سياسيون: إطلاق "صفقة القرن" بعد رمضان يؤكد افتقارها لـزبائن يسوّقونها

Untitled-1
Untitled-1

عبدالله الربيحات

عمان - أكد سياسيون أن إعلان جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عن إطلاق "صفقة القرن" بعد نهاية شهر رمضان المقبل، يؤكد افتقارها لـزبائن يسوقونها، ويبدو أن مسوقيها أكانوا من الإدارة الاميركية او من أطراف عربية تروج لها، يعتقدون بأن الوضع الاقتصادي الصعب للفلسطينيين والاردنيين، فرصة للضغط عليهم لقبولها.اضافة اعلان
وأوضحوا، في أحاديث لـ"الغد"، أن كوشنر أخفق بتسويق صفقته، باستخدامه العامل الاقتصادي في الضغط على الفلسطينيين والأردنيين، فاقتلاع الفلسطيني من أرضه ووطنه، ومحاولة زرعه قسرا في أرض أخرى، أغفل العاملين الروحي والوجداني لدى الفلسطينيين، برغم الجائزة الاقتصادية التي ترافق عرضا كهذا، إلا أن تداعياتها ستولد صراعات ضارية في المنطقة.
الكاتب والباحث السياسي حمادة فراعنة بين أن هناك احتمالين بشأن الموعد؛ الاول تأجيل اعلانها بناء على طلب من رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، كما فعل خلال ثلاث مرات سابقة، أما الثاني فإعلانها بالاتفاق مع نتنياهو.
وقال "ان نتنياهو لن يوافق على ذلك؛ فقد اخذ ما يريده مسبقا من الأميركيين، بضم القدس لاسرائيل، واعتبارها عاصمة للمستعمرة الاسرائيلية، ونقل الاميركيون سفارة بلاده للقدس من تل ابيب، وتنفيذ سلسلة إجراءات مؤيدة لنتنياهو، تتعارض مع الشرعية الدولية".
وأضاف فراعنة أن ترامب أعلن عن ضم هضبة الجولان السورية المحتلة، للمستعمرة الاسرائيلية، بينما ستلقى الخطوة التالية التي سيقدم عليها نتنياهو؛ بضم مستعمرات الضفة الفلسطينية والغور إلى المستعمرة الاسرائيلية، قبولا أميركيا، مشيرا إلى أن نتنياهو سيواجه برفض للصفقة فلسطينيا وعربيا، وفي طليعة الرافضين؛ الاردن.
وتابع أن مسؤولية العرب، تكمن بإفشال الصفقة؛ أسوة بأربع تجارب سياسية سابقة مماثلة، مع رؤساء أميركيين؛ هم: بوش الاب، كلينتون، بوش الابن؛ وأوباما، حين فشلوا بالتوصل لاتفاق تسوية بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.
واضاف فراعنة ان الموقف الفلسطيني، ما يزال حازما برفض صفقة ترامب، اعتمادا على موقفها من القدس وقضية اللاجئين، وحجب المساعدات الاميركية عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وعدم دعم الأميركيين للسلطة الفلسطينية، ورفض الفلسطينيين لاستقبال مبعوثي ترامب الثلاثة؛ صهره جاريد كوشنر، ومبعوث الرئيس الأميركي للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات، والسفير الأميركي لدى تل أبيب ديفيد فريدمان.
ولفت الى ان هذا الحزم؛ يدعمه الموقف الاردني، الذي شكل رأس حرب سياسية بدعم الموقف الفلسطيني، ورفض إجراءات الادارة الاميركية المساندة لنتنياهو المتطرف.
بدوره، قال أستاذ كلية الإعلام بجامعة البترا الدكتور تيسير المشارقة إنه حسب تصريحات كوشنير الأخيرة، فصفقة القرن سـ"تناقش قضايا الوضع النهائي، ومنها: القدس واللاجئون والحدود والمياه والدولة الفلسطينية المستقلة"، متسائلا "هل يتوافق ذلك مع ما تنبأ به المتطرف الصهيوني اليميني وزير التعليم وزعيم الحزب اليميني نفتالي بينيت، بأن حكومة نتنياهو الجديدة؛ ستقود إلى قيام "دولة فلسطينية"؛ وبالطبع بمواصفات اسرائيلية".
