إعفاءات جمركية وضريبية معينة تتيح لهم الحصول على سيارات جديدة بشروط محددة وضمن مواصفات معتمدة.


*متخصص بشؤون السيارات

إقرأ المزيد :