شبكات منظمة لعمليات "غش" في التوفل الوطني

01dd9a0c-untitled-1 (1)
01dd9a0c-untitled-1 (1)
تحقيق: حنان الكسواني ورأفت قبيلات عمان – 120 دقيقة كافية لتمنحك شهادة الامتحان الوطني- اللغة الإنجليزية (التوفل) للالتحاق في برنامج الدراسات العليا، وبمجرد أن ترتدي الفتيات قميصا زهريا، والذكور قميصا أبيض وينتشروا في مختبرات مراكز اللغات الأجنبية في الجامعات الحكومية المعتمدة لدى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حتى تفتح أمامهم الطريق نحو اجتياز الامتحان. ما علاقة تلك الملابس بألوانها الزاهية بالامتحان؟ وهل تقف خلفه شبكات منظمة تمكنت من اختراق أسئلة امتحان (التوفل)؟ أسئلة دفعت “الغد” للغوص بين ثنايا القصة بنشاطاتها السرية التي تجوب أرجاء المملكة من شمالها حتى جنوبها لاصطياد طلبة يلهثون وراء تحقيق حلمهم بالنجاح المضمون، بينما “تجار العلم” يكسبون أموالا طائلة في طريق الثراء السريع.

قصة الملابس الملونة

تعود بداية القصة، إلى الطالبة الجامعية نضال -اسم مستعار- التي خاضت التجربة، وصارت لاحقا لاعبة رئيسية في الشبكة. كانت (نضال) ترغب في اجتياز امتحان المكافئ الوطني (بديل التوفل)، فاستدلت على الطريقة لاجتياز الامتحان من خلال معارف أوصلوها إلى رئيس الشبكة، حيث ارتدت القميص الزهري، وفعلا تمكنت من اجتياز الامتحان في أحد مراكز اللغات في جامعة حكومية، بعد أن دفعت للسمسار 500 دولار كونها تحمل جنسية عربية. مباشرة تم تجنيدها لاستقطاب زبائن جدد من الطلبة الراغبين بالدراسة في برنامج الماجستير وبخاصة طلبة العلوم الإنسانية، مقابل عمولة مالية مقدارها 100 دينار على كل طالب تستدرجه، حيث تدفع عمولتها بعد عملية النجاح مباشرة. “الغد”، بدورها، ألقت “الطعم أمام السمكة” للكشف عن أعمال هذه الشبكة السرية التي “تعبث بالعلم” في الأردن، حيث تم توثيق نشاطهم غير المشروع بكاميرا سرية وتسجيلات صوتية ومراسلات خاصة بين التجار والسماسرة والمنتفعين من خلال تطبيق “واتساب” إضافة الى خوض غمار التجربة لغايات إثبات فرضية التحقيق.

