شباب يهربون من الزواج خوفا من فشل العلاقة الزوجية

انتشار ظاهرة التخوف من مسؤولية الزواج لدى العديد من الشباب والفتيات مرده سوء ترتيب الأولويات الحياة - (mct)
انتشار ظاهرة التخوف من مسؤولية الزواج لدى العديد من الشباب والفتيات مرده سوء ترتيب الأولويات الحياة - (mct)

منى أبو صبح

عمان- لا يتقبل الثلاثيني سمير رزق الموظف في إحدى الشركات الخاصة، فكرة الزواج مطلقا، ويرى أنه كذلك مرتاح البال، فلا تلاحقه مسؤولية البيت والزوجة والأبناء، كما أن وقته ملكه يقضيه كيفما شاء.اضافة اعلان
ويقول “لا يكاد يمضي يوم إلا وأستمع لشكاوى وتذمرات الأصدقاء المتزوجين من حياتهم ومسؤولياتهم المتعددة، إلى جانب الخلافات والحوادث التي نقرأها في الصحف أو نشاهدها عبر المحطات الفضائية”.
ويروي تجربة أحد أصدقائه التي أسهمت في ترسيخ فكرة العزوف عن الزواج في رأسه، موضحا “ارتبط أحد أصدقائي بفتاة بعد قصة حب فريدة، ورغم معارضات الأهل من الطرفين، وبعد عامين من الزواج فوجئنا بعودته من المحكمة، يخبرنا بأن الطلاق كان الحل الأمثل لهما، لعدم احتمال زوجته الوضع المادي المتدني الذي لم تعتده مسبقا”.
ربما من أكثر الأسباب شيوعا لفوبيا الزواج هي تلك التجارب الشخصية التي يمر بها البعض من خلال مراقبة وملاحظة آثار الزواج على الآخرين، فمن خلال التركيز المستمر على الزيجات السلبية المليئة بالخلافات في نطاق العائلة والأصدقاء، يتكون تصور لدى الشخص بأن الزواج سيشكل خطرا اجتماعيا وماليا وقانونيا وشخصيا، وبالتالي يكون العزوف عن الزواج هو الحل الوحيد لعدم المرور بتجارب سلبية مماثلة.
وهذا هو حال وعد صالح (26 عاما) التي ترى أن حياة العزوبية أجمل ما في الحياة، فالفتاة تستطيع الخروج مع صديقاتها، وممارسة هواياتها بدون مشاغل تعطل عليها القيام بذلك.
وتؤكد صالح بأن شقيقاتها كن سعيدات في السابق قبل زواجهن أكثر من الوقت الحالي، فكل واحدة منهن لا يشغل بالها سوى التفكير بمسؤولياتها والتزامات الأسرة المتعددة، وتجزم أن كلا منهن لا يتسنى لها التفكير بنفسها قليلا.
وتقول “يغضب والداي كثيرا عندما أرفض شابا يتقدم لخطبتي، ويصل الأمر للصراخ والغضب، وهذا يؤثر على حالتي النفسية، وفي النهاية لا أستجيب لآرائهما لأنني أعتقد بل أجزم أن الحياة التي أعيشها أفضل بكثير منها مع الزوج”.
ويقول الستيني أبوفهد “يعيش شبابنا حياة صعبة، وذلك بسبب غلاء الحياة المعيشية، وبالتالي فإن التفكير في الزواج يحتاج إلى الكثير من التأمل والتروي، لأنها مسؤولية كبيرة، ويجب أن يكون الشاب قادرا على تحمل تلك المسؤولية حتى لا يفشل”.
ويضيف “فإذا فشل الزواج، فهناك آثار سلبية كبيرة ليست على الشاب فحسب بل على الفتاة أيضا، وكذلك على أهل الطرفين أيضا، ولا يخفى على أحد ما يمكن أن تحدث من أمور وعواقب جراء ذلك”.
ويرى أبوفهد أن فشل الكثير من الزيجات جعل نسبة كبيرة من الشباب والفتيات يعزفون عن الإقبال على الزواج، ويقول “منهم أبنائي الذين يتهرب كل منهم عند نقاشه في إكمال نصف دينه والارتباط بفتاة، معللين ذلك بكثرة مشاجرات وخلافات المتزوجين ممن حولهم”.
كما تشعر رهف سعدالدين (28 عاما) بالخوف من مسؤولية الزواج والارتباط، فهي تشعر أن الزواج مسؤولية كبيرة، وتلزم الشخص وتربطه بحياة جديدة، وكانت تتعذر في الماضي لأنها تدرس بالجامعة، أما الآن فليس لها أي حجة أو عذر.
تقول عبد الوهاب “أسمع المتزوجين دائما يشتكون من المسؤولية والأولاد، فهذا شكل لديّ الكثير من المخاوف، وأخاف من المستقبل، وأخشى أن يتغير الشخص الذي سأرتبط به، بأن يكون جيدا ثم ينعكس الأمر، ولا أعلم لماذا هذا الخوف؟”.
ويخشى الشباب من كلا الجنسين هذه الأيام من الارتباط مع شريك الحياة، حسب الاختصاصي النفسي خليل أبوزناد، مضيفا “ونرى الشباب يترددون كثيرا ويفكرون لفترة طويلة بموضوع الزواج، وكذلك الأمر بالنسبة للفتاة التي تشعر بالارتباك والتوتر الكبير عند طرح موضوع الزواج عليها.
ويشبه أبوزناد الزواج بالقفص الذي يشكل الحيرة أمام الشباب لدخوله، منوها إلى أن البعض يحاول الخروج منه بعد الزواج، وهذا ينعكس على نظرة الشباب لموضوع الزواج، موضحا “لذلك نرى أن غالبية الشباب والفتيات يأخذون بعين الاعتبار المشاكل الزوجية التي يرونها في المجتمع”.
ويضيف “يصاب الشاب بالقلق والتوتر إذا أقدم على الزواج إرضاء للوالدين، فسرعان ما تبدو هذه العلامات واضحة عليه قبل الزواج، وكذلك الفتاة، ففي بعض الأحيان توافق على الزواج لكنها تبدل رأيها فيما بعد، والبعض لديه فوبيا من موضوع الزواج ومسؤوليته”.
وتشير الاختصاصية الأسرية والمرشدة التربوية سناء أبوليل، إلى انتشار ظاهرة التخوف من مسؤولية الزواج لدى العديد من الشباب والفتيات، فهناك سوء فهم في ترتيب الأولويات بالنسبة للحياة، فالفتاة لديها تعليم وطموح وتريد تحقيقه، وهذا لا يتعارض مع الزواج.
كما أن بعض الفتيات، كما تقول، يتطلعن إلى تجارب الأزواج غير الناجحة، أو المعوقات التي تقف دون إتمام المرأة تعليمها بعد الزواج ويتخوفن منه، والبعض لا يردن تحمل المسؤولية لأنها مكتفية ماديا ولديها صداقات اجتماعية تخاف أن تتغير بعد الزواج، وهذه نظرة خاطئة.
وهناك دورات تأهيل ما قبل الزواج تعدها بعض المراكز والجمعيات، وفق أبوليل، يستطيع الشباب من كلا الجنسين الاستفادة منها، في تنظيم العلاقات قبل الزواج، مؤكدة أن السعادة منظومة كاملة وأحد عناصرها شريك الحياة.
كما وتشير إلى وجود دورات للفتيات في الاقتصاد والتدبير المنزلي تكتسب منه الفتاة معرفة كيفية التنسيق بين العمل ومتطلبات الأسرة.

[email protected]

munaabusubeh@