شارع الخضر بالسلط.. يعبق بذكريات بيوته ومحلاته القديمة

جانب من شارع الخضر في السلك ويضم مجموعة كبيرة من البيوت والمحال التجارية المتلاصقة - (الغد)
جانب من شارع الخضر في السلك ويضم مجموعة كبيرة من البيوت والمحال التجارية المتلاصقة - (الغد)

تغريد السعايدة

عمان- يستحق شارع الخضر في مدينة السلط الذي يعبق بذكريات محلاته وبيوته القديمة، أن يكون من ضمن المواقع التي تستعد لدخول خريطة التراث العالمي (اليونسكو).اضافة اعلان
شارع الخضر، وهو ضمن 23 موقعا تراثيا في السلط، سُمي بذلك الاسم نسبةً إلى مقام الخضر عليه السلام؛ حيث يوجد فيه كنيسة الخضر التي تقع في الشارع العلوي فيه، كذلك كنيسة الروم الأرثوذكس.
الى ذلك، يضم مجموعة كبيرة من المحلات التجارية المتلاصقة، ذات طابع شرقي قديم، وأغلبها مستأجرة منذ عشرات السنين، يعمل غالبية أصحابها في مهن قديمة، وبعضهم في مهن حديثة.
ويمتد شارع الخضر من الساحة الشهيرة في مدينة السلط، “ساحة العين” مروراً بالعديد من الأدراج التي تربط الأحياء السكنية بشارع الحمام، حتى يصل إلى آخر شارع الميدان، التي أخذت الاسم من اسم الشارع في الأصل.
وعلى الرغم من وجود عمليات هدم وترميم لبعض البيوت القديمة فيها، إلا أن شارع الخضر ما يزال عابقاً برائحة التراث وذكريات المكان.
ولكن، أبرز ما يُظهر جمال الشارع هو المحلات المتراصة، بدءا من شارع الإسكافية الشهير في المنطقة، والذي يبدأ في أول أدراج شارع الخضر ويمكن أن يكون هو الانطلاقة الأولى لمن يرغب بالسير فيه.
وفي أول الشارع، وقف أبو أحمد الإسكافي الذي يعمل في المحل منذ سنواتٍ عدة بعد أن استأجره والده قبل ما يقارب الخمسين عاماً، ويتحدث “بحرقة” عن الشارع الذي تغيرت ملامحه كثيراً. ويؤكد أن هدم أجزاء من المحلات القديمة غيّر قليلا من المظهر العام للشارع والذي انعكس بعد ذلك على طبيعة الحياة فيه.
ويستذكر أبو أحمد اللحظات الجميلة في الجلوس مع أصدقائه من أصحاب المحلات التجارية، ويفتقد للجلسات ذات الطابع العائلي في ساعات المساء. لكنه يعود ليؤكد أن شارع الخضر ما يزال يحتضن الكثير من المحلات التي لها زبائنها منذ سنين طويلة.
وعن الشارع، يقول أبو أحمد إن جزءا كبيرا من أسفله كان يسمى قبل عشرات السنين بـ”شارع الشوام”؛ حيث كان يأتي إليه التجار السوريون من بلاد الشام ويبيعون المنتجات مثل الأقمشة والملابس “الخلقات” والأغذية التي تقتصر صناعتها على بلاد الشام.
إلا أن “الشوام” لم يعودوا يأتون كما كان في السابق، وبعضهم استقر في مدينة السلط وأصبح لهم محلات وعائلاتهم تقيم في المدينة، وغيرهم غادر بدون رجعة، بعد أن ازدهرت التجارة في مدينة السلط وأصبح متاحا ومتوفرا كل ما يلزم العائلات في السلط وقراها.
ومن المواقف التي دائماً يرددها أبو أحمد، زيارة أحد السياح المهتمين بالتراث في الشرق إلى شارع الخضر والذي أبدى إعجابه بما يتميز به هذا الشارع من عراقة وأصالة وتراث قديم يتميز بجمال حجارة البيوت الصفراء وتراص المحلات بجانب بعضها بعضا. وبعد أن غاب السائح لسنوات وعاد إلى الشارع وجد أن الكثير من تلك المحلات والمنازل قد تم إزالتها، أظهر حزناً عميقاً على ما حدث، وأن تلك المباني كان يجب الاهتمام بها وترميمها وليس إزالتها.
ووقف الشاب محمد يصف الشارع الذي يعده معلماً سياحياً في السلط، غير أنه يفتقر للاهتمام الرسمي والإعلامي في تسويقه، إلا أن السكان وأصحاب المحلات التجارية يأملون بأن يكون لدخول السلط خريطة التراث العالمي دور في إبرازها سياحياً وتجارياً، لما في ذلك من انعكاس إيجابي على المدينة بشكل عام.
ويقول محمد إن مكان البيوت والمحلات التجارية القديمة أصبح مكاناً تصطف فيه السيارات، وهو ما أكدته إلهام التي ركنت سيارتها في إحدى زوايا الشارع، وتقول “هذا أفضل مكان لركن السيارة عندما آتي إلى السوق”.
بيد أن هذا لا يعد شيئاً إيجابياً، كما تشير، وتقول “لو أن الشارع يحظى برعاية واهتمام إعلامي وتهيئة لكان مكاناً سياحياً بامتياز، فالمنظر العام للمحلات يوحي للزائر بمدى عراقة المكان وجماله”.
ويعد شارع الإسكافية فيه الذي يأتي على جزء من الدرج، من أشهر الأماكن في السلط القديمة، وما يزال يحتفظ بالطابع القديم ذاته، ولأصحاب المحلات فيه قصص وحكايات عن السلط القديمة وبساطة الحياة فيها حتى وقت قريب.
وكان رئيس بلدية السلط المهندس خالد الخشمان أكد لـ”الغد”، أن البلدية وضعت خطة متكاملة لإدارة الوسط التراثي للمدينة، للمحافظة على جمالية المدينة، بالإضافة إلى خطة للحفاظ على المباني القديمة وترميمها، وذلك بعمل دراسة تقييم لواقع الأبنية ووضع دراسات متكاملة، وتجهيز عطاءات للترميم وطرح عطاءات دولية كذلك تعنى بترميم وتحسين المباني القديمة، وأن هذه التجهيزات تأتي في مجمل العمل على تجهيز المدينة لتكون على قدر كاف من الجمالية “التراثية” ليتم اعتمادها كمدينة تراثية، ضمن خطة اليونسكو.