سيناريو غزو أوكرانيا وآثارها الاقتصادية

الصراع الروسي الاوكراني
الصراع الروسي الاوكراني
د. حسين البناء خلفية الأزمة: تمتلك روسيا القدرة و الخبرة وسوابق معروفة في غزو المحيط الحيوي لها، بدءًا مِن الشيشان ثم جورجيا والقرم، كل ذلك مدعومًا بتوجسات روسية مُحقّة حول تمدد حلف الناتو على حساب بقايا حلف وارسو وجيران روسيا الذين يمثلون العمق الحيوي لروسيا تاريخيًا. اضطربت الأوضاع في إقليم دونياس الأوكراني منذ 2014 حيث تحركت القوات الروسية لنصرة سكانه الروس، ومنذ تلك الحادثة وروسيا تستبيح التدخل في الشأن الأوكراني. حشدت روسيا مع مطلع العام 2022 القوة الكافية لاجتياح أوكرانيا وتغيير النظام فيها على غرار سابقة غزو جورجيا والشيشان، وفي نية لتكرار التجربة. اتفاقية بودابست عام 1994 تنص على ضمانات حماية أمريكية وبريطانية لأوكرانيا مقابل تسليم الأسلحة النووية والاستراتيجية للروس، ومن هنا فإن ذلك يشرعن ويدعو الضامنين للتحرك لحماية أوكرانيا في حال غزوها. سيناريو الهجوم: بوتين من شبه المؤكد بأنه عازم على غزو أوكرانيا في فبراير هذا، ويُرجّح أن يبدأ الهجوم بقصف جوي كثيف ومباغت طوال الليل لجميع المرافق العسكرية والحيوية في أوكرانيا بهدف تعطيل كامل قدرات كييف على المواجهة أو الرد، ليستيقض العالم على خبر عبور الدبابات الروسية صباحًا، بعد تدمير المطارات والموانيء ومراكز القيادة والدفاعات الجوية وبنى الاتصالات والرادارات. الموقف الأممي وردود الفعل: يُتوقع بأن تتحرك القوة البحرية الأمريكية والبريطانية لنصرة كييف مباشرةً لتتموضع على طول الواجهة البحرية لأوكرانيا في رسالة قوية وواضحة على رفض الاجتياح. لن تستطيع أية قوة عسكرية الاشتباك بشكل مباشر مع القوة الروسية نظرًا لتداعيات ذلك وتبعاته على الأمن العالمي؛ فروسيا قوة عظمى نووية، وتمتلك حق الفيتو بمجلس الأمن، والتعامل مع رئيس قوي وعنيد كبوتين ليس بالأمر الهيّن بعد أن صرّح بأن الولايات المتحدة تحركت لاحتلال وتدمير العراق وأفغانستان وصربيا بدون تفويض أممي وبمبررات زائفة! عقوبات سياسية واقتصادية: السيناريو الأرجح هو تعريض روسيا لأقسى أشكال الاحتجاج الدبلوماسي عالميًا، وإدانة باقي أعضاء مجلس الأمن الرسمية للغزو، وتوجيه طلب عاجل بضرورة الانسحاب، وتشكيل جبهة ضغط ومقاطعة دولية، وتجميد الأصول في أوروبا وأميركا الشمالية، وإعادة السفراء لموسكو كتعبير واسع عن الاحتجاج. المقاطعة الاقتصادية للصادرات الروسية وتعطيل أنظمة الدفع والتحويل العالمية، ووقف صفقات الغاز والنفط، ستكون جزءًا مِن العقوبات. الآثار الاقتصادية العالمية: بمجرد إعلان الغزو فإن أجواء الحرب وعدم اليقين ستسود في الأسواق العالمية، يتبع ذلك لجوء واسع لشراء الذهب كملجأ آمن للقيمة ليرتفع سعره لمستويات قياسية، ثم سيضطرب سوق الطاقة لتنقطع إمدادات الغاز والنفط الروسية، ولترتفع أسعار الخام فوق 150$ للبرميل، كما سيرتبك سوق القمح والحبوب لتشهد الأسعار قفزة قد تضاعف الأسعار، وتحت حالة الترقب وتخوفات الحرب فإن البوصات ستدفع ثمنًا باهضًا في أوروبا والولايات المتحدة على مدى شهور حتى انفراج الأزمة، كل ذلك سيجعل من توقعات النمو والتعافي العالمي لما بعد كورونا أمرًا مستبعدُا. الحل وسيناريو الخروج: على الأرجح ستمكث القوات الروسية لمدة ثلاثة أشهر تضمن فيها تغيير النظام في كييف وتسليم السلطة لإدارة موالية لموسكو، وستحتفظ روسيا بقوة رئيسية دائمة في إقليم دونياس على نية ضمها الدائم بعد إجراء استفتاء يؤكد رغبة السكان بالتبعية لروسيا. قد تنسحب القوات الروسية بعد ذلك بعد ضمانات بعدم التدخل في الشأن الأوكراني دون مراعاة المصالح الروسية العليا، وبعد تثبيت ضم دونياس، وإلغاء كافة العقوبات السياسية والاقتصادية والمالية المفروضة، وإعادة الحشود الحربية الغربية من البحر الأسود والمناطق المجاورة.اضافة اعلان