سياحة اليوم الواحد.. تحد يواجه طفرة الاستثمار الفندقي بالبترا

فندق تحت الإنشاء في إقليم البترا الذي يشهد زيادة في الاستثمار بالقطاع الفندقي-(_)
فندق تحت الإنشاء في إقليم البترا الذي يشهد زيادة في الاستثمار بالقطاع الفندقي-(_)
حسين كريشان من يملأ الغرف الفندقية الفارغة في البترا؟، تساؤل قد يحاكي محاذير الاستثمار الفندقي، غير انه يفرض نفسه ليس فقط أمام نسب اشغال ما تزال دون الطموح، ولكن مع ربطه ايضا بالإقبال المتزايد على الاستثمار بالقطاع الفندقي والذي يقدر بـ40 مليون دينار قابل للزيادة. ففي نسب إشغال لم تتجاوز 70 %، مرده أن أكثر من 55 % من سياح البترا لا يبيتون فيها، يحتاج المضي في إنشاء المزيد من الفنادق السياحية الى مراجعة وتقييم، وفق ما يراه مستثمرون بالقطاع لم يخفوا قلقهم من ان ينتهي الامر الى مرحلة ارتفاع المعروض مقارنة بحجم الطلب على الغرف الفندقية، لافتين ان اي تراجع في نسب الإشغال قد يدخل القطاع في نفق مظلم. هذ القلق لا يعني بالنسبة للمستثمرين وقف أو تأجيل الاستثمارات او حتى تخفيض حجمها، بقدر ما هي دعوات الى ضرورة تذليل التحديات جنبا الى جنب مع ارتفاع حجم الاستثمارات. وتعد "سياحة اليوم الواحد"، و"السياحة الموسيمة" التحديان الابرز لقطاع الفنادق السياحية، وفق عاملين مهتمين بالقطاع السياحي، قالوا إن "التركيز يجب ان ينصب خلال المرحلة المقبلة على سياحة المبيت وإيجاد منتجات ومسارات سياحية جديدة بهدف إطالة مدة إقامة السائح وضمان استمرار انتعاش القطاع السياحي في المنطقة، مقارنة مع طفرة الاستثمار الفندقي". وأكدوا، أن البترا ما تزال تعتمد على سياح اليوم الواحد والزيارات القصيرة للأفراد والمجموعات، داعين إلى المزيد العمل لإطالة مدة إقامة السائح من خلال زيادة ليالي المبيت لتعزيز النشاط السياحي والاقتصادي، ما يؤدي إلى رفع الفائدة المتأتية من السياحة على مختلف القطاعات وأبناء مجتمع المدينة الذين يعتمد غالبيتهم على وظائف المنشآت السياحية والفندقية. وقالوا، إن سياحة اليوم الواحد لا تكفي لإنعاش الحركة الاقتصادية في البترا والتي لا يستفيد منها سوى بوابة الدخول في مركز الزوار التي تتقاضى ثمن التذاكر في أغلب الأوقات، مقارنة مع الآلاف من أعداد السياح الوافدين للمدينة الأثرية والذين يقتصر تواجدهم على ساعات محدودة، مطالبين بضرورة اتخاذ مزيد من الإجراءات والعروض التشجيعية، التي تحفز مبيت الزوار في المدينة. آراء المستثمرين يوجزها رئيس جمعية أصحاب الفنادق السياحية في البترا طارق الطويسي، الذي اكد أن هناك تحديات قائمة تواجه القطاع السياحي في البترا، وتتمثل في انخفاض أعداد سياح المبيت، وموسمية السياحة، لافتا إلى أن سياح اليوم الواحد للمدينة الأثرية مايزالون يشكلون أكثر من 55 % من إجمالي عدد السياح. وأشار الطويسي، إلى أن نسب الإشغال والحجوزات خلال أشهر حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) وآب (أغسطس) من الموسم الماضي من هذا العام تراجعت بنسبة 25 %، فيما وصلت نسبة الإشغال من هذا العام خلال أشهر آذار (مارس) ونيسان (أبريل) وأيار (مايو) مابين 65-70 % ، متوقعا أن تشهد أشهر أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) نسب إشغال متدنية، مرده موسمية السياحة في البترا. وقال، إن أعداد زوار عام 2019، بلغت آنذاك قرابة (مليون و135 ألفا و300 زائر) من مختلف الجنسيات، حيث بلغت نسبة الإشغال في الفنادق وقتها نحو 80 %، وهي نسبة لم تشهدها المنطقة طيلة العقود الماضية، مقارنة مع بعض مناطق أخرى يكون عدد الزوار فيها ما يقارب 5 ملايين، إلا أن التطلعات والتطمينات تشير إلى أنه بعد عام 2019 فإن البترا مقبلة على زيادة في أعداد السياح بما يفوق مليوني زائر للمنطقة، ما دفع بالعديد من المستثمرين للتوجه للاستثمار في القطاع الفندقي. وأضاف الطويسي، أن حجم الاستثمارات الذي تشهده مدينة البترا ليس له علاقة بإطالة مدة إقامة السائح، كما أن هذه الاستثمارات