سياحة بطرق متهالكة!

مؤخرا، بتّ أنقلب على ظهري من شدة الضحك كلما تابعت أخبار المسؤولين عن السياحة المحلية، والذين يحاولون إقناعنا بجديتهم، من خلال انهماكهم في اجتماعات لا حصر لها، وإطلاقهم خططا بعدد المواطنين.اضافة اعلان
لستُ سوداويا، ولكنني حين أنظر إلى الواقع الذي يعيشه بعض أهم المواقع الأثرية والسياحية، والتقصير الواضح تجاهها، فلا بد لي أن أتشكك بجميع تلك الخطط والاجتماعات.
التقصير تراكمي، وهو ليس ابن اللحظة الراهنة؛ فمنذ أكثر من ربع قرن، تقرر أن تكون السياحة هي كنزنا ونفطنا، بما ستمثله من رفد لموازنة الدولة، وتأمينها فرص عمل حقيقية لشريحة واسعة من الشباب، من خلال مشاريع صغيرة يتم تأسيسها وإدارتها بالقرب من المرافق السياحية، ما يسهم في تخفيض نسب البطالة في تلك المناطق.
تلك الأفكار والآمال كانت رائجة قبل سنوات بعيدة، لكن الحال القائمة اليوم تشي أن هذه التوجهات لم تكن أكثر من “حبر على ورق”، ومجرد خطب عصماء أطلقها المسؤولون في الفراغ؛ فكثير من المواقع السياحية والأثرية والطرق المؤدية إليها، تشكو النسيان والإهمال والخراب.
في إحدى المناطق الأكثر شهرة كمنطقة سياحية وأثرية في الأردن، وهي منطقة شمال مدينة إربد ولواء بني كنانة، تبدو بعض أجزاء الطريق المؤدية إلى عشرات المقاصد السياحية هناك وكأنما تم تصميمها من أجل تكسير سيارات الزائرين، وإقناعهم بعدم التفكير في العودة مرة أخرى.
إن المضطر، وحده، هو من سيقبل الدخول في مغامرة السير على الطريق التي تبدأ من دوار المدينة الصناعية؛ فهناك عشرات المطبات غير المبررة، ورديئة الشكل والحجم، كأنما تم وضعها نكاية بالسائقين وسياراتهم، خصوصا طوال الطريق على امتداد بلدة “بيت راس”.
الطريق نفسها، وفي أجزاء منها، رديئة جدا، مملوءة بالمطبات والحفر مختلفة الأحجام والأعماق، وهي أكثر سوءا خلال تساقط الشتاء؛ إذ تختفي الحفر تحت المياه المتجمعة، وتصبح مصائد للسائقين الغرباء غير المعتادين على السير في هذه الطريق. وتكتمل دائرة السوء بعرض الطريق الذي بالكاد يسمح لسيارة بالتجاوز عن أخرى، خصوصا أن أجزاء كبيرة منه يكون السير فيها باتجاهين.
هذا هو حال الطريق التي من الممكن أن يسلكها الزائرون الذين يحبون مشاهدة الشواهد التاريخية والسياحية المهمة في الشمال: بيت راس، أو “كابتيولياس” الرومانية، القويلبة “أبيلا”، أم قيس “جدارا”، وصولا إلى الحمة الأردنية والشونة الشمالية وطبقة فحل “بيلا”، وغيرها الكثير من المتنزهات الطبيعية.
لقد أهملنا البنى التحتية طويلا، حتى باتت اليوم تحتاج إلى مليارات الدنانير من أجل تأهيلها من جديد. ولكننا حين نتحدث عن السياحة التي لم يتبق أمامنا غيرها، فعلينا من جديد أن نضع الخطط من أجل تأهيل تلك البنى التحتية، إذا أردنا أن ننافس حقا في هذا المجال، خصوصا أننا ساحة مؤهلة فعلا للمنافسة، بالنظر إلى واقع الإقليم، وإلى الكنوز العظيمة التي يزخر بها بلدنا.