شارع حيفا أم مدينة الصدر؟

الأميركيون سبق وأن بثوا صورا التقطتها طائرات استطلاعهم تكشف عن قصف مدفعية جيش المهدي من مدينة الصدر لأحياء سنية. وفي الصور ذاتها تقوم الطائرات الحربية الأميركية بضرب مدفعية جيش المهدي. وقبيل اجتماع بوش والمالكي في عمان سرب مسؤول أميركي في مجلس الأمن القومي للصحافة تحذيرات من مغبة اختراق مليشيات جيش المهدي للأمن العراقي. وبعد لقاء بوش والمالكي هدد التيار الصدري بتعليق مشاركته السياسية لأن المالكي بدا مخيرا بين الاستجابة لبوش وبين الاستجابة لمقتدى الصدر زعيم التيار الصدري وقائد جيش المهدي.

اضافة اعلان

المدائح التي كالها بوش علانية للمالكي وشت بأنه اختار الأميركيين على الصدريين. كان كافيا لبوش أن يصف المالكي بأنه "رجلنا في العراق". إعدام صدام كشف أن الرجل رهينة مليشيات جيش المهدي. فالتيار الصدري هو الذي رجح كفته على عادل عبدالمهدي مرشح المجلس الأعلى، ومليشيات جيش المهدي فاعلة في الحلقة الأمنية الضيقة التي سلمها الأميركيون أثمن ما وجدوه في العراق: صدام حسين. فلا برنامج نوويا ولا كيماويا ولا غيره. جيش المهدي يهتف ويصور ويبث. والمالكي بعد أسبوع يعلن عن تشكيل لجنة للتحقيق مع من سرب الصور. وكأن المشلكة في التسريب وليس في المأساة التي كشفت بشاعة الوضع الراهن في بغداد. لنتخيل أن وزارة الدفاع الأميركية بعد فضيحة أبو غريب أعلنت أنها ستحاسب من سرب الصور لا من ارتكب الجرائم.

ليس من قبيل اللطم على صدام فتعامله مع معارضيه معروف، ولكن إذا كان صدام يعامل بهذه الطريقة فكيف بالمساكين في شارع حيفا؟ الخطة الأمنية العتيدة بدلا من أن تبدأ من معقل فرق الموت في مدينة الصدر بدأت من شارع حيفا. في الشارع اجتمعت مأساة السنة العرب مع مأساة اللاجئين السياسيين السوريين الذين وصلوا العراق قبل أكثر من عقدين. في لحظة غدا اللاجئون السياسيون الذين ترفض الحكومة السورية استقبال أحفادهم إلى اليوم "إرهابيين عربا".

أهالي شارع حيفا يقولون إنهم تمكنوا طيلة الفترة الماضية من صد هجمات جيش المهدي، لكن صمودهم يصبح مستحيلا في ظل تدخل الطيران الأميركي. وبدلا من أن يصدر جنرال أميركي الأوامر لطيرانه في بغداد سيصدرها قادة مجاميع فرق الموت، وهذا من فلتات عبقرية الرئيس الأميركي. في الخطة؛ الرئيس لا يكتفي بالعمل العسكري، تنقل صحيفة التايمز عن الجنرال ريموند ادرنو، القائد الأميركي الجديد لقوات التحالف في العراق، قوله يوم السبت إنّ الخطة الأميركية الجديدة في العراق لها "جانب اقتصادي عدا عن الجانب العسكري"، ويوضح: " لقد كنا ننظر إلى الحل في العراق على أنه عسكري فقط لكن الحل يجب أن يكون أكثر من ذلك".

صحيفة الجارديان ذكرت أن الرئيس بوش يعرض اكثر من مليار دولار لتشغيل عراقيين في إطار خطته الجديدة. وحسب الصحيفة فإنّ هذا المبلغ سيصرف بالتوازي مع الخطة العسكرية التي ستتولى بموجبها وحدات عسكرية عراقية من البشمرجة الكردية مهمة القضاء على العنف الطائفي في بغداد. وستتولى القيادة العسكرية الأميركية الإشراف على صرف هذا المبلغ على مشاريع تستوعب عددا كبيرا من اليد العاملة العراقية مثل تنظيف الشوارع وبناء وصيانة المدارس. وتأمل القيادة العسكرية الأميركية في العراق، بحسب الصحيفة، أن تؤدي هذه الخطة إلى "جذب قطاعات كبيرة من الشبان العراقيين وإبعادهم عن الجماعات المسلحة".

قبل تشغيل الناس وإدخال البشمرجه، يفترض أن تؤمن قوات الاحتلال حياة الشعب الذي احتلته. مناطق السنة لا تشكو فقط من القتل الطائفي (الجثث مجهولة الهوية)، المناطق التي لا تطالها فرق الموت تكاد تموت جوعا وبردا. فالحكومة الطائفية لا تؤمّن لسكان محافظة الأنبار لا نفطا ولا غازا. حتى الحصة التموينية تقصرها على مادة العدس. طبعا هذا الكلام لا ينطبق على "إقليم الوسط والجنوب" ناهيك عن المناطق الكردية.

[email protected]