لا تؤثر على القطاعات الفندقية الصغيرة أو الشعبية، حيث إن كل مستوى فندقي له مرتادوه، مبينا أن التسويق في القطاع الفندقي يأتي باعتماده على تقديم نوع الخدمة وتحسين مستواها والأسعار المنافسة للزوار. وأكد، على أهمية التوسع في ترويج البترا واستحداث وتنويع البرامج السياحية داخل المدينة لأكثر من يوم لضمان مبيت السياح في فنادق اللواء، مستدركا أن البرامج لم تقتصر على زيارة المنطقة الأثرية فقط، بل أصبحت تضم فعاليات متعددة من شأنها وضع بدائل أمام الزائر لقضاء وقت أطول في البترا، خصوصا وأن المدينة تزخر بالعديد من مواقع الجذب السياحي التي تحتاج زيارتها عدة أيام. وفي المقابل، فإن رئيس جمعية المكاتب السياحية في البترا سليمان الحسنات، يتوقع أن تصل نسبة حجوزات الغرف الفندقية في البترا الى 100 % بين شهري أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) من هذا العام، والتي تعتبر ذروة الموسم السياحي، مايرفع نسب الإشغال في الفنادق. ويرى الحسنات، أن هناك جهودا حكومية ملموسة ممثلة في إدارة سلطة الإقليم وتوجيه كامل الدعم لمشاريع وبرامج وخطط السلطة لمواجهة التحديات القائمة في كافة المجالات وبخاصة قطاع السياحة، من خلال تقديم رؤى استثمارية جديدة لتعزيز وتحسين المنتج السياحي، ما يسهم بزيادة أعداد السياح على مدار العام، بهدف تحقيق النهضة الاقتصادية للمجتمعات المحلية في البترا، وبما يوفره من موارد مالية للاقتصاد الوطني وللسوق السياحي الأردني بشكل عام. إلى ذلك، أكد رئيس سلطة إقليم البترا الدكتور سليمان الفرجات، أن البترا شهدت ومنذ عام 2020 حجم استثمارات في القطاع الفندقي يفوق الـ40 مليون دينار، لافتا إلى أنه تم الموافقة على 900 غرفة فندقية، حيث تم افتتاح وتشغيل ما مجموعة 350 غرفة فندقية والعمل جار لتأهيل وتجهيز 550 غرفة اخرى جديدة استعداداً للموسم السياحي وما لا يقل عن 500 غرفة فندقية جديدة قام عدد من المستثمرين بتقديم المخططات الهندسية لها وهي الآن ضمن إجراءات الدراسة والتقييم لمنحها الموافقات اللازمة بالإنشاء وستوفر 400 فرصة عمل، واستحداث مشاریع استثماریة جديدة في القطاع. وأشار الفرجات، إلى أن السلطة تلقت طلبات استثمار لإقامة فنادق وأخرى لإقامة شقق وأجنحة فندقية، واستثمارات في الخدمات السياحية والفندقية، مع تزايد أعداد زوار المدينة منذ العام الماضي، ما سيزيد أعداد الغرف الفندقية لـنحو 4000 غرفة مع نهاية العام الحالي مقارنة بـ2600 غرفة في نهاية عام 2019، ما سيرفع جاهزية البترا لاستقبال مزيد من سياح المبيت. وقال الفرجات، إن السلطة تبذل جهودا مكثفة حاليا لزيادة أعداد سياح المبيت في المدينة من خلال مشروعاتها الكبرى، والتي تعمل ضمن ثلاثة محاور رئيسية، هي الارتقاء بالخدمات المقدمة في الموقع الأثري والمحافظة عليه وحمايته والمجتمع المحلي والحرص على تنميته، إلى جانب النهوض بواقع البنية التحتية والخدمية والسياحية، من خلال أبرز المشروعات التي يتم تنفيذها حاليا، كمشروع وسط البلد وإنشاء طرق بديلة ومواقف للسيارات للحد من الأزمات والقرية التراثية وربطها بالقرية السياحية البيئية، وتنفيذ مشروع طريق النقل الخلفي من البترا والتي تسهم في زيادة مدة إقامته، وإقامة منتج سياحي جديد، والارتقاء بالبترا كواجهة سياحية عالمية. وأضاف، أن السلطة تسعى إلى إيجاد برامج سياحية جديدة تهدف إلى إطالة مدة إقامة السائح، والتي اعتبرها أولوية التنمية السياحية في المنطقة، إضافة إلى تمكين الزوار من الاطلاع على المزيد من سحر البترا وكنوزها الأثرية الفريدة التي لا مثيل لها في العالم، إلى جانب العمل على تطوير منتج ملائم للسائح العربي، والتوجه لصناعة وجذب سياحة المؤتمرات من خلال إنشاء قصر المؤتمرات لسياحة رجال الأعمال، وسياحة المغامرات وتوفير خدمة التاكسي الطائر و"المنطاد الثابت"، وذلك بهدف القضاء على موسمية السياحة، واستمرارية السياحة على طول أشهر السنة.

اقرأ المزيد : 

اضافة اعلان