عمل منظم.. بأساليب تحايل مبتكرة

عقب أشهر عدة، حاولت الطالبة العشرينية (نضال) استدراج معد التحقيق بعد أن أبدى رغبته بالحصول على شهادة (التوفل)، خصوصا وأنه حصل فعليا على قبول في برنامج الماجستير في إحدى الجامعات الأردنية الخاصة في عمان. وبما أن لغته الانجليزية ضعيفة قد تمنعه من استكمال حلمه في الالتحاق في برنامج الماجستير، قام معد التحقيق بالتسجيل في مركز لغات في جامعة حكومية، آليات الرقابة فيها “شبه معدومة”، وبناء على تعليمات الشبكة كان لا بد من ارتداء “اليونيفورم” الخاص بهم المكون من قميص أبيض خاص مزود بكاميرا على هيئة زر صغير، كما وضعت سماعة صغيرة جدا بأذنه، ودخل قاعة الامتحان، لكن معد التحقيق قرر الانسحاب. بعد هذه التجربة، بدأت العلاقة بين معد التحقيق والشبكة تتطور، وباتت المكالمات واللقاءات تنشط، حتى تم إبرام اتفاقية جديدة مفادها “تسجيل الطلبة في الامتحانات والبقاء مع هذه الشبكة لحين انتهاء الامتحان ليحصل على 100 دينار عن كل طالب يقوم بتسجيله وينجح في الامتحان بعلامة (50) فما فوق”، وهي علامة القبول لبعض التخصصات. اكتشفت “الغد” بعضا من أساليب الشبكة المبتكرة للتحايل على الطلبة، وتوريطهم في دفع مبالغ مالية أكبر، إذ تخير الشبكة الطلبة ما بين استخدام الكاميرا السرية وتزويدهم بإجابات الأسئلة في قاعة الامتحان بضمانات عالية، أو بيعهم الأسئلة ويتحملون هم مسألة نجاحهم أو فشلهم . من الطبيعي، أن أغلب الطلبة يبحثون عن تكلفة مالية قليلة، فيختارون شراء الأسئلة بمبلغ (200 دينار) والشبكة على يقين بأن الطالب سيخوض تجربة الرسوب، مع إيهامه أن الامتحان صعب، فينتقل الى خيار الكاميرا والسماعة؛ حيث يتراوح المبلغ بين (700- 1000 دينار)، حسب التخصص الأكاديمي. هذه الشبكة التي تمتهن هذا العمل منذ سنوات عدة في الأردن تراهن دوما على سياسات وزارة التعليم العالي بفرض الامتحان كأحد شروطها للقبول في برنامج الدراسات العليا، كما أنهم يضربون على وتر ضعف بعض الطلبة، وبخاصة الطلبة من جنسيات عربية، في اللغة الإنجليزية ورهبة البعض الآخر من الامتحان ذاته. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تمكنت “الغد”من مرافقة أفراد الشبكة لشراء سماعة وكاميرا بسعر (600 دينار) يصنعها بإتقان شاب عشريني يقطن في شمال المملكة؛ حيث تتحفظ “الغد” على الخوض في عملية تصنيعها وعدم إعلان الأماكن والأسماء.

“التوفل”.. سوق تنتعش

انتعش سوق التجارة بامتحان (التوفل) عقب إقرار الحكومة بضرورة اجتياز الامتحان مع بداية كل عام دراسي جديد (الفصل الأول والفصل الثاني)، الذي يعد موسماً مهماً للشبكة؛ حيث توزع الشبكة ما يقارب 20 طالبا وطالبة أسبوعيا في مراكز اللغات المعتمدة، مقابل (200 دينار) لكل طالب يرغب بشراء الأسئلة ومن (700-1000 دينار) لاستخدام الكاميرا، في حين ينخفض إقبال الطلبة بعد بدء موسم التسجيل ليقتصر عددهم على طالبين أسبوعيا. أما تكلفة الاختبار في المراكز المعتمدة فهي (50 دينارا أردنيا، أو ما يعادل 70 دولارا) تقريبا، ويتم اعتماد نتيجة الاختبار لمدة سنتين من تاريخ الاختبار في الجامعات الأردنية، بحسب هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها. وبالعودة الى إحصائيات رسمية راشحة من وزارة “التعليم العالي”، فإن عدد الملتحقين في برنامج الماجستير 25 ألفا و5 آلاف طالب وطالبة في برنامج الدكتوراه خلال الفصل الدراسي الثاني للعام (20/21)، بينما كان عددهم قبل 10 سنوات للبرنامجين 18 ألف طالب وطالبة موزعين على 200 برنامج تطرحها الجامعات الأردنية.

