شباب يوزعون التمر والماء قبيل الافطار تجسيدا لقيم الخير

شابان يوزعان الماء والتمر على السائقين قبيل آذان المغرب - (تصوير: أمجد الطويل)
شابان يوزعان الماء والتمر على السائقين قبيل آذان المغرب - (تصوير: أمجد الطويل)

معتصم الرقاد

عمان- شباب متطوعون، يتناثرون على الطرقات وتحديدا عند الاشارات الضوئية، يؤجلون إفطارهم إلى ما بعد اتمام الواجب الذي أخذوا على عاتقهم القيام به طيلة أيام الشهر الفضيل، وهو توزيع ماء وتمر في أكياس مغلفة على المارة في الشارع والسيارات.اضافة اعلان
ينتظرون أن يطل الشهر الفضيل، ليتناوبوا بالوقوف على الاشارات الضوئية قبل دقائق من موعد الآذان، ويبدأون بتوزيع الماء والتمور على سائقي المركبات، المتوجهين لبيوتهم أو الذين تأخروا لسبب ما، ولم يسعفهم الوقت في الوصول إلى وجهتهم قبل وقت الإفطار.
في كل عام، يتوجه هؤلاء الشباب إلى عدة مناطق في عمان، خصوصا الطرق العامة التي تتواجد عليها عدد كبير من المركبات، ليشعر الصائم بفرحة وهو يشرب الماء ويأكل التمر في مركبته تزامنا مع رفع الآذان، وريثما يصل المكان الذي يقصده.
ولتعزيز روح التعاون والمؤاخاة بين افراد المجتمع ينتشر هؤلاء الشباب يوزعون التمر، ويحثون السائقين على عدم القيادة بسرعة من أجل سلامتهم وسلامة المشاة على الطرقات.
الثلاثيني بسام يونس يقول إن هذه اللفتة الجميلة تساعد كثيرا من الناس على كسر صيامهم إلى حين وصولهم إلى منازلهم، فلا شيء أجمل من الإفطار على التمر والماء، وأن هنالك اشخاصا يفكرون بهم.
يونس، الذي تلقى العديد من هذه الاكياس البلاستيكية أثناء قيادة سيارته وعدم تمكنه من الوصول لمنزله على موعد الآذان، يبين أن السعادة كانت تغمر هؤلاء الشباب الذين كانوا يقفون على الإشارات الضوئية ويناولون السائقين ومن معهم في السيارات من أفراد وعائلات هذه الأكياس التي تضم كتيبات أدعية وأذكارا وآياتا قرآنية كريمة مغلفة بطريقة جميلة وبسيطة.
ويشارك باهر طلال للسنة الثانية على التوالي في هذا العمل الذي يرجو عليه الاجر والثواب، مشيرا الى ان اجمل شيء يثلج الصدر هو الابتسامة الصافية التي يراها على محيا السائقين الصائمين الذين اضطرتهم ظروف العمل للتأخر خارج البيت عن موعد الافطار مع عائلاتهم.
أما سائد احمد فيشعر بالانجاز والرضى وهو يقدم الماء والتمر عند الاشارات للصائمين، وفي البداية كان ذلك بناء على طلب والدته ووالده، اللذين عوداه على فعل الخير من الصغر، كما يساهم في توزيع الوجبات على الأسر الفقيرة في رمضان بكل عام.
ويبين سائد أنه في الساعة الأخيرة قبل الإفطار تزداد السلوكيات الخاطئة لدى بعض المواطنين، ما يتسبب في إحداث أزمات سير تسبب في عرقلة حركة السيارات، وهو ما يدفعه ورفاقه بتقديم النصيحة للسائقين بأن هنالك من ينتظر وصولهم سالمين على بيوتهم، لذا عليهم الحذر من السرعة.
من جانبه يؤكد اختصاصي علم الاجتماع الدكتور مجد الدين خمش ان مثل هذه الأعمال تنم عن الروح والتربية الطيبة عند المجتمع الأردني وبخاصة فئة الشباب.
وبين خمش أهمية ترسيخ العمل التطوعي عند الشباب وكيفية تفاعلهم مع هذه الأعمال الخيرية ونقلها الى مجتمعاتهم، فهم يملكون طاقات ويريدون تقديم كل ما هو ايجابي، وبخاصة في ايام شهر رمضان.
ويذهب خمش الى ان هذه السلوكيات يعتز بها المجتمع ويقدرها ويفخر بها، فهي تعكس القيم الجميلة والنبيلة التي يتحلى بها ابناء المجتمع ويحرصون على ادائها في مثل هذه الايام المباركة من الشهر الفضيل.
ويشدد على أن الفائدة من هذه الاعمال استثمار طاقة الشباب وحيويتهم، وعدم هدر الوقت بقضايا جانبية لا تخدم المجتمع بشكل جيد، بل تكثيف الاعمال التي تزيد من لحمة المجتمع.
محمد هو متطوع آخر، يبين أهمية التكاتف الاجتماعي وعمل الخير في كل أشهر العام، لكن لشهر رمضان خصوصية بتقديم الخير، ورؤية فرحة الصائم وهو يتلقى التمر والماء في الطرقات، وهو كاف لرد التعب. ويضيف أنه يتأخر عن الفطور مع عائلته كل يوم، ولكنه يجد متعة لا تضاهى وهو يكثف طاقاته بهذا العمل.
ويرى سائق تكسي احمد نايل أن هذه اللفتات الكريمة التي يراها في كل عام، بحكم عمله الذي يتطلب الوجود في الطرقات حتى قبل دقائق من رفع آذان المغرب؛ تنم عن شباب يسعى لخدمة مجتمعه كل بطريقته. ويلفت إلى أن هذه الأعمال البسيطة في توزيع التمر والماء، تشعر السائقين والمارة بفرحة كبيرة وأن هنالك من يفكر بهم، وينصحهم ايضا بضرورة القيادة السليمة.
وأكد نايل أن مثل هذه المبادرات تعزز أواصر التقارب بين أفراد المجتمع الواحد، وهي لفتة كريمة وجميلة وتلاقي دوما رضا واستحسانا واضحا من قبل الناس.