واضاف "ان هذه الألاعيب تفصح عن بعض مكوّنات الصفقة، وقد يكون هدفها النهائي، التلويح بالجزرة الصفراء لابتزاز العرب؛ والخليج بشكل خاص، لانتزاع كلفتها التي ستكون أكبر عملية نصب واحتيال سياسي مالي في التاريخ، ويلعب اليهود الدور الأكبر في صياغة آلياتها الاحتيالية بإطلاق تصريحات مبتورة من نفتالي وكوشنير، اليهوديين المتطرفين في القيادتين الإسرائيلية والأميركية".
وتابع المشارقة ان الصفقة، لم تحظ بترحيب فلسطيني وأردني على أقل تقدير، لأنها تعالج آثار العدوان الصهيوني والهزيمة على حساب الأردن والعرب مالياً وجغرافيا، وهي بذلك أكذوبة تاريخية لاحتيال سياسي مالي على العرب مجدداً.
وبين ان المسألة المهمة التي ينبغي للعرب والأردن إدراكها أولا، تكمن في عدم الوثوق بالوعود والطروحات الصهيونية والأميركية والغربية، فقد تعوّد العرب خلال قرن وأكثر، على التسويف والمماطلة والمراهنات الوهمية جراء مثل هذه الطروحات، التي فرخت بأكاذيبها مزيداً من الإفقار للشعوب العربية ونهب مقدراتها، وابتزاز قادة وحكام العرب، وتركيعهم وعزلهم عن شعوبهم لإسقاطهم في نهاية المطاف.
كما أوضح المشارقة أن "التلويح بالجزرة الكوشنيرية، وبأن الصفقة، ستؤول لبحث قضايا الوضع النهائي، غسل للعقول؛ ودفع للعرب الى تقديم الثمن مبكراً، دون أي مردود سياسي أو جغرافي، ما دامت البداياة عطايا ترامبية للكيان الصهيوني بلا ثمن، شكلت القدس والجولان، أولاها؛ برغم أنها أراض عربية وفلسطينية وسورية، وفق الشرائع الدولية".
من ناحيته، بين الرئيس السابق للجمعية الأردنية للعلوم السياسية وأستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأردنية محمد مصالحة أن الصفقة تفتقر لزبائن يسوقونها او يشترونها، ويبدو أن الجهة المسوقة لها أكانت الادارة الأميركية او اطراف عربية مؤيدة لها، تظن بان الحالة الاقتصادية الصعبة للفلسطينيين والاردنيين، قد تكون فرصة للضغط عليهم لقبول الصفقة.
وقال انه إذا ما تتبعنا ما نشر مؤخرا عن الصفقة، فسنلاحظ ان الاميركيين يحاولون اجراء تعديلات وتحويلات فيها، منها أين ستقام الدولة الفلسطينية، وموضوع اللاجئين، وكيفية الحل، وآخرها اقامة دولة فلسطينية في سيناء.
وأوضح مصالحة "أن الطرف العربي عراب هذه الصفقة؛ كما يقولون، اخفق في تسويقها لعدة اسباب، اولها ان العامل الاقتصادي أو رأس المال يمكن توظيفه بتنفيذ السياسة الخارجية، لكن جدواه لا تتحقق في كل القضايا، مثلما حدث في فيتنام والهند الصينية، وثانيا؛ ان اقتلاع الفلسطينيين من ارضهم ووطنهم، ومحاولة زرعهم قسرا في ارض اخرى، ليس سهلا، برغم الجائزة الاقتصادية التي ترافق هذه العملية القسرية".
ثالثا؛ إن الادارة الأميركية تحاول تكرار قصة وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور، حين اصدر وعده بإقامة وطن يهودي في فلسطين في مستهل القرن العشرين، وحتى اليوم؛ لم تستقر المنطقة، لأن هذا الوعد غير قانوني وغير شرعي، ومحاولة تكراره، سيولد مزيدا من الصراعات الضارية في المنطقة، على ما أضاف مصالحة.
وكان كوشنر قال إن الكشف عن خطة السلام في الشرق الأوسط (صفقة القرن) لن يجري قبل حزيران (يونيو) المقبل، أي بعد نهاية شهر رمضان؛ وقد أبلغ سفراء دول في واشنطن بذلك.
وأرجع كوشنر، سبب اختيار هذا الموعد للإعلان عن الصفقة، إلى الانتهاء من تشكيل حكومة ائتلاف إسرائيلية، وقد أكد على ذلك مساعد ترامب جاسون غرينبلات، في تغريدة نشرها على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".