توزيع المهام لضمان النجاح

30 يوما.. هي المدة المستغرقة لحين تحديد موعد الامتحان من قبل المراكز المعتمدة وحجز مقعد للطالب؛ حيث تستغلها الشبكة في توزيع المهام، التي تنقسم إلى قسمين: قسم يقوم بإنشاء مجموعة “واتساب” للطلبة الذين لم يقوموا بتركيب الكاميرا أو السماعة لهم، هذه المجموعة تزود الطلبة من خلالها ببعض الصور للامتحانات السابقة التي لديهم (ضمن بنك الأسئلة) الذي قاموا بإنشائه منذ بداية عملهم. فيما تقوم المجموعة الأخرى بلقاء الطلبة لتركيب الكاميرات والسماعات لهم في مكان قريب من الجامعة، وهو موقف السيارات، فتركيب السماعة الصغيرة في أذن الممتحن سهل وإخراجها يتم بواسطة مغناطيس بعد انتهاء المهمة. أما الكاميرا فتثبت بقميص عند أحد أزراره العليا بعد ربطها وفق برنامج معين دقيق، للتمكن من رؤية الأسئلة بوضوح، وتكون الكاميرا مربوطة بجهاز Wifi يقوم الطالب بوضعه تحت حزام البنطال الذي يرتديه مع هاتف خلوي صغير، فيما يقوم الطالب بتسليم هاتفه النقال للمراقب قبل دخوله الى قاعة الامتحان. أما إدارة عملية الغش بأكملها، فتكون في موقف السيارات الخاص بالجامعة الذي يتحول مع بدء الامتحان الى غرفة عمليات لمدة 120 دقيقة. مساء، تجتمع هذه الشبكة بعد انتهاء الامتحان واستلام المبالغ المتفق عليها، وتجري عملية توزيع الغنائم بين أفراد هذه الشبكة، فالسائق يحصل على مبلغه المتفق عليه، ومن قام بالدخول بديلاً عن أحد الطلبة متعاقد مع الشبكة، ومن يمتلك الكاميرا أيضاً، وقائد هذه الشبكة يستحوذ على باقي المبلغ.

“لم تكن مفاجأة”

لم يتفاجأ خبير أمن المعلومات والجرائم الالكترونية الدكتور عمران سالم من إمكانيات الشباب الأردني من تصنيع كاميرات صغيرة خاصة وسماعات، وتسخير التكنولوجيا بطرق غير مشروعة وبخاصة الامتحانات، فمن خلال “يوتيوب” وتطبيقاته يستطيع أن يتعلم أي إنسان كل شيء. غير أن سالم يرى أن الأهم في هذه المرحلة هو كيفية التصدي لهؤلاء المتورطين ومحاسبتهم ووضع أجهزة متطورة في القاعات للكشف عن أي أجهزة ملتصقة بالجسم مهما كانت صغيرة، بجانب تدريب وتأهيل المفتشين قبل دخول الطلبة الى الاختبار.

