شاعر مصري يسكن لغة القصيدة في ديوان (تردني لغتي إلي)

 القاهرة - يمثل الشكل الشعري سطوة وإغراء دفعا معظم الأجيال الجديدة من الشعراء العرب إلى كتابة قصيدة النثر والتحول عن قصيدة التفعيلة التي أزاحت منذ الخمسينيات الشعر العمودي عن عرش دام نحو 1500 عام.

اضافة اعلان

  وتوحي قصائد الشاعر المصري وليد علاء الدين بإيمانه بأن القصيدة هي ما هي وأن الشكل ما هو إلا أداة للرؤيا ومن هذا المنظور تستوي قصيدة موزونة مقفاة كتبت قبل ألف عام وأخرى سيكتبها شعراء لم يولدوا بعد بشكل يلائم عصرهم وأذواقهم بدون فرض وصاية من أجيال سابقة.

  ففي ديوانه (تردني لغتي إلي) الذي صدر في الآونة الأخيرة يتمسك علاء الدين بالأوزان الشعرية التي تمنح القصائد موسيقى داخلية هامسة بلا افتعال بعيدا عن الاسترسال اللفظي الذي ساهم في انصراف كثير من الشعراء عن قصيدة التفعيلة حيث يرونها مرحلة من تطور الشعر العربي تلائم زمن التطريب واستبدلوا بها قصيدة النثر.

  وتستغني قصيدة النثر عن الوزن التقليدي معتمدة على اكتشاف الشعر في الحياة العادية والتفاصيل اليومية الصغيرة. لكنها رغم مرور نصف قرن على بداياتها تعاني أزمة إذ يصوب أعداؤها اتهاماتهم إليها قائلين إن اسمها (قصيدة النثر) يحمل تناقضا بين النثر والشعر.

  ولا يبدو علاء الدين مشغولا بالانتصار لشكل على حساب الآخر قدر انشغاله بالقصيدة نفسها منذ عنوان الديوان المستوحى من عبارة في السطور الأولى من قصيدته الأولى (النازحون) والتي يبدؤها الشاعر بالقول "أهل المدائن في الحقيقة نازحون-وأنا المعاد بن المعاد من البشر. تغتالني كل اللغات-وتردني لغتي إلي."

  وفي الديوان الذي خلا من الإشارة إلى دار نشر يبلغ 144 صفحة وتمثل الغربة والهجرة والنزوح نغمة أساسية. فعلى سبيل المثال تقدم إحدى القصائد تعريفا للنازحين بأنهم "هم الذين يمررون غيابهم-جمرا-على سفر-كأن الريح تسكنه."

  وخصص الشاعر قسما بعنوان (برديات) يضم عددا من القصائد القصيرة التي تعتمد على اقتناص المفارقة واللقطة الذكية ومنها (بردية السيف) التي يقول في جزء منها..

"حين يكون السيف الماثل في كفك-من عظمي.. حاول ألا تطعن لحمي. سيعود السيف إلى أصلي-فتعلم كيف تبارز.. لملم أطراف أصابعك المنسدلة-احكم قبضتك المعتلة-وتخير شريان القلب-لتطعن فيه."

  وتستقي بعض قصائد الديوان من الموروث الديني كما في قصيدة (أفلح القرنفل) التي يقول مطلعها.. "هي النار لا تعرف الانحياز-ولكنها الآن ترفض أن تحتويني. أيا نار كوني سلاما-وعشقا. سأحبو على سلم العشق-حتى الوصول-وأرسم للقلب قلبا-يشابه نقش الصغار على معصم الأغنيات-فللروح عزف مخالف."