شارة "الكابتن" تحرجني!

خالد خطاطبة ابني كريم البالغ من العمر 12 عاما، يعشق الرياضة حد الجنون، وبات عالما بالكثير من التفاصيل الرياضية خاصة العالمية منها، متفوقا عليّ بدرجات، ما دفعني لرفع الراية البيضاء أمامه. توجيهاتي لكريم كانت دائما تنصب حول ضرورة التحلي بالروح الرياضية، بعيدا عن التعصب، وعلمته أن التوجه لتهنئة الخصم عند الفوز، يعد قمة الشجاعة، وأن الرياضة تهذب النفوس، وتبعث في الجسم الحيوية، وأن نجوم الكرة الأردنية متميزون فنيا وأخلاقيا، وجمهورنا واع ومثقف. كريم ليس مكترثا بالرياضة المحلية، في ظل هوسه بكرة القدم العالمية، ما دفعني لمحاولات إقحامه في الرياضة الأردنية، من خلال محاولات عدة، أبرزها اصطحابه لمتابعة مباريات الدوري المحلي، ومباراتي منتخب النشامى في البطولة الرباعية الأخيرة، وتعريفه بعدد من النجوم القادة في فرقهم، وأقنعته أن هؤلاء هم القدوة. أخيرا، اصطحبت كريم في جولة داخل عمان، لمقابلة رياضيين، في محاولة لجذبه نحو الرياضة المحلية ونجومها، فكانت الصدفة أن أول لقاء لنا كان بنجم محلي يدخن ويتصرف “ببلاهة” في الشارع قبل أن يطرح السيجارة أرضا.. حاولت إشغال كريم عن هذا المنظر المؤذي دون جدوى، ليرمقني بنظرة عتب وكأن لسان حاله يقول: هذا هو النجم الذي حدثتني عنه كثيرا وتريد أن أصبح مثله؟. مشهد آخر أكثر إيلاما.. أجبرت على دخول “الكوفي شوب” برفقة كريم، لأغراض صحفية، بعد أن اتفقت مع شخصية رياضية على عقد لقاء هناك، وعند دخولنا وإذا بنجم كان يحمل شارة “الكابتن” في منتخب وطني، يجلس في زاوية يدخن الأرجيلة، وبجواره ثلة من الأصدقاء الذين يضحكون بشكل مؤذ. هذا النجم، سبق وأن تابعته برفقة كريم في إحدى المباريات، وأبلغت ابني أن هذا النجم هو قيادي من الدرجة الأولى، ولا بد أن تكون مثله في المستقبل، وأقنعته أن المدرب لم يمنحه الشارة إلا بعد أن تأكد من شجاعته والتزامه وخلقه. مشهد اللاعب في المقهى وحولة دائرة من الأراجيل، صدمني، ليس لأن هذا المشهد جديد علي، بل لأنه أحرجني أمام طفلي وأجبرني على مراوغة كريم في الكلام لمحاولة تبرير ما شاهد من نجم كان يعتقد أنه القدوة. غادرت “الكوفي شوب” فورا، وانشغلت طيلة الطريق بإقناع كريم أن هذا الشخص الذي كان يجلس في زاوية المقهى ليس هو نفسه الذي شاهدناه في الملعب، وإنما يخلق الله من الشبه أربعين.. كريم لم يقتنع بمبرراتي، وخجل أن يكذبني.. واكتفى بطلب منحه فرصة متابعة البطولات الأوروبية بعيدا عن المسابقات المحلية. رسالة لمسؤولي المنتخبات والأندية.. عندما تقرروا اختيار اللاعب الذي يحمل شارة الكابتن في المنتخبات أو الأندية، تحروا اللاعب الخلوق الملتزم، الذي يشكل قدوة حسنة للأجيال. المقال السابق للكاتب  للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنااضافة اعلان