رقابة ضعيفة تغذي نشاط الشبكة

غير أن خبراء في المجال التعليمي والتكنولوجي والاجتماعي أعربوا عن مفاجأتهم من سلوكيات المتورطين من الطلبة في هذه الأعمال “غير الأخلاقية” التي تبدأ مشوارها الأكاديمي بالغش، فيما ذهب طلبة، وبخاصة من تخصص العلوم الإنسانية، للدفاع عن أنفسهم، بحجة أن شروط التعليم العالي لطلبة الماجستير ليست “مدروسة”. وفي موازاة ذلك، أكدت موظفة في دائرة القبول والتسجيل في إحدى الجامعات الخاصة، فضلت عدم ذكر اسمها، “أن الرسوب منذ سنوات مضت بين الطلبة الراغبين بالانضمام الى برنامج الماجستير مرتفع، وبخاصة بين كليات العلوم الإنسانية وإدارة الأعمال والحقوق وغيرها”. ومن خلال ملاحظتها وخبرتها، تؤكد لـ”الغد” أن نسبة النجاح في الامتحان الوطني المكافئ مؤخرا صارت مرتفعة، وذلك بعد أن توجه الطلبة الى بعض الجامعات الأردنية التي تكرر الأسئلة في الامتحان أو الغش فيها متاح. وأضافت لـ”الغد” أنه “بعد محاولات عدة لم تتكلل بالنجاح، يحق للطالب تسجيل 6 ساعات استدراكي لغة انجليزية كمتطلبات إجبارية من وزارة التعليم العالي”. وهذا ما أكده طالب الماجستير معاذ -اسم مستعار- الذي لم ينحج من أول مرة في امتحان (التوفل) وخسر مبلغ 50 دينارا، هي رسوم التسجيل غير المستردة، فتوجه الى إحدى الجامعات التي “ما بتراقب كويس” -حسب تعبيره- بناء على نصيحة موظفة في القبول والتسجيل في جامعته ونجح بالفعل. وأكد معاذ طالب الماجستير في جامعة حكومية، أن الأسئلة تسربت له من صديقه الذي اشتراها من مصدر لم يفصح عنه، واجتاز الامتحان وهو لا يفرق بين الفعل والاسم والصفة، قائلا “لن أستفيد من هذه الورقة في حياتي، المهم ألا أدفع في كل مرة أرسب فيها 50 دينارا أو أدفع ما يقارب 900 دينار ثمن الاستدراكي”. وفي السياق ذاته، أربكت تعليمات التعليم العالي الجديدة واشتراط الحصول على برنامج (ايلتس 2021) للتعيين في الجامعات، أغلب أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات الأردنية الذين طلب منهم تصويب أوضاع المخالفين. وعليه، قامت معدة التحقيق بالتواصل مع أحد سماسرة “امتحان التوفل والايلتس” الذي أكد من خلال مراسلاته عبر تطبيق “واتساب” أن كلفة المساهمة بإنجاح الطالب بامتحان “الايلتس” حوالي 2500 دينار أردني وضعف ذلك لجنسيات عربية. ورغم الرقابة المشددة في المراكز البريطانية والأميركية واستخدام أجهزة تشويش على الأجهزة الإلكترونية تفاديا لأي اختراق محتمل، غير أن السمسار بثقة وبلا تردد يخبر “الغد”، “نستخدم كاميرا سرية، ويفضل أن يكون مستوى اللغة الإنجليزية متوسطا حتى يكون النجاح مضمونا”، مضيفا “أن التعامل مع طلبة الماجستير، وبخاصة الإناث، أفضل من طلبة الدكتوراه، فالمستوى لديهم أفضل ويدفعون المبلغ أسرع”. وخدماته، كما عرضها السمسار، تشمل: امتحان الاستيعاب السمعي والكتابي، إضافة الى تدريب الممتحنين على المحادثة و”النجاح مضمون”، بحسب مزاعمه. وبحسب الموقع الالكتروني للمعهد البريطاني، فإن امتحان (الايلتس) يعقد في 6 مراكز رسمية في الأردن. يمكن إجراء الاختبار على الورق أو على الكمبيوتر، وبكلتا الحالتين، سوف تحتاج إلى الحضور إلى مركز الامتحان لإجراء الامتحان. وتختلف الرسوم، بحسب غاية الامتحان، بنموذجيه الأكاديمي والتدريب العام -الامتحان الورقي أو عبر الحاسوب 170 دينارا أو امتحان IELTS UKVI للتأشيرات والهجرة (بنموذجيه الأكاديمي والتدريب العام) 187 دينارا أردنيا.

