سيلفيا بلاث: بهجة الحياة المكللة بالموت

سيلفيا بلاث: بهجة الحياة المكللة بالموت
سيلفيا بلاث: بهجة الحياة المكللة بالموت

فيلم عن حياة الشاعرة الأميركية عرضته دارة الفنون

 

نوال العلي

   عمّان- عرضت دارة الفنون فيلم "سيلفيا" الذي تناول حياة الشاعرة الأميركية سيلفيا بلاث أول من أمس.

اضافة اعلان

ولعبت الممثلة "غوينث بالترو" دور بلاث بأداء مدهش أدخل المشاهد في الحالة المضطربة التي عاشتها بلاث طيلة حياتها إذ تقول "كنت أشعر ببهجة الحياة حتى بلغت التاسعة، عندما مات والدي لم أعد كما كنت أبداً" .

استهلت المخرجة "كريستين جيفس" الفيلم بعبارة لبلاث إذ تقول "أتخيل حياتي كشجرة، غصنها الأول زوجي وكم سأرزق من أطفال، وغصنها الثاني مهنة أكاديمية لائقة. الغصن الثالث الكتابة والقصائد أوراق. لكني أحس أن الشجرة تكبر والأوراق تستحيل إلى البني الباهت وتسقط حتى تغدو الشجرة عارية تماماً".

   ولعب "دانيال كريج" دور الشاعر البريطاني تيد هيوز زوج بلاث الذي كان سبباً في تدهور حياتها العاطفية والنفسية أواخر حياتها.

تركز محورالفيلم على قصة بلاث مع هيوز إذ التقته في حفل أقيم لمجموعة من الشعراء في لندن حيث كانت تدرس. يتعلق هيوز ببلاث تعلقاً شديداً فيعيشان معاً وتبدأ قصة حبهما الفريدة. وحتى حصول ديوان هيوز الأول على جائزة أميركية تتوالى أحداث الفيلم فيقررالاثنان الزواج والانتقال للعيش في أميركا.

   تناول الفيلم محاولة بلاث الانتحار أكثر من مرة. فهي المرأة الشاعرة التي تكرس جل وقتها لتوفير الوقت والجو الملائم لهيوز ليكتب قصائده العظيمة وهي ام لطفلين أيضاً. كما يصور الفيلم حالة التشظي بين كل هذه الأدوار التي أدت إلى تأخرها في إبراز موهبتها كشاعرة وفي ظهور ديوانها الأول "المارد" الذي لم يلق استحساناً كبيراً.

كما تطرق الفيلم لقصائد سيلفيا بلاث المحملة بالقلق والخوف من تهديد أمر تجهله تماماً واستخدمها الغزير لصور مبتكرة وجديدة.

   وظهرت صورة بلاث المنهارة نفسياً وعصبياً بعد أن هجرها هيوز المنغمس في علاقاته المتعددة. الأمر الذي أشعرها بالخواء. تقول" يبدو لي أنني وهم، ظل الصورة لشخص ما، كانني لم أشعر بشيء من قبل، لم أر شيئاً من قبل، لم أمارس شيئاً من قبل. لا أرى نفسي إلا في فجوة مظلمة وفارغة فقط"

   كتبت بلاث في الفترة التي ابتعدت فيها عن هيوز أجمل وأهم قصائدها، كتبت بكثرة وغزارة فأحياناً كانت تنهي اكثر من قصيدة يومياً. وهي التي لم تكن تجد الوقت الكافي للكتابة. ما كان يستفز هيوز فيقول لها "ليس لديك موضوعاً تكتبين عنه، لا بد أن تجدي موضوعك أولاً ثم غوصي فيه بعمق، هكذا تكتب القصائد".

كانت بلاث تستاء كلما حاول هيوز أن يعلمها كيف تكتب الشعر. وعندما افترقا كتبت قصيدة "دادي" التي تعد أكثر قصائد سلفيا بلاث شهرة حيث تصور شخصية والدها المتسلطة، وعلاقتها به، إذ تراوحت بين الحب الشديد والكراهية، على خلفية مشتركة من عقدة ألكترا والتاريخ النازي.

"لكنهم سحبوني خارج الكيس

وألصقوني معا بالصمغ

عندئذ عرفت ماذا أفعل،

صنعت نموذجا لك،

رجلا في السواد له شكل كفاحي"

   وجاء ذكر قصيدة السيدة أليعاذر في الفيلم أكثر من مرة والتي تمثل  مونولوج طويل علي لسان شخصية خيالية لامرأة تبعث من الموت، مثل ليعاذر في التوراة، لتتحدث عما دفعها للإنتحار.

وتصف بلاث الموت والجثة الهامدة التي ترى نفسها فيها ببرود أعصاب "كقاتل يصف جريمة" على حد تعبير احدى الشخصيات في الفيلم. إذ تنقل القصيدة إلى قارئها الإحساس بفتنة الموت ورهبته من خلال مضمون تشاؤمي.

 "فعلتها مرة أخرى.

مرة كل عشر سنوات

أحتال للأمر

نوع من المعجزات الحية، جلدي

لامع كأباجورة نازي،

قدمي اليمني"

 حاولت بلاث العودة إلى هيوز ونسيان الماضي خلفها لكنه يصارحها بأن عشيقته تحمل في بطنها جنيناً ، لتجيء فكرة الانتحار، فتعد الفطور لصغيريها وتمشي إلى المطبخ بهدوء شديد. تسد كل الفتحات بالأشرطة اللاصقة ثم تضع رأسها في الفرن وتستنشق الغاز حتى تموت.

   وضع موسيقى الفيلم المؤلف الموسيقي جابرييل يارد الذي قدم موسيقى "المريض الأنجليزي" و"الخريف الجميل". وقد ساهمت الموسيقى في تكثيف وتقريب الحالة الذهنية والعاطفية لسيلفيا إذ كانت تشبه قصائدها الغزيرة والدقيقة التي تحمل طابع الهدوء المقلق.

غطى الفيلم الفترة من العام 1956 وحتى وفاتها ويذكر أنها ولدت في اميركا العام 1932 وماتت في لندن العام1963 وجمعت أشعارها بعد وفاتها في ديوان من ثلاث أجزاء هي (آريل) (عبر الماء) و(أشجار الشتاء). وقد وضح هيوز سيرة حياتها وكل ما عاشاه معاً من تفاصيل مؤلمة ومبهجة من خلال مراسلات نشرها بعد إصابته بالسرطان.