شبح أزمة مالية جديدة.. هل سنكون في مأمن؟

  هل نحن مقبلون على أزمة مالية عالمية؟ هذا السؤال الذي يثير مخاوف العديد من المراقبين والأوساط المالية في العالم بعد أن شهدت الأسواق المالية العالمية حالة من عدم الاستقرار في ظل ارتفاع مستويات الدين العام العالمي وتراجع أسعار النفط الى مستويات غير متوقعة، والأمر الأكثر أهمية التحذير الصادر عن البنك الدولي في تصريح صدر عنه بأن "العالم ليس في انتظار عاصفة مالية وحسب، بل لا يبدو أنه يقف على استعداد لاستقبالها"، في الوقت الذي ما يزال العالم، وبعد مرور عشر سنوات، يعيش إرهاصات الأزمة الاقتصادية والمالية التي اندلعت في العام 2008 والتي تعد الأقسى على اقتصادات العالم بعد الأزمة العالمية في العام 1929. ومما بعزز المخاوف العالمية من انفجار هذه الأزمة في أي وقت هو الحرب التجارية التي حطت أوزارها بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، والتي أصبحت مثار قلق كونه في حال وقوعها فلن يكون تأثيرها محدودا على الاستثمارات الصغيرة والأفراد فقط، بل سيكون تأثيرها كارثيا على المشاريع الضخمة والمؤسسات الاستثمارية الكبيرة، في الوقت الذي يسجل فيه الدين العام العالمي مستوى قياسيا؛ حيث يبلغ 247 تريليون دولار لما قبل منتصف العام 2018، أما "معهد التمويل الدولي"، فإنه يؤكد أن مستويات ديون الأسر والشركات غير المالية والحكومات بلغت 186.5 تريليون دولار في الربع الأول من العام، منها فقط ديون القطاع المالي العالمي وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 60.6 تريليون دولار، وتنذر هذه الأرقام بالخطر القادم من انزلاق العالم الى أزمة مالية مع لجوء العديد من الدول المدينة والتي تعاني من عجز متصاعد في موازناتها باللجوء الى الاقتراض الخارجي من الأسواق المالية العالمية، مع الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة المستحقة على مديونياتها، مما يشكل عامل خطر يهدد الاستقرار المالي العالمي. سؤالنا الثاني نوجهه لصناع القرار في الصناعة المصرفية الإسلامية، وهو هل نحن جاهزون لمواجهة أي تطور جديد قد تتعرض له الصناعة المصرفية الإسلامية في وجود تحديات خارجة على إرادتنا؟، وهل يمكن لها أن تكون ذاك اللاعب نفسه في مواجهة الأزمة المالية السابقة؟، هناك العديد من التحديات التي تتطلب وضع استراتيجية مدروسة، ووضع خطط لأسوأ الاحتمالات تسمح لنا بالثبات في وجه العاصفة في حال وقوعها، اذا كانت لا تسمح لنا المعطيات العالمية والمحلية بالمساهمة في التخفيف من حدتها على الأقل، ومن هذه التحديات تراجع أسعار النفط وانعكاسه على اقتصاديات الدول المصدرة له، منها السعودية ودول الخليج العربي التي تعد الحاضنة الرئيسية للنشاط المصرفي الإسلامي، وكما هو في الواقع سعي دبي لتكون المركز الأول عالميا للصناعة المصرفية الإسلامية واحتضانها لمؤتمرات دولية ومنتديات عالمية متعلقة بالاقتصاد الإسلامي وجناحه المالي المتمثل بالمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، إضافة الى النشاط الذي تشهده هذه الدول في إصدارات الصكوك الإسلامية، ومع استمرار هذا الوضع فإنه من الممكن أن يؤثر على نمو حجم الأصول لديها والتي من المتوقع لها أن تصل مع حلول العام 2020 الى ما يقرب الـ4 تريليونات دولار، إضافة الى ما يمكن أن تتعرض له هذه الدول من اختلالات ومشاكل في موازناتها قد تعيق من تحقيق نمو اقتصادي طموح يشكل أرضية مناسبة لزيادة حجم مساهمة قطاع المصارف الإسلامية فيها. الظاهر، وكما يبدو، أن العديد من اقتصاديات العالم تتعرض في هذا الوقت لتقلبات اقتصادية وعدم استقرار أوضاعها المالية كما سبق، وإن رأينا الأزمة المالية التي اجتاحت دول الاتحاد الأوروبي والتي كادت أن تهدد وحدته على إثر أزمة اليونان والبرتغال وإلى حد ما اسبانيا، مما تسبب في ارتفاع معدلات البطالة وتراجع معدلات النمو الاقتصادي فيها، وأمام هذه الأوضاع فيتوجب علينا في الصناعة المصرفية الإسلامية أن نستعد لهذا التحدي وبكل ثقة، فكما تجاوزنا نتائج الأزمة المالية العالمية التي تداعت أمامها وانهارت أضخم المؤسسات المصرفية العالمية، فإن قطاع المصرفية الإسلامية يمتلك إمكانات اقتصادية مادية وأخلاقية اذا أحسن استخدامها سنواجه جميع هذه التحديات ولو بعد حين. *باحث ومتخصص في التمويل الإسلامياضافة اعلان