شبيحة الجيش الحر في عمان!

كثر في الآونة الأخيرة السجال بين أنصار مشروع "تحرير سورية" من براثن النظام "النصيري" العلوي، الذي اكتشف أعداؤه، وبمحض الصدفة، أنه نظام غير إسلامي ولا عربي، ولا يمت إلى التوحيد بصلة، واعتبار ذلك يقتضي البطولة (بين هلالين) لقتال هؤلاء الروافض.اضافة اعلان
وبمحض الصدفة أيضا -والله بمحض الصدفة، كما تقول مفردات كلمات الشاعر العربي الكبير مظفر النواب في قصيدته الشهيرة "تل الزعتر"- يتلاقى المشروعان الديني الداعي للتحرير والقتل بدم بارد، وبنفس عقلية النظام وربما في حالات أخرى القتل بشكل أفظع منه، مع المشروع الصهيوني-الأميركي-التركي، وطبعا المال العربي الذي يمول هذه الحملة لجلب رأس الدولة الوطنية في سورية، للقضاء على أي شكل محتمل للدولة، وليس النظام السوري كما يروج الخطاب الإعلامي المدفوع الثمن والموقف!
والحرب طالتنا على الساحة الأردنية، حيث شهدنا هجمات مكثفة تشن هنا أو هناك من قبل أنصار شبيحة الجيش الحر فرع الأردن على كل من يحاول أن يقدم وجهة نظر يختلف فيها معهم، بل إنهم لا يتوانون عن شتم كل من يقدم تحليلا يختلف عن التفكير السطحي الذي يحتكم إليه البعض. وهم بذلك يستحقون عن جدارة لقب "شبيحة الجيش الحر"!
أعلم تماما أنني بهذا المقال سوف أحسب تلقائيا على أنصار النظام السوري، وربما أصبح أيضا من "الشبيحة"؛ فشبيحة الجيش الحر عندنا في الأردن لا يفرقون بين وجهات النظر التي تدافع عن الدولة الوطنية السورية وبين تلك التي تدافع عن النظام السياسي السوري، أو بين من يدافع عن المشروع العروبي والمشروع الصهيوني، أو بين من يقرأ الحدث قراءة استراتيجية ومن يقرؤه قراءة سطحية. ولا نعرف متى سنسمع عن مسلسل التكفير والانضمام إلى معسكر الروافض من قبل وكلاء الله على الأرض!
ولا ننسى أيضا شبيحة فرع السفارات للجيش الحر، الذين يرتبطون بشكل عضوي مع الأجندة الأميركية الصهيونية في المنطقة، والذين عبروا عن التحالف المبكر مع مشروع التفكيك بكل صراحة ووضوح قبل حرب التحرير في سورية الروافض، وكان هدفهم وما يزال هو تفكيك الدولة الأردنية. لذلك نشاهد صور التحالف غير البريء الذي يعبر عن صيغة التحالف ذاتها التي تهاجم الدولة السورية الآن. الذي يريد من الأردن أن يكون طرفا في الحرب الدولية الدائرة في سورية، يدفع البلد إلى انتحار. ويشكل أنصار هذا الاتجاه خطرا كبيرا على الأمن الوطني الأردني، وهم جزء من مشاريع التسوية على حساب الأردن!
البكاء على الحرية في سورية والقتل المجاني، والبكاء على الديمقراطية، يشخص في الحالة الأردنية في ثلاثة سياقات:
الأول: تحت عنوان ما يطلبه المستمعون. وهذا العنوان يصلح لكثيرين ممن يكتبون ويتباكون لجذب الجمهور من المريدين لمتابعة مواقفهم وكتاباتهم.
الثاني: أصحاب المواقف والأجندات المدفوعة الثمن؛ فهم لا يقومون بدورهم التمثيلي ذلك بشكل مجاني، بل ثمة ثمن يجب قبضه، ودور يتوجب عليهم القيام به.
الثالث: التيار البريء الذي يدعو إلى التغيير في سورية، بدون أن يعرف طبيعة الصراع الدائر هناك، ويحسب أن القصة ربيع عربي!

[email protected]