الاختراق الالكتروني وارد والحلول متوفرة

بالعودة إلى (التوفل)، بحسب وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق الدكتور وليد المعاني، الذي يرى أن تجربة الأردن بالامتحانات الوطنية الإنجليزية والعربية في الجامعات الأردنية “غير ناجحة”، قائلا “لو كنت وزيرا لن أقبل سوى بمركزي الميد ايست الأميركي والمجلس الثقافي البريطاني لاعتمادهما كاميرات مراقبة وأجهزة تشويش وتفتيش دقيقة لمنع أي طريقة للغش، وبذلك نضمن أن يكون تقييم مهارات الطالب دقيقا”. وأضاف، في تصريح لـ”الغد”: “أن الهدف من هذه الخطوة أن يستخدم الباحثون والطلبة المراجع الأجنبية باللغة الإنجليزية لإثراء أبحاثهم العلمية، حتى يصلوا الى لغة نجليزية جيدة تمكنهم من مناقشة الآخرين بفكرهم”. “يجب إغلاق أي مركز لغات متورط بالشمع الأحمر وتحويل المسؤولين للقضاء، وبالمقابل أن تتعاون الجهات كافة من التعليم العالي، وزارة الداخلية، الجهات الأمنية، الجرائم الالكترونية لتشديد الرقابة على هذه المراكز ومحاسبة أي شخص متورط في عملية تدمير التعليم في الأردن”، بحسب المعاني. يشار الى أنه في العام 2010 أقرت “التعليم العالي” التوفل شرط قبول للدراسات العليا، وبحسب الموقع الالكتروني لهيئة الاعتماد وضمان الجودة، فإن علامة الامتحان الوطني للغة الانجليزية المطلوبة للحصول على قبول في برامج الماجستير والدكتوراه 75 % لطلبة تخصصات الطب والصيدلة والطب البيطري والهندسة (..) وتخصصات اللغة الإنجليزية كافة 65 %.أما 50 % فمطلوبة لطلبة التخصصات الإنسانية والاقتصادية والإدارية. ويتفق الدكتور هاني الضمور رئيس جامعة آل البيت الحكومية بالرأي مع الدكتور المعاني من حيث أهمية تشديد العقوبات على المخالفين وتحويلهم للقضاء، قائلا “إن أي جامعة تحافظ على سمعتها الأكاديمية لن تقبل بأي ممارسات خاطئة يمارسها الطلبة حتى وإن كان من خارج أسوارها فهذه جريمة أخلاقية”. والأصل، بحسب أمين عام وزارة التعليم العالي السابق الضمور لـ”الغد”، أن يتقدم الأكاديمي ويتفوق بطريقة أخلاقية من أجل تجويد التعليم في الأردن. واعتبر عضو لجنة التربية والتعليم والشباب النيابية السابق الدكتور إبراهيم البدور، أن بعض المتورطين من سماسرة و”تجار العلم” باتوا يربحون أموالا طائلة بطرق غير أخلاقية، وهذه معلومات “صادمة ولا بد من تحرك سريع على مستوى الجهات الأكاديمية والأمنية كافة”. وفي حال بيع أسئلة امتحان التوفل أو استخدام كاميرات سرية لحل الأسئلة من داخل القاعات، أو طرق أخرى، سيكون المخرج التعليمي “ضعيفا”، بحسب البدور، الذي اقترح أن يتم إجراء اختبار (التوفل) في مكان واحد لديه الإمكانيات التكنولوجية كافة لمنع نشاط هذه الشبكات للحفاظ على المنظومة التعليمية التي باتت في خطر. “من اختار طريق النجاح السريع دون منافسة فسلوكياته التي اكتسبها وهو في المدرسة ومن ثم في الجامعة وسط صمت بعض الأسر عنه تعد خطيرة جدا على المجتمع”، بحسب الخبير في علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي. ويرى الأكاديمي الخزاعي أن العقوبات في القانون الأردني “رادعة”، غير أن إثبات عمليات الغش باختراق أجهزة الحاسوب “قد يكون صعبا، وبخاصة أن أساليب السماسرة والتجار دوما متجددة ومبتكرة”. وبدوره، يرى المحامي خالد خلفيات عدم وجود مخالفة قانونية في حالات الغش، إنما هي مخالفة تأديبية، مؤكدا “أن المحكمة تضع الحكم الأعلى لتكون عقوبة رادعة، ولضمان عدم تكرار الفعل”. هذه المخالفة تخضع الى النظام الداخلي في الجامعة، أو وزارة التعليم العالي التي يتم الاستناد إليها في حال ضبط مثل هذه المخالفات”، بحسب خليفات. أما الناطق الإعلامي في وزارة “التعليم العالي” مهند الخطيب، فأوضح “أن الوزارة تتدخل فقط في حال ورود شكاوى من جهة عقد الامتحان وهي غير مرخصة، فيتم إحالتها للنائب العام”. وحول متابعة الرقابة على هذه المراكز المعتمدة من قبل هيئة الاعتماد في الوزارة، أفاد الخطيب لـ”الغد” بأن “حالات الغش وأي تجاوزات هي من شأن الجامعة وأن الوزارة لا تتدخل في النظام الداخلي لها”.

عقوبات غير رادعة

غير أن ملفات القضايا، تشير إلى أن بعض المتورطين في تأمين شهادة امتحان “التوفل” قد يتنصلون من المسؤولية، بسبب “عدم كفاية الأدلة” أو “الاستفادة من العفو العام”. وبحسب ملفات القضايا التي اطلعت عليها “الغد”، فإن مواطنا أردنيا أعلنت براءته بعد أن نفى حصوله على تحويلات مالية من الخارج. ويكشف ملف القضية، أن المواطن “قام بتأمين الحصول على شهادة امتحان التوفل من الجامعات، وحول له مبلغ مالي على أن يحصل على مبالغ مالية أكبر عند الانتهاء من الإجراءات وإرسال الشهادات، غير أن الشاب اختفى بعد أن حصل على الحوالة المالية مما اقتضى ملاحقته أمنيا”. أما في قضية أخرى، فقد استفاد أحد المتورطين بتزوير شهادة امتحان التوفل من العفو العام لشمولها بقانون العفو العام رقم 5 لسنة 2019. وتكشف التفاصيل، أن الجاني من جنسية عربية قدم الى جامعة مؤتة وحصل على شهادة (التوفل) للانضمام الى برنامج الماجستير ، غير أن ظاهر حالها أنه “قد اجتاز الامتحان الوطني للغة الانجليزية بعلامة 54 % ليتبين لاحقاً بعد التدقيق أن علامته الصحيحة هي 21 % وأن النتيجة 54 غير صحيحة ومزورة”. وأسندت المحكمة إليه جرمي “مصدقة كاذبة واستعمالها خلافا لأحكام المادة (266/3) من قانون العقوبات يعاقب بالحبس من ستة أشهر الى سنتين، أما تقليد ختم إدارة عامة واستعمالها خلافا لأحكام المادة (237) من قانون العقوبات فلا ينقص الحبس عن سنة”. وفي حادثة أخرى، وحسب قرار قضائي، كان أحد أفرادها من الشبكة التي تعاملت معها “الغد” لغايات إعداد هذا التحقيق، ثبت أن (معلومات وردت الى رئاسة جامعة البلقاء التطبيقية مفادها وجود اختراقات للامتحان الوطني المكافئ (بديل عن امتحان التوفل) مقابل دفع مبالغ مالية). و(بعد التقصي الجنائي، تبين أنه عند عقد الامتحان لدى مركز الجامعة بالسلط وفي مركز كلية إربد، يكون هناك ازدواجية بدخول الطالب إلى الامتحان؛ أي دخولين للطالب نفسه وبالوقت ذاته ومن مكانين مختلفين). و(عملا بأحكام المادة 72 من قانون العقوبات، تم تنفيذ العقوبة الجنحوية الأشد بحق المشتكى عليه (ع،خ) لتصبح العقوبة الواجبة النفاذ المحكوم بها على المشتكى عليه هي الحبس أربعة أشهر والرسوم والغرامة 200 دينار)؛ حيث صدر هذا القرار القضائي الوجاهي في منتصف شهر شباط (فبراير) من العام الحالي. اقرأ أيضاً:  اضافة اعلان