"شارة الثمن" لا تعكس الواقع

هآرتس

موشيه آرنس

إن البشرى الطيبة هي وجود إشارات إلى تقدم كبير لاندماج الاقليات في نسيج المجتمع الإسرائيلي. والبشرى السيئة بالتخريب العنصري الموجه على العرب، تغطي على الجدل العقيم في مسألة من الذي كان مسؤولا عن انهيار التفاوض مع السلطة الفلسطينية. إن قدرة اليهود والعرب على التعايش في سلام في دولة إسرائيل هي التي ستحدد مستقبل إسرائيل أكثر من كل شيء آخر. وحينما يصبح لليهود والعرب حقوق وواجبات مدنية متساوية وتساوي في الفرص أيضا سيسود السلام الدولة ويحدث تقدم إلى السلام مع جاراتنا.اضافة اعلان
زاد عدد الشباب العرب المتطوعين للخدمة الوطنية من سنة إلى أخرى – من المسلمين والمسيحيين والبدو من الجنوب والعرب من الشمال. وقد زاد العدد من 100 تطوعوا قبل عشر سنوات إلى 3000 في السنة الماضية وهي زيادة بنسبة 76 بالمائة قياسا بالسنة التي سبقتها، وأكثر المتطوعين العرب للخدمة الوطنية بنات، هذا إلى أن عدد الشباب العرب المتطوعين للخدمة العسكرية أخذ يزداد منذ ثلاث سنوات. وقد صرف الانتباه هذا العام إلى عدد المسيحيين المتطوعين للجيش الإسرائيلي المتزايد والتشجيع الذي تلقوه من الكاهن اليوناني الأرثوذكسي جبرائيل نداف. كان نحو من 60 شابا مسيحيا يتطوعون كل سنة للخدمة العسكرية في السنوات الاخيرة وزاد العدد فتطوع 81 للخدمة في النصف الأخير من سنة 2013.
هناك محللون ينسبون زيادة استعداد المسيحيين للخدمة في الجيش الإسرائيلي إلى الأحداث في سورية وإلى الثمن الباهظ الذي جبي من المسيحيين الذين كانوا يعيشون هناك منذ آلاف السنين. وقد يفضي حمام الدم في سورية إلى أن يسير الشباب المسلمون في طريق مشابه بسبب معرفة المزايا التي يتمتع بها مواطنو إسرائيل في هذه الفترة العاصفة في الشرق الاوسط.
إن تطوع الشباب العرب للجيش الإسرائيلي والخدمة المدنية يثير معارضة صارخة من عدد من الساسة العرب الذين يعلمون أن الخدمة ستفضي إلى اندماج هؤلاء الشباب في المجتمع الإسرائيلي. وهم يرون مثال الشباب الدروز الذين ألزموا بالتجنيد الالزامي للجيش الإسرائيلي مدة سنين واندماجهم في المجتمع على إثر هذه الخدمة، ويفضلون أن يبقى عرب إسرائيل خارج المجتمع الإسرائيلي. ويريد هؤلاء الساسة أن ينشروا "مظلة فلسطينية" معادية لإسرائيل فوق جميع الاقليات. وهم يزعمون بمعارضتهم خدمة المسيحيين في الجيش أن الحكومة تحاول أن "تقسم المعسكر الفلسطيني" في إسرائيل.
بيد أن الحكومة بتقدمها نحو تطبيق مساواة في الواجبات على كل مواطني إسرائيل، تسلك سلوكا حكيما، فهي تشجع بالتدريج كل الأقليات على تحمل مسؤوليتها عن الخدمة لحماية الدولة، لكنها تحصر العناية أولا بمجموعات مثل البدو والمسيحيين الذين يلاحظ عندهم استعداد للخدمة في الجيش الإسرائيلي. إن ما هو أخطر كثيرا من معارضة الساسة العرب عمليات التخريب التي ينفذها شباب يهود على أماكن عبادة وممتلكات لمواطنين عرب. ولعصابات الزعران هذه- ولا يهم هل يسمون ارهابيين أو نازيين جدد- هدف يشبه هدف عدد من الساسة العرب، أي أنهم يريدون دق إسفين بين المواطنين اليهود والعرب ومنع اندماج العرب في المجتمع الإسرائيلي. وليس الإضرار بذلك بسمعة إسرائيل الطيبة في الخارج فقط، بل هو يضر بدولة إسرائيل نفسها أولا.
يبدو أن الشباب العرب يصوتون بأرجلهم وبذلك يتغلبون على الساسة العرب المتطرفين. ويجب على أجهزة الأمن والشرطة الآن أن تضع حدا لظاهرة "شارة الثمن" اليهودية.