شارع المدينة المنورة

كلما مررت من شارع المدينة المنورة في عمان، والذي يربط منطقة الصويفية وأم أذينة ودير غبار وغيرها بمنطقة الجامعة الأردنية وضاحية الرشيد، ووقعت في الأزمة الخانقة، التي يشهدها الشارع صبح مساء، أوقات العطلة، وأوقات الدوام، يقفز في ذهني سؤال لا أجد له جوابا حتى اليوم.اضافة اعلان
السؤال المحير هو سبب قيام أمانة عمان الكبرى باقتطاع جزء من الشارع المزدحم أصلا، وإقامة شارع خدمات فيه، الأمر الذي زاد الطين بلة، ولم يتم حل الازدحام المروري. ولماذا قامت "الأمانة" أصلا بتقليص مساحة الشارع من دون أن تقوم بحل الأزمة المرورية، لا بل اعتقد أنها زادتها؟ فبعد أن أنشأت "الأمانة" على جزء من الشارع ممر خدمات بات الشارع الرئيس بمسربين أو ثلاثة على الأكثر، وبات المسرب الثالث معطلا كليا، وأصبح يستخدم لخدمة السيارات الخارجة والداخلة لممر الخدمات ما عطل حركة المرور وانسيابيته.
أزمة المرور في العاصمة لم تعد محصورة بشارع المدنية المنورة أو شارع الاستقلال، وإنما تعاني منها الكثير من شوارع عاصمتنا الحبيبة، بيد أن حديثي عن شارع المدينة المنورة حصرا جاء بعد أن أبلغتنا أمانة عمان أن الأزمة المرورية في الشارع في طريقها للحل، وأن فكرة ممر أو شارع الخدمات هي الأفضل والأنسب لحل تلك الأزمة.
شخصيا لا أعتقد أن "الأمانة"، لو سألناها اليوم بعد أن نفذت مشروعها، ستقول إن الأزمة حلت، فالأزمة واضحة للعيان كالشمس في رابعة النهار، ولكن من حقنا أن نعرف الطرق الهندسية والسبل التي اتبعت من قبل "الأمانة"، والمخططات التي درست والتي دلّت أن الحل يكمن باقتطاع جزء من الشارع، وإنشاء شوارع خدمات، ولماذا ما نزال نعاني حتى اليوم من الأزمة الخانقة.
في ظل تلك الحلول الترقيعية التي لا تفيد أحيانا (وشارع المدنية المنورة مثالا) فإن من حقنا أن نطمح إلى حلول جذرية ليست ترقيعية، حلول تفيد وتكون مادة للقراءة والمتابعة من كل كليات الهندسة في جامعاتنا، وتكون كقصص نجاح لطلبتنا وليست قصص فشل وترقيعا.
وقبل أن يقفز في وجهي بعض المنافحين عن أمانة عمان، فإن من واجبي، وأنا الذي أعشق عمان عشقا صوفيا، أن أشير إلى بعض المفاصل، التي تعكر صفو حبيبتنا عمان، وبعض المطارح التي تعاني من قصور في الخدمات هنا أو هناك، ومن حقنا، نحن العمانيين الهواة، أن ننتقد القصور إن وقع، ونشيد بالانجاز إن حصل، ومن حقنا أن نحاسب ونطالب بمعرفة الأسباب والوقوف على التفاصيل، ولماذا قصّرنا.
عمان تكبر وتتسع، وعدد السيارات في عمان بات مخيفا، وزوار المدينة يزداد عددهم يوما بعد بوم، هذا كله صحيح، ولكن كل ذاك ليس عذرا لأحدٍ لتبرير واقع بات خانقا، وأزمة مرورية أصبحت تعكر مزاجات الناس، وتعطل مواعيدهم، وتشكل انطباعا سلبيا عن مدينتنا لكل زائر.
صحيح، كل العواصم تعاني في بعض الأوقات من أزمات مرورية، وصحيح أن بعض تلك العواصم لم يجترح حلولا لها حتى اليوم، ولكن، من حقنا أن نعرف نحن الذين وعدنا بحل جذري لأزمة شارع المدينة المنورة مثلا، سبب وجود أزمة طوال ساعات النهار، وأحيانا ساعات الليل، وسبب فشل أمانة عمان في معالجة تلك الأزمة، التي كلفتنا معالجتها مئات آلاف الدنانير من دون جدوى، فالهروب من الواقع والخروح علينا بالصوت العالي والتذمر من عدد السيارات وتراكمها وخلافه من مبررات، لا يعفي أحدا من مسؤوليته أو المساءلة والمحاسبة.
المواطن المعرّض لقطر سيارته إن وقف وقوفا مزدوجا مع مخالفة مالية من حقه أن يعرف سبب الفشل في معالجة الأزمة المرورية في عمان، وسبب الفشل في إيجاد مواقف سيارات، والفشل في تطوير قطاع النقل في العاصمة حتى الآن.
الأصل وقبل أن نذهب لمخالفة المواطن، وتركيب كاميرات في عمان، أن نذهب لمعالجة سبب المخالفة، وتوفير الحل، ومن ثم المخالفة، وتوفير مواقف حقيقية، وحلول ليست ترقيعية تفشل